دولة فلسطينية أولاً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أول أمس كشف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس شيئاً قليلاً من الاقتراح الذي قدمه له موفدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبحسب كلامه، سُئل عن رأيه في فكرة الكونفدرالية مع الأردن، وردّ أنه مستعد للموافقة على الاقتراح، شرط أن تكون إسرائيل أيضاً جزءاً من هذه الكونفدرالية. إذا لم يكن المقصود مجرد خواطر أميركية فارغة بل نية جدية تشكل جزءاً من "صفقة القرن" لترامب، فإن الأمر يستحق الفحص.
- فكرة الكونفدرالية ليست جديدة، فقد طرحها الملك حسين ملك الأردن وياسر عرفات في الثمانينيات كوسيلة للدفع قدماً بمصالح الطرفين. لكن الخطة أُهملت بسبب خلافات بين الزعيمين حتى سنة 1988، حين ألغى الملك حسين الارتباط بين الأردن والضفة. ومنذ ذلك الحين أصبح الفلسطينيون يمثلون أنفسهم ويدفعون قدماً بتطلعهم إلى الدولة المستقلة.
- اصطدم سعي الفلسطينيين للاستقلال بمعارضة من جانب إسرائيل، التي ترى في الدولة الفلسطينية تهديداً أمنياً، وخطراً على رؤيا أرض إسرائيل الكاملة وعلى وضع المستوطنات. وما دامت إسرائيل تتمسك بسياسة إفشال فكرة الدولة، أيضاً لن يكون هناك أمل لفكرة الكونفدرالية.
- الكونفدرالية بحسب التعريف المتوافق عليه هي تحالف بين دولتين مستقلتين، لديهما نفس النظرة إلى المصالح الاقتصادية والأمنية والوطنية، وتأملان بأن يكون التحالف مفيداً لهما. كونفدرالية أردنية - فلسطينية تفرض أولاً اعترافاً دولياً بالدولة الفلسطينية المستقلة وحدوداً معروفة. وعباس على حق في مطالبته بأن تكون إسرائيل شريكة في بنية الكونفدرالية، لأنه من دون اعتراف إسرائيلي بالدولة الفلسطينية وبمكانتها المساوية، لن يتحقق أيضاً الاعتراف الدولي.
- المطلوب من إسرائيل، التي صاغت الفكرة مع الإدارة الأميركية انطلاقاً، على ما يبدو، من رغبتها في الالتفاف على حل الدولتين لشعبين، توضيح موقفها إزاء الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحديد حدودها. في هذه المسألة لا تستطيع إسرائيل التهرب من مفاوضات مهمة تتناول جميع المسائل الجوهرية، وبينها وضع القدس، واللاجئين، والحدود، والمستوطنات والأماكن المقدسة. بالإضافة إلى ذلك، حتى لو نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق بشأن هذه المسائل، فإن ذلك لا يعني أن فكرة الكونفدرالية ستكون مقبولة من جانب الأردن.
- إن الإدارة الأميركية على خطأ عندما تعتقد أنها تستطيع أن تضع العربة أمام الحصان بواسطة خدعة الكونفدرالية، وإذا كانت نيتها جدية، فإنه يجب عليها الاعتراف بحق الفلسطينيين بدولة والطلب من إسرائيل دفع الثمن السياسي الذي تريده منها في مقابل "الهدايا" التي حصلت عليها منها.