إذا لم تكن إسرائيل ديمقراطية فإنها لن تكون دولة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • الذين صدمهم قانون القومية عليهم ألاّ يلوموا سوى أنفسهم. فاليمين المسياني - القومجي هو يمين انقلابي. وهو يسعى لتغيير النظام القديم، وفي نظره قانون القومية ضرورة يفرضها الواقع. في المقابل، كل الذين ليسوا قومجيين مسيانيين، الذين نجد صعوبة في تعريفهم، اختاروا الغوص في منطقة مريحة تولّد غموضاً يحيط بمصطلح دولة "يهودية ديمقراطية". وذلك على أمل أن يكون في مقدور إسرائيل القديمة أن تتحرك فيها باستمرار.
  • عندما حاول بنيامين نتنياهو في سنة 2013 طرح قانون القومية على التصويت في الحكومة، طلبت تسيبي ليفني تعيين البروفسورة روث غافيزون من أجل صوغ القانون بحيث يتلاءم مع مبادىء الديمقراطية. بعد نحو شهر عادت غافيزون خالية الوفاض. وكل ما اقترحته كان عدم إيقاظ الشيطان من سباته. وفي وقت لاحق شرحت هذا جيداً في مقال نشرته "توجهات جديدة" مضمونه "مديح الغموض". لماذا نخبر العالم أن تعريف يهودية - ديمقراطية هو فقط قناع، بينما هذا التعريف، هو عملياً، بحسب كلام أحمد الطيبي، دولة ديمقراطية لليهود ويهودية للعرب.
  • بعد ثلاث سنوات من النقاشات المرهقة في إسرائيل بشأن ما إذا كانت إسرائيل هي يهودية – ديمقراطية أو ديمقراطية – يهودية، قرر اليمين المسياني - القومجي القول بشجاعة إن هذه الصيغة لم تعد صالحة لأن المصطلحيْن اللذين تتألف منهما لا يمكنهما التعايش معاً، وإن يهودية إسرائيل تعلو على سيادتها وعلى الديمقراطية. وهكذا من دون قصد، اختاروا ليس فقط التنازل عن الديمقراطية بل أيضاً عن فكرة الدولة ذات السيادة، التي تتكون بالضرورة من مواطنين، وفضلوا بدلاً من ذلك طائفة يهود أرض – إسرائيل، المكونة من اليهود فقط، وفي وقت لاحق مملكة يهودا مع الهيكل.
  • قانون القومية هو فرصة لمواجهة التحدي الذي طرحه اليمين المسياني ولكي نفهم أنه إذا لم تكن إسرائيل ديمقراطية فإنها فعلياً لن تكون دولة. هذه حالة طوارىء تفرض على الوطنيين الإسرائيليين أن يقوموا بخطوة شجاعة إلى الأمام، وأن يسعوا لتغيير سياسي نموذجي من أجل إيجاد لعبة جديدة تكون فرصهم بالفوز فيها أكبر بكثير. هذا التغيير يجب أن يتألف من ثلاث ثورات: ثورة فكرية (رؤية جديدة)، وثورة بنيوية (كتلة واحدة تتبلور في انتخابات تمهيدية داخلية مناطقية)، وثورة تكنولوجية (إجراء انتخابات داخلية في مجال الاقتراع الإلكتروني).
  • في مواجهة المعسكر القومجي - المسياني الذي يرتكز على مصطلحات الشعب، والأرض، ويهودية وعربية، يجب أن نقيم معسكراً إسرائيلياً يقوم حول مصطلحات جديدة هي دولة ديمقراطية ومساواة، وإسرائيلية. وحول هذه المصطلحات يجب أن نخلق رؤية متجددة وتنافسية تتألف من ثلاث ركائز:
  • وعي تاريخي ثوري - في سنة 1948 لم تقم دولة، بل بدأت عملية إقامة الدولة. وهذه العملية لم تكتمل، ومنذ ذلك الوقت تجد إسرائيل نفسها في وضع انتقالي لدولة ولا دولة. على أكتافنا ملقى تحدي إنجاز استكمال إقامة الدولة وتثبيت مؤسساتها جيداً.
  • ثورة بنيوية - من أجل إنجاز إقامة الدولة من الضروري تحديد حدودها، والانتقال إلى أسلوب انتخابات مناطقية يمكنها أن تولد هويات محلية مدنية بدلاً من هويات إثنية - قومية ودينية، ويجب أن نكتب دستوراً، وهو ضروري ليس فقط كإطار للتشريع، بل بصورة أساسية كحدث تاريخي يدل على إجماع كل الإسرائيليين على هوية الدولة.
  • قومية إسرائيلية - بعد الثورة البنيوية يمكن القول إن قومية إسرائيلية مدنية وُلدت، وتعايشت فيها هويات فرعية قومية، ودينية وإثنية.
  • رؤية كهذه ضرورية لكنها ليست كافية. الترجمة السياسية لها هي ربما أكثر إلحاحاً. يتعين على جميع الأحزاب غير القومجية أن تجمع كل الأحزاب المتوسطة والصغيرة في حزب واحد تسميه "إسرائيل الجديدة: الحزب الديمقراطي الإسرائيلي". ولكي نكون على تواصل مع التغيرات الديموغرافية في المجتمع ولنثبت أن ليس في نية الحزب الجديد العودة إلى الزمن الذي أُقصي فيه عدد كبير من المواطنيين عن الهوية الإسرائيلية، يجب أن يجري انتخاب المراكزمن 6 إلى 20 في قائمة الحزب في انتخابات داخلية تمهيدية مناطقية مفتوحة. وبذلك تتاح الفرصة لنموّ زعامة عضوية تمثل إسرائيل كلها، تتخلى عن تقسيم الهويات الميتافيزيقي، والقومي والإثني والديني، وتنتج هويات محلية ومدنية تجمع جماهير متعددة حول مصالح متشابهة. وقبل كل شيء تسمح عملياً بولادة القومية الإسرائيلية.
  • وتجري المنافسة على زعامة الحزب في انتخابات تمهيدية مناطقية مفتوحة، تنتقل من محافظة إلى أُخرى، ويتنافس فيها زعماء الأحزاب ومرشحون يتمتعون بشعبية كبيرة (إيهود باراك، عمير بيرتس، آفي غباي، تسيبي ليفني، يائير لبيد، تمار زندبرغ، أيمن عودة وغيرهم). الفائز يأتي في المرتبة الأولى، والذين يأتون بعده يدرَجون في القائمة بحسب الأصوات التي حصلوا عليها حتى المركز الخامس.
  • بالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى أننا نعيش في عصر تسيطر عليه وسائط التواصل الاجتماعي يجب أن تسمح الانتخابات لمن امتنعوا من النشاط الحزبي بالانضمام إلى دوائر التأثير. وهذا يمكن أن يتحقق من خلال الانتخابات التي ستجري أيضاً في المجال الإلكتروني، من خلال