الهدف من أنفاق حزب الله القيام بضربة افتتاحية تسبق السيطرة على مستوطنات في الشمال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • لا يقع النفق الأول الذي عثر عليه الجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع لبنان داخل المطلة نفسها، كما يمكن أن يُفهم خطأ من تقارير صحافية ظهرت يوم الثلاثاء، بل يقع على بعد مئات الأمتار جنوبي غرب المستوطنة. فبعد مسافة قصيرة بالسيارة العسكرية نعبر فيها بساتين تفاح في المطلة نصل إلى حقل كبير ملاصق للسياج الدفاعي على طول جزء من الحدود يطل على المستوطنة. هناك يقوم عدد من الجرافات والحفارات من أنواع متعددة بالحفر، ينشط حولها عشرات الضباط والجنود.
  • في موقع محصن يجلس جندي يشغّل كاميرا تصور ما يجري من تحته في داخل النفق. هذه هي الأداة التي بواسطتها جرى تفجير عبوة ناسفة، عندما حاول عناصر حزب الله تفكيك الكاميرا تحت الأرض - وهي التي زودتنا بالصورة المضحكة لعنصرين من حزب الله يلوذان بالفرار، في شريط فيديو سمح الجيش الإسرائيلي بنشره.
  • طُلب من الصحافيين الذين دخلوا بالأمس إلى الحقل، الذي يُعتبر الآن منطقة عسكرية، عدم تصوير ما يحدث. قيود كهذه لا تسري على طواقم التلفزيون التي تجمعت في  الجانب اللبناني من الحدود. وهؤلاء انتشروا على الجبل المطل على الحقل ووثقوا بدقة ما يجري في الجانب الإسرائيلي. تحاول القيادة اللبنانية عملياً التقليل من أهمية العثور على الأنفاق - رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري من حركة أمل، قال أمس إنه يحق لإسرائيل أن تحفر كما تشاء طالما أن الأمر يجري في أرضها - لكن يبدو أنهم في جنوب لبنان بدأوا يدركون أن ما حدث هو تطور جوهري.
  • جولة قصيرة في مكان موقع النفق الأول، مع ضباط من القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، تسمح لنا بأن نفهم بصورة أفضل خطة عمل حزب الله المفترضة، وبحسب تقديرات استخباراتية، لم يكن هناك موعد محدد وضعه الحزب للبدء بحرب ضد إسرائيل. ما يجري هو تحضير لعملية محتملة في المستقبل، من المفترض أن يُستخدم فيها النفق كجزء من ضربة افتتاحية بحسب العقيدة القتالية عينها التي تستخدمها "حماس" في قطاع غزة.
  • في حزيران/يونيو 2014، في مقال نشرته مجلة "معراخوت"، عرض ضابط من شعبة الاستخبارات في الجيش التغييرات التي طرأت على خطة عمل حزب الله. عندما بدأ الأمين العام للحزب حسن نصر الله بالتهديد بـ"احتلال الجليل"، لم يكن كلاماً لا طائل تحته. حزب الله ومشغّلوه الإيرانيون يعلمون أنهم ليسوا قادرين على الانتصار على الجيش الإسرائيلي أو طرده من مناطق واسعة من الجليل.
  • لقد كان يريد شيئاً مختلفاً: توجيه ضربة مفاجئة في بداية الحرب تجتاز في إطارها قوات كوماندوس الحدود، وتسيطر على مستوطنات أو مواقع عسكرية معزولة فترة من الزمن وتهاجم قوات الإسناد التي سيدفع بها الجيش الإسرائيلي إلى المكان. منذ ذلك الحين جرى تطوير الخطة على خلفية عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة، وفي الأساس في أعقاب التجربة القتالية التي راكمها لأول مرة مقاتلو الحزب في العمليات الهجومية المعقدة نسبياً التي قاموا بها في الحرب الأهلية في سورية. لقد أدرك الحزب، بخلاف حرب لبنان الثانية، أنه ليس من الضروري أن يكتفي بالتحصن الدفاعي الذي يجعل من الصعب تقدُّم القوات الإسرائيلية في عمق أراضيه.
