من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
• دونالد ترامب يحشر الفلسطينيين في الزاوية، وهناك يوجه إليهم ضربات قاضية ويهينهم إلى أقصى حدّ، وكل ذلك كما يقولون لنا، لإقناعهم بالعودة إلى طاولة المفاوضات. صحيح أن الفلسطينيين يقاطعون الولايات المتحدة منذ الصفعة التي تلقوها في قرار نقل السفارة [الأميركية] إلى القدس، لكن المبدأ الذي يوّجه سياسة ترامب إزاءهم هو: من لا يأتي بالقوة يأتي بالمزيد من القوة، وكلما عاقبه كلما تنازل وتراجع، وإذا لم يحدث ذلك، فإن بنيامين نتنياهو وشيلدون أدلسون وملايين الإنجليين سيكونون راضين.
• إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية هو فقط الضربة الأخيرة من سلسلة ضربات يتعرض لها الفلسطينيون من ترامب ومن كونغرسه الجمهوري، بوتيرة متسارعة. يهاجمهم ترامب بقوة وعلى كل الجبهات. فهو يقف إلى جانب إسرائيل في كل وضع، ويوبخ الفلسطينيين في كل حالة. يبعد عنهم العالم العربي، ويقيد خطواتهم في الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية. ويبعد عن طاولة البحث، بتخرصاته، مطالبهم الوطنية المركزية بشأن موضوعات أساسية مثل القدس واللاجئين.
• يقلص ترامب مساعدته المباشرة إلى السلطة الفلسطينية ويوقف تمويل الأونروا، وقلبه القاسي لا يشفق على مرضى السرطان الذين يعالجون حتى الآن بمساعدة 25 مليون دولار التي خصصتها الولايات المتحدة للمستشفيات في القدس الشرقية. يطبق ترامب فعلياً المبدأ الذي وضعه إيفلين باركر [1894-1983] القائد المعادي للسامية للقوات البريطانية في أرض إسرائيل، في صراعه مع اليهود بعد تفجير فندق الملك داوود: ضربهم مادياً وإذلالهم.
• بتخطيط من بنيامين نتنياهو، وبإدارة سفيرنا رون دريمر، وبمساعدة سفيرهم ديفيد فريدمان، وبتشجيع من كبار المتبرعين والمؤمنين المسيانيين الذين يحيطون بترامب، الحلم الجميل لليمين الإسرائيلي بدأ يتجسد. من حظنا أننا حصلنا على رئيس يعطي إسرائيل شيكاً مفتوحاً كي تتصرف على هواها، والذي بالنسبة إليه المستوطنات والتعرض للفلسطينيين لا يهمانه في شيء، ولقد تنبى البديهية اليمينية بشأن الوقوف بصلابة في مواجهة الفلسطينيين، بهدف تبديد أوهامهم، وتخفيض توقعاتهم، وإغلاق طرق النجاة في وجوههم وإعادتهم إلى أرض الواقع، من خلال إذلالهم وتوجيه لكمة قوية.
• لكن التاريخ يعلمنا أن الإذلال الوطني يؤدي عموماً إلى نتائج عكسية. فهو يقوي وطنية الذين تعرضوا للإذلال، ويزيدهم إصراراً على الدفاع عن كرامتهم. كما أنه يترك جرحاً مفتوحاً لن يلتئم بسرعة. تحتفل الصين هذا الأسبوع رسمياً "بيوم الإذلال الوطني" لإحياء ذكرى الإساءات التي تعرضت لها من اليابان والدول العظمى في القرنين التاسع عشر والعشرين، هذا الإذلال هو الذي يحرك اليوم، بعد مرور 100 عام، سياسة "ولا شبر" التي تنتهجها بيونغ يانغ في الشرق الأقصى.. الهند ما تزال تحارب في روحها الاستعمار البريطاني المهين، وروسيا ما تزال في حداد على خسارتها مكانتها كدولة عظمى، وتركيا لم تتعاف بعد من انهيار السلطة العثمانية، والعالم العربي ما يزال يعاني من صدمة الإذلال ومصاب بالشلل بسببها. الولايات المتحدة نفسها نشأت نتيجة الثورة ضد سياسة الضرائب المهينة للحكام البريطانيين، وهي ما تزال ترد على الإذلال الذي تعرضت له قبل 17 عاماً من خلال الهجمات على البرجين التوأمين.
• هذا من دون التحدث عن الشعب اليهودي، الذي يشكل نضاله ضد المحتلين روحه الوطنية، من ثورة المكابيبن مروراً بحصار يودفا ومتسادا، وحتى ولادة الصهيونية وإقامة إسرائيل. يبدو أن ترامب ونتنياهو يعتقدان أن الفلسطينيين يشذون عن القاعدة، ويختلفون عن الجميع وهم أقل منهم، وأن إهانتهم ستؤدي إلى الاستكانة والخضوع، وسيرضون بخطة سياسية تعطيهم عشر ما يشتهون، أو سيوافقون على أن يعيشوا إلى الأبد كرعايا خانعين في ظل الضم الإسرائيلي الزاحف بقوة. إنهم يشكلون قنبلة موقوتة لا نعرف كيف نوقفها قبل أن تنفجر بنا جميعاً.