لماذا لا يوجد بديل من نتنياهو لرئاسة الحكومة؟
تاريخ المقال
المصدر
- تقريباً كل نقاش بشأن بنيامين نتنياهو ينتهي بسؤال ثابت ودائم: من تريدون أن يحل محله؟ الأكيد أن ليس هناك من يصل إلى رسغ قدمه! من سيحل مكانه؟ هذا السؤال لا يطرحه فقط أنصار رئيس الحكومة. الكل تقريباً يشارك في طرح السؤال: الجمهور الكبير الذي لا يتعاطف في الحقيقة مع الرجل، لكنه لا يرى أي بديل آخر، وحتى أولئك الذين يشعرون بالاشمئزاز العميق من الهاوية التي يقود نتنياهو الديمقراطية الإسرائيلية إليها. جميعهم يبحثون عن بديل، ولا يجدونه.
- في الأيام الأخيرة عرفنا لماذا لا يوجد بديل. ليس فقط لأنه سيطر على المؤسسات الأكثر أهمية في ديمقراطيتنا، وأغلق قنوات التزود بالأوكسيجين على المؤسسة السياسية، بل لأنه يتخلص بطريقة جز العشب من كل شخص يمكن أن يهدد يوماً ما مكانته أو أن يتحداه. وهو يفعل ذلك بواسطة أدوات مختلفة بناها لنفسه. وهو لا يستطيع فعل ذلك من دون خدمات عشيرة كبيرة من الخرانيت المدجّنة والمتملقين الذين يقاتلون بعضهم بعضاً من أجل تحقيق أهوائه، وينبطحون أمام السيدة [سارة نتنياهو] ويمدحون العائلة كلها ويشيدون بها.
- أدوات العمل متنوعة: الأهم بينها هو قانون التبريد الفاشي [القانون الذي يفرض مرور مهلة زمنية معينة قبل السماح للمتقاعدين من مناصب عسكرية بالدخول في معترك الحياة السياسية] الذي يهدف إلى إغلاق الانتقال من المؤسسة الأمنية إلى القيادة السياسية، هذا الانتقال الذي غذى الزعامة الإسرائيلية وأغناها طوال أجيال. كل هذا تبدد من خلال القانون الذي مرره يوفال شتاينتس وأفشالوم فيلين، والذي يمنع رؤساء الأركان، ورؤساء الموساد، ورؤساء الشاباك، وجنرالات الجيش، وكبار القادة الأمنيين من إمكان وضع خبرتهم ومؤهلاتهم في خدمة الدولة بعد خروجهم من الحياة العسكرية. ويجب أن تمر أربع سنوات كاملة (ثلاث سنوات تبريد وسنة تكيّف) إلى أن يستطيع هؤلاء الأعضاء الانضمام إلى الحياة السياسية.
- صحيفة "يسرائيل هَيوم" هي بين الأدوات القوية التي تهدف إلى قطع رأس كل من يجرؤ على رفعه، وقطع كل يد مرفوعة أو غير مرفوعة، ولو من أجل حك الأذن لحظة، وبالإضافة إلى مواقع إعلامية أُخرى وجيش من البوستات في وسائل التواصل الاجتماعي، ينال فيها كل من يجرؤ على أن يكون له وجود سياسي مستقل على الخريطة السياسية "معاملة سعودية": يجري استدعاؤه إلى الداخل ويُذبح ويجري إخراجه قطعاً. بعدها هم لا يخجلون من تعزية العائلة. هذا الأسبوع جاء دور جدعون ساعر. وهذه ليست المرة الأولى. المشكلة الوحيدة أن ساعر يعرف كيف يقاتل ويرد. في المرة الوحيدة التي تواجه فيها ساعر وجهاً لوجه مع نتنياهو ألحق ساعر به هزيمة نكراء. ومن المفيد العودة إلى تلك المرة التي زُرعت فيها بذور الجحيم التي برزت هذا الأسبوع.
- جرى ذلك في انتخابات رئاسة الدولة التي حدثت قبل 4 سنوات. يومها كان لدى الليكود مرشح مناسب، اسمه رؤوفين ريفلين. عضو في حركة بيتار [للشبيبة الصهيونية]، تصحيحي، مقدسي المولد. عضو موثوق به في حزب السلطة. كان هناك مشكلة واحدة فقط: زوجة نتنياهو لم تكن تطيق ريفلين. هو لا ينتمي إلى طائفة المتملقين التي تحيط بها.لقد كان (ولا يزال) ديمقراطياً حقيقياً، وقد ثار هنا وهناك ضد مسعى تحويل الديمقراطية الإسرائيلية إلى نظام ملكي مبتذل. ورفض، بخلاف كثيرين آخرين، الدخول إلى حلقة مهرجي البلاط الذين يدورون في خدمة صاحبة الجلالة. حينها جاءت التعليمات إلى نتنياهو: عليك أن تفعل كل ما في وسعك لتمنع روبي [ريفلين] من الوصول إلى قصر الرئاسة.
- وكما هو معروف، فعل كل ما في وسعه، وخاض جهاداً مجنوناً ضد مؤسسة الرئاسة بحد ذاتها. وحاول إلغاء موقع الرئاسة قبل أربع ساعات من الانتخابات الرئاسية. وعرض الرئاسة على كل الذين التقاهم، بمن فيهم أرنون ميلشتاين [رجل أعمال إسرائيلي متهم بالفساد]، وإيلي فيزل [كاتب يهودي معروف بمؤلفاته عن المحرقة النازية، توفي سنة 2016] الذي لم يفهم قط ماذا كان يحدث من حوله.