مصر، و"حماس" وإسرائيل، كلهم ينتظرون عباس
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • بحسب الكلام الذي يقوله ممثلو الفصائل الفلسطينية الذين شاركوا في نقاشات القاهرة، فإن اتفاق التهدئة بين "حماس" وإسرائيل نضُج وكان من الممكن توقيعه قبل عدة أيام. لكن تدرك مصر و"حماس" أن مشاركة السلطة الفلسطينية في الاتفاق حيوية ومهمة لنجاحه. لذا قررت مصر استغلال فترة عيد الأضحى لإعطاء مهلة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لاتخاذ قرار بإرسال وفد من حركة "فتح" إلى القاهرة والتحول إلى طرف في الاتفاق.
  • يريد عباس أن يقود وفد "فتح" النقاشات بشأن اتفاق التهدئة، وأن يكون هو من يوقع الاتفاق، كون "فتح" هي التنظيم الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية والممثل الحصري والوحيد للشعب الفلسطيني.
  • من الواضح للجميع أن هذا لن يحدث. وما دام عباس يتمسك بهذا الموقف فإن فرص انضمام السلطة الفلسطينية كطرف في اتفاق التهدئة ضعيفة، مما سيجعل الاتفاق هشاً.
  • تمارس مصر ضغطاً كبيراً على محمود عباس لإرسال وفد عن "فتح" في نهاية عيد الأضحى. من المحتمل أن يرسل عباس الوفد فقط لاجراء مفاوضات مع الاستخبارات المصرية من دون حضور ممثلي "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى. وبحسب مصادر في "فتح" يحاول عباس أن يكسب وقتاً وأن يتزلف لمصر، وهدفه الرئيسي إفشال اتفاق التهدئة بين إسرائيل و"حماس". تعرف مصر نوايا محمود عباس، ولا خيار أمامها سوى أن تلعب اللعبة، لكن في نهاية العملية يمكن الافتراض أنها ستقف وتتهم علناً محمود عباس بمحاولة عرقلة مساعي التهدئة.
  • تتعامل مصر بجدية كبيرة مع الوضع في قطاع غزة الذي تعتبره "الساحة الخلفية" لمصر، وهي تريد ضمان استقرار حكم الرئيس السيسي والهدوء في شمال سيناء، حيث ما يزال ينشط تنظيم "ولاية سيناء" الذي يأتمر بأوامر داعش. وهدف مصر هو وقف التعاون بين "حماس" وداعش، ولقد نجحت حتى الآن في ذلك، فقد تخلت "حماس" عن داعش واستبدلت التحالف معه بالتحالف مع الاستخبارات المصرية.
  • ستكون الأيام المقبلة أياماً حساسة. فوقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في غزة هو اتفاق هش، وتواصل "حماس" مسيرات العودة وإرهاب الحرائق. كما وقعت حوادث إطلاق نار في اتجاه جنود إسرائيليين من دون وقوع إصابات، لكن إسرائيل لا تهاجم أهدافاً تقع في عمق القطاع لإعطاء فرصة لمواصلة جهود التهدئة.
  • التقدير لدى جميع الفصائل الفلسطينية هو أن محمود عباس غير مهتم باتفاق تهدئة وسيبذل كل ما في وسعه من أجل إفشاله. وفي نهاية الأمر، من دون السلطة الفلسطينية من المحتمل التوصل فقط إلى وقف إطلاق نار موقت، مع تواصل الجهود لإقناع محمود عباس بالمشاركة في الاتفاق.
  • اتفاق تهدئة من دون مشاركة السلطة الفلسطينية لن يحل المشكلات الأساسية لقطاع غزة، ومن المحتمل أن يؤدي إلى تحسن الوضع تحسناً طفيفاً، لكن من دون تغيير جوهري. معالجة جذور المشكلات في القطاع تتطلب اتفاقاً طويلاً للتهدئة يستمر عدة سنوات.
  • من الجدير تخفيض التوقعات إزاء ما يحدث على الأرض، فهناك أطراف داخل "حماس" غير مهتمة باتفاق تهدئة ويمكن أن تستغل الفترة الزمنية الناشئة من أجل تنفيذ عمليات إرهابية ستجعل من الصعب على إسرائيل أن تضبط نفسها من الناحية العسكرية وستؤدي إلى تجدد التصعيد.
  • كل يوم يمر من دون أن يتضح الوضع يشكل خطراً على اتفاق التهدئة. محمود عباس ليس متحمساً، وبالإضافة إلى تهديده بوقف تحويل المساعدة الشهرية للقطاع البالغة حوالي 96 مليون دولار إذا لم يتول قيادة اتفاق التهدئة، فإنه يهدد الآن بحل المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) حيث تملك "حماس" أغلبية الثلثين، ونقل صلاحياته إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
  • توقف الاتصالات بشأن اتفاق التهدئة ولو لفترة عيد الأضحى، يوقف اللحظة المؤاتية، ويمنح محمود عباس وقتاً من أجل حيل أخرى لإفشاله.

الأجواء في الشارع الفلسطيني متشائمة والتقدير أنه سيجري التوصل إلى اتفاق تهدئة لكن لن يجري التوصل إلى اتفاق مصالحة بين "فتح" و"حماس"، لذا سيكون اتفاق التهدئة هشاً ولن يصمد لفترة طويلة.