  • من المفترض أن تسمح الأنفاق لسرايا النخبة في حزب الله، قوة الرضوان، بالتسلل إلى داخل أراضي إسرائيل من دون اكتشافها خلال الاجتياز. النفق الذي عُثر عليه بالقرب من المطلة هو أقل عمقاً وطولاً من الأنفاق التي عرفها الجيش في الجنوب. لكن أيضاً يمكن من خلاله الدفع بعشرات المقاتلين إلى أرض العدو، خلال وقت قصير، وقوة كهذه يمكن أن تنتشر جنوبي الحدود، وأن تسيطر على مواقع استراتيجية، وتعرقل عمليات الجيش الإسرائيلي بواسطة القناصة وكمائن صواريخ مضادة للدبابات.
  • فور عبور هذه القوات الأنفاق، وعندما يُكتشَف الهجوم، من المتوقع وصول قوات أكبر تجتاز الحدود. المطلة هي هدف مطلوب من حزب الله، لأن هناك طريقاً واحدة تؤدي إليها مرتفعة نسبياً. ويبدو أنه في الوقت عينه،  من المفترض أن تتسلل سرايا أُخرى عبر أنفاق أُخرى و تقوم بنشر خلايا فرعية في نقاط استراتيجية على طول الهضاب في أرض إسرائيل، بهدف منع الجيش الإسرائيلي من توجيه قواته شمالاً.
  • قيادة الشمال، والاستخبارات العسكرية والوحدة الهندسية للمهمات الخاصة، مستعدون لعملية يمكن أن تستمر أسابيع وقد تستغرق أشهراً، من أجل العثور على الأنفاق الأُخرى. يشعر المستوى السياسي والجيش حتى الآن بثقة كاملة بالنفس، وبجودة معلوماته الاستخباراتية المتعلقة بخطر الأنفاق. والانطباع هو أن عمليات البحث تتركز في مناطق محددة، يمكن فيها التوصل إلى العثور على أنفاق إضافية. في الجيش لا يتأثرون بالانتقادات التي تقول إنه كان في الإمكان القيام بخطوة هجومية وأكثر ردعاً ضد الأنفاق. الهدف هو إزالة التهديد وأيضاً احتواء الوضع على طول الحدود - لمنع الانزلاق نحو تصعيد ضد حزب الله. من المعقول الافتراض أن الحزب كان سيرد بقوة على تجاوز الحدود في تحرك يقوم به الطرف الثاني. وخطوة كهذه كان يمكن أن تتطور إلى بضعة أيام من القتال ضد مواجهة حزب الله، إن لم يكن إلى حرب شاملة في الشمال.
  • في نظر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كما في نظر رئيس الأركان غادي أيزنكوت، العملية كانت ضرورية تماماً في التوقيت الحالي. فالشروط العملانية والتكنولوجية للعثور على الأنفاق نضجت في الأشهر الأخيرة. في المقابل، كان التقدير أنه عند الحاجة كان في إمكان الحزب تحضير هذه الأنفاق لعملية عسكرية خلال أسابيع معدودة.

في الأسابيع المقبلة تنوي إسرائيل استخدام العثور على النفق لأغراض سياسية، كما فعلت أيضاً مع أنفاق "حماس". وسيحوّل نتنياهو الموقع بالقرب من المطلة إلى "نموذج نفق" ويدعو الدبلوماسيين من شتى أنحاء العالم إلى زيارته، من أجل إثبات نوايا حزب الله الهجومية. العثور على النفق هو مرحلة في معركة إسرائيلية مستمرة ضد إيران وحزب الله. وبحسب كل المؤشرات، جميع الأطراف تنوي مواصلة هذه المعركة في السنة المقبلة أيضاً.