• دفعت إيران ثمناً باهظاً لتدخلها العسكري في سورية منذ 2014، آلاف القتلى من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، ومن حزب الله اللبناني، والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية. ووظفت مليارات الدولارات في تقوية نظام الأسد وفي الحرب ضد خصومه. وكان لذلك تأثير داخلي إيراني: الآف الناس تظاهروا احتجاجاً في الأشهر الأخيرة في إيران ضد النظام، جراء الضائقة الاقتصادية، وهتفوا "الموت لسورية" والموت لفلسطين". وقصدت هتافاتهم التوقف عن تحويل الأموال إلى الأسد و"حماس"، وتحويلها من أجل رفاه الشعب الإيراني، واعادة قواته إلى الوطن.
• الآن يقترب موعد الاستحقاق. نظام الأسد بدأ يستقر، والحكومات التي تدخلت في الحرب السورية تفحص التسوية الممكنة. على هذه الخلفية، تسعى إيران إلى أن تكون الطرف الخارجي الأساسي المؤثر لعدة أسباب: سورية كانت الحليف الوحيد للنظام الإيراني منذ وصوله إلى الحكم؛ وهي تشكل قاعدة مهمة لتوسيع النفوذ الإيراني أيضاً في العراق وفي لبنان، حيث توجد أغلبية سكانية شيعية، وما لا يقل أهمية أن إيران تعتبر سورية ولبنان جبهة متقدمة لها في مواجهة إسرائيل.
• من أجل تقوية مكانتها، تسعى إيران إلى تعزيز علاقتها الأمنية مع سورية، وفي مركزها، الاحتفاظ بقوة عسكرية هناك لوقت طويل بهدف تدعيم نظام الأسد، وتأبيد نفوذها ومفاقمة التهديد على إسرائيل. في المقابل، تعمل إيران على توثيق العلاقات الاقتصادية مع سورية، أيضاً من أجل استعادة جزء من النفقات الضخمة لتدخلها العسكري. بالاضافة إلى ذلك، تبني إيران علاقات مع أطراف مختلفة في سورية، من أجل انشاء ميليشيا شيعية في حال سقوط نظام الأسد.
• لكن هذه الجهود تواجه عقبات. منذ 2015 دخلت إلى الساحة روسيا، التي تقدم مساعدة عسكرية مهمة للأسد، وتملك قاعدة جوية وقاعدة بحرية منذ عشرات السنوات، وحلّت تدريجياً محل إيران كطرف خارجي اساسي مؤثر في سورية وفي تحديد مستقبلها، واستغلت مكانتها لتوسيع علاقاتها الاقتصادية والعسكرية، على الرغم من إرادة إيران وعلى حساب علاقتها مع نظام الأسد.
• أيضاً تواجه رغبة إيران في بقاء القوة العسكرية التي أرسلتها إلى سورية لمدة طويلة صعوبات. فإسرائيل تهاجم باستمرار أهدافاً عسكرية إيرانية –شيعية، بغطاء أميركي، بينما القوات الإيرانية مكشوفة وليس لديها رد على الهجمات. لقد أوضحت روسيا أنها غير قادرة على اخراج القوات الإيرانية من سورية، لكنها مستعدة للعمل على بقاء هذه القوات على مسافة 85 كيلومتراً من حدود إسرائيل. وعلى الرغم من التعاون مع إيران في القتال في سورية، فإن روسيا لا تساعدها على مواجهة الهجمات الإسرائيلية، وتترك حرية العمل لسلاح الجو الإسرائيلي.
• هذا الوضع المعقد هو وراء الاتفاق الأمني الموقع مؤخراً بين إيران وسورية، والذي يتناول من بين أمور أخرى المساعدة الإيرانية لاعادة بناء الجيش والصناعة العسكرية في سورية. ويحمل هذا الاتفاق رسالة إلى روسيا هي أن لإيران قاعدة صلبة من العلاقات العسكرية مع سورية. ومن المحتمل أن يشكل الاتفاق غطاء لبقاء القوات الإيرانية/الشيعية في سورية لوقت طويل تحت غطاء "مستشارين عسكريين".
• مشكلة إيران ستتفاقم عندما سيجري الاتفاق على تسوية في سورية، من المحتمل أن تشمل مطالبة بخروج القوات الأجنبية من سورية ومن بينها القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية. وعلى ما يبدو، ستؤيد الولايات المتحدة وأيضاً تركيا هذه المطالبة. ومن المحتمل أن تؤيدها روسيا أيضاً، إدراكاً منها بإن استمرار وجود القوات الإيرانية في سورية سيؤدي إلى مواجهات لا تنتهي بين إيران وإسرائيل، وستؤدي إلى زعزعة الوضع في سورية. وفي هذه الحالة فإن الاتفاق الأمني لن يكون مفيداً لإيران.
إيران تقاتل من أجل مكانتها في سورية
تاريخ المقال
المصدر