• منذ قمة كامب دايفيد في سنة 2000، تمحور جدول الأعمال السياسي حول خطة الدولتين. في تلك القمة كسر رئيس الحكومة إيهود باراك الإجماع الوطني، وتخلى عن المسار السياسي لحزب العمل، وحطّم الخطوط الحمراء في إرث يتسحاق رابين السياسي.
• لقد التف باراك على حركتيْ ميرتس والسلام الآن، وعرض صيغة دولتين على أساس خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، مع تبادل طفيف للأراضي. واقترح دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وتنازل عن وادي الأردن. وعلى الرغم من رفض الفلسطينيين الاقتراح وبدئهم بهجمات إرهابية دموية، فإن اقتراح باراك يشكل حتى اليوم أساساً لنقاش أي سيناريو مستقبلي. "خطة كلينتون" اعتمدت على هذا الاقتراح، وخطة أولمرت، ومحاولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التوصل إلى اتفاق بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية .
• مرّت سنوات على اتفاق أوسلو، بما فيها الانتفاضة الثانية ونتائج الانفصال [عن قطاع غزة في سنة 2005]، ولم يحدث تغيير جوهري: لا تزال هذه هي الخطة الوحيدة المطروحة، والجمهور الإسرائيلي منقسم بشأنها. معارضو الاتفاق لم يكلفوا أنفسهم عناء تقديم خطة بديلة؛ ويكفيهم أن الواقع دحض فكرة الدولتين. من جهتهم، مؤيدو الاتفاق لايشعرون بالحاجة إلى فحص طريقهم، ومن المريح أكثر بالنسبة إليهم التصرف كأقلية صغيرة "محقة"، وهم يكتفون باتهام إسرائيل بالرفض.
• إذا كان في الإمكان الاعتماد على كلام أبو مازن، وثمة ما يدعونا إلى التشكيك بصدقيته، فإن إدارة ترامب تدرس الآن من جديد فكرة الكونفدرالية كإطار لحل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. إن مجرد وجود هذا النقاش يبعث روحاً منعشة، ويثبت أنه بالإمكان طرح خطة جديدة وخلاّقة على جدول الأعمال، كبديل من حل جرى صوغه وفشل، لكنه لا يزال يُعتبر "صيغة لا مثيل لها".
• "كونفدرالية أردنية- فلسطينية" هي مصطلح غامض وعرضة لتأويلات متعارضة. فإذا كانت الرغبة هي إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود سنة 1949 تتحول لاحقاً إلى جزء من كونفدرالية مع الأردن، فإنها لا تشكل رداً ناجعاً على الخطر الكامن في حل الدولتين.
• أيضاً الفكرة التي عرضها أبو مازن بشأن كونفدرالية تشمل إسرائيل هي فكرة مجنونة تهدف إلى خلق كيان سياسي يصبح فيه اليهود أقلية، وشروطها الانتقالية ستسمح بتحقيق "حق" العودة، وستُغرق الجزء اليهودي من الكونفدرالية بملايين الفلسطينيين.
• مع ذلك، إذا استطاع النقاش اختراق الفخ الفكري "لدولتين" بين البحر والنهر، يمكن أن يتبين لنا أن فكرة الكونفدرالية [بين فلسطين والأردن] هي حل جدير بالثناء. وإذا تضمنت الخطة تسوية إقليمية معقولة تتحول فيها المناطق الفلسطينية ذات الكثافة السكانية في يهودا والسامرة، وليس كل المنطقة، إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح، واقعة ضمن كونفدرالية مع الأردن، سيكون في الإمكان تحريك نقاش جديد. وإذا جرى التعهد بأن اللاجئين الفلسطينيين يستطيعون السكن في الأردن الذي سبق أن منح اللاجئين الفلسطينيين الذين يسكنون في تخومه الجنسية، والحصول على الجنسية الأردنية، وإذا احتفظت إسرائيل بوادي الأردن وصحراء يهودا والقدس الكاملة وكتل المستوطنات، سيكون من الممكن أخيراً أن نتخيل بديلاً فكرياً ملائماً غير خطة الدولتين.
الكونفدرالية- فرصة للنقاش من جديد
تاريخ المقال
المصدر