الأزمة بين روسيا وإسرائيل على خلفية إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في سورية لا تزال عميقة
تاريخ المقال
المصدر
- استشاط الروس غضباً وقام ضباط الاتصال الروس في قاعدة "حميميم" في سورية بتوبيخ نظرائهم الإسرائيليين في إثر قيام سلاح الجو الإسرائيلي بعمليات قصف جديدة في سورية، كشف النقاب عنها مصدر سياسي رفيع في القدس هذا الأسبوع. ويبدو أن هذا المصدر السياسي رغب في إبداء تصميم إسرائيل والإيحاء عبثاً بأن نشاط الجيش الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سورية عاد إلى مجراه الطبيعيّ، غير أن القصة الواقفة من وراء هذا القصف الجويّ تدل بالذات على عمق الأزمة بين روسيا وإسرائيل، والتي بدأت في إثر إسقاط طائرة استطلاع روسية خلال هجوم إسرائيلي، ولم تجد حلاً لها بعد.
- ووفقاً لمواقع التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط، التي تتابع عن كثب النشاطات العسكرية في سورية، جرى القصف الإسرائيلي المذكور قبل أكثر من شهر، وبعد أن اتهمت روسيا إسرائيل بمقتل 15 عسكرياً روسياً كانوا على متن طائرة الاستطلاع التي أُسقطت بمضادات الدفاع الجوي السورية.
- ويمكن التقدير أن هذا القصف تم بهدف فحص ردة الفعل الروسية ومحاولة تخمين عمق الأزمة بين روسيا وإسرائيل. وجرى القصف في وضح النهار وبُلّغ الروس به مسبقاً. وهذه المرة أطلق السوريون خلال القصف نيران دفاعاتهم الجوية في كل الاتجاهات.
- وأعرب الروس عن احتجاجهم الشديد من خلال منظومة الاتصال العسكرية الروسية- الإسرائيلية. وكان الأمر الوحيد الذي في إمكان إسرائيل أن تتعزّى به هو حقيقة أن الروس اختاروا عدم نشر نبأ القصف على رؤوس الأشهاد، كي لا يعمقوا الأزمة أكثر فأكثر. كما أن الروس اختاروا عدم التعقيب على التسريب الإسرائيلي الجديد بشأن هذا القصف. واحتل نبأ القصف مكانة هامشية في وسائل الإعلام الروسية.
- وتؤكد مصادر أمنية رفيعة المستوى في إسرائيل أن الأزمة مستمرة لأن الروس يحاولون أن يفرضوا على إسرائيل قواعد تنسيق جديدة لا يمكنها قبولها، نظراً إلى أن من شأنها أن تقيّد كثيراً فاعلية الهجمات الإسرائيلية في سورية، وأن تشكل خطراً ملموساً على الطائرات الإسرائيلية، وأن تتسبّب بتسريب معلومات استخباراتية إلى العدو الإيراني والسوري.
- أمس، أعلن الناطق بلسانوزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف أن روسيا ماضية بتدريب القوات العسكرية السورية على استخدام وتشغيل منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 300"، بناء على تعليمات القيادة الروسية، ونصح كل من تسوّل له نفسه بتفادي الاستفزازات في الأجواء السورية. وقال كوناشينكوف: "أنصح ذوي الرؤوس الحامية بالابتعاد عن الاستفزازات وتقويم الوضع بشكل منطقي". ولم يوضح من يقصد بهذا التصريح. لكن الناطق بلسان الدفاع الروسية أوضح أنه "في الوقت الحالي يتم تدريب العسكريين السوريين على الاستخدام القتالي لمنظومة إس 300".
- ومنذ إسقاط الطائرة الروسية قبل شهر ونصف الشهر هناك قطيعة مطلقة بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ووزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. وجميع محاولات ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية عقد اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باءت بالفشل ولم تحظ بأي تجاوب من طرف الكرملين. ولا شك في أن هذه القطيعة بين الجانبين تزيد من صعوبة حل عدد من المشاكل المبدئية. ومن هذه المشاكل مثلاً تحفظ إسرائيل على عدم قيام الروس بتطبيق تعهداتهم السابقة بإبعاد الإيرانيين عشرات الكيلومترات عن منطقة الحدود السورية- الإسرائيلية في هضبة الجولان. فمن ناحية فعلية، ثمة إيرانيون مندمجون في الجيش السوري النظامي ويجلسون في الجولان السوري في مقابل إسرائيل. وتؤدي القطيعة القائمة إلى عدم تمكن الإسرائيليين من حثّ الروس على تنفيذ تعهداتهم بهذا الشأن.
- كما أن التسريبات من ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بشأن التحضير لاجتماع سيُعقد بين بنيامين نتنياهو وبوتين في باريس يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، تبدو سابقة لأوانها. فقد أعلن الناطق بلسان الرئاسة الروسية، ديمتري باسكوف، أول أمس (الثلاثاء)، أن الاجتماع الوحيد المخطط عقده في باريس هو بين بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وذلك على هامش احتفالات زعماء العالم بذكرى مرور 100 سنة على انتهاء الحرب العالمية الأولى. وأضاف باسكوف: "ستكون هناك مراسم كثيرة، وبالتأكيد سيتبادل بوتين بعض الكلمات مع زعماء آخرين، بمن في ذلك نتنياهو".
- ويدّعي المسؤولون في إسرائيل أن السياسة الإسرائيلية التي تنص على التعرّض لأي تموضع عسكري إيراني في الأراضي السورية، وعلى تشويش أي محاولة تهريب وسائل قتالية إيرانية من سورية إلى حزب الله في لبنان، لا تزال مستمرة كالمعتاد. ويؤكد هؤلاء المسؤولون أنه لهذا الغرض تقوم إسرائيل بنشاطات كثيرة. لكن من المشكوك فيه أن يدور الحديث حول نشاطات بالوتيرة التي عرفناها حتى موعد إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية.