تمسُّك إيران بالاتفاق النووي ليس ناجماً عن الخوف من الإدارة الأميركية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • قرار وزير الخارجية الأميركية تشكيل طاقم له مهمة خاصة هي الدفع قدماً بالسياسة الواجب اتباعها في مواجهة إيران، وتعيين دبلوماسي أميركي رفيع المستوى كمستشار في موضوع سورية، وهذان تطوران إيجابيان يبدو أنهما يكشفان عن الإدارك أن التهديدات التي تصدر عن الإدارة الأميركية من حين إلى آخر بشأن إيران، بما فيها ما صدر مؤخراً عن مستشار الأمن القومي جون بولتون، يجب أن يُترجم إلى سياسة منتظمة يمكن تطبيقها من الآن نظرياً وعملياً.
  • إن التخلي عن الاتفاق النووي وعودة العقوبات لا يعبّران بحد ذاتهما عن وجود سياسة شاملة في مواجهة إيران، في الوقت عينه الذي توضح الإدارة الأميركية أنها لا تنوي توظيف موارد اقتصادية وعسكرية من أجل تنفيذ رغباتها. وانتظار أن تفعل العقوبات فعلها وتدفع إيران إلى الخضوع لمطالب الولايات المتحدة، أو أن تؤدي إلى ازدياد الاحتجاج الداخلي الذي يؤدي بدوره إلى تغيير النظام، مصيره، كما يبدو، أن يُمنّى بالفشل.
  • حتى الآن ثبُت المرة تلو المرة أنه ليس في جعبة الإدارة الأميركية خطة بديلة متبلورة لاحتمالات ألاّ تؤدي التهديدات الكلامية والاقتصادية إلى النتائج المرجوة. بالإضافة إلى ذلك يبدو أنه بشأن كل ما له علاقة بالمواجهة مع عمليات إيران الإقليمية، فإن هذه الإدارة، مثل إدارة أوباما، تبنت وجهة النظر القائلة إن الولايات المتحدة ليست هي من سيقود الصراع، بل ستعتمد على نشاط جهات دولية أُخرى (الروس)، وإقليمية (السعودية وإسرائيل). وهذا الأسلوب في العمل يمكن أن يُفسَّر بأنه دليل على تردد الإدارة في مواجهة إصرار إيران على تعميق نفوذها الإقليمي.
  • التهديدات الصادرة عن الإدارة الأميركية ضد إيران لا تتطرق إلى البعد العسكري. علاوة على ذلك، لا يحظى احتمال اتخاذ خطوات عسكرية بتأييد المؤسسة الأمنية الأميركية، ولا الرئيس ترامب نفسه، المهتم بإخراج الجيش الأميركي من الشرق الأوسط، وغير الراغب في الدخول في مغامرة عسكرية جديدة، وبالتأكيد ليس قبيل منتصف سنة 2019 أو نهايتها، حين تدخل المؤسسة الأميركية في الاستعدادت لسنة الانتخابات الرئاسية.
  • على هذه الخلفية يبدو أن تمسك النظام الإيراني بالاتفاق النووي ليس ناجماً عن الخوف من رد الإدارة الأميركية، بل من إدراكه أن استئناف مشروع التخصيب في الوقت الحالي لا يخدم مصالح إيران لأن الهدف الحالي بالنسبة إليه هو المحافظة قدر الإمكان على الانقسام بين الولايات المتحدة وبين سائر الدول الشريكة في الاتفاق. بالنسبة إلى إسرائيل الاختبار الجدي لتأييد الإدارة الأميركية لمصالحها لن يأتي من التصريحات التي تدين نشاط إيران أو من فرض شروط قاسية على النظام الإيراني، بل من الخطوات العملية التي تتخذها والتي تثبت استعدادها لدفع الثمن.
  • من المهم أكثر بالنسبة إلى إسرائيل بلورة خطواتها منذ الآن، وبالتأكيد إجراء حوار وثيق مع الإدارة الأميركية إذا قررت إيران تغيير سياستها الحالية والعودة إلى تخصيب اليوارنيوم، أو على العكس إذا بدأت مفاوضات بين الدولتين. إن الانطباع المتكوّن هو أن الرئيس ترامب متحمس لعقد قمة بينه وبين الرئيس روحاني، ويجب عدم اعتبار إعلانه استعداده للقيام بذلك من دون شروط مسبقة زلة لسان.
  • في أي حال، يمكن أن تظهر في هذين السيناريوهين فجوات بين مصالح إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة. ومن المعقول أن تكون الاعتبارات التي توجه الإدارة الأميركية مختلفة عن تلك التي توجه إسرائيل. وإذا عادت إيران إلى تخزين اليورانيوم المخصب، ليس من المتوقع أن تسارع الإدارة الأميركية إلى الرد باستخدام الخيارات العسكرية التي لديها. وفي حال البدء بالمفاوضات بين الدولتين يمكن أن تتغلب مصلحة ترامب في إظهار نجاحه في المفاوضات على الرغبة في تحقيق اتفاق أفضل من الاتفاق الملغى.
 

المزيد ضمن العدد 2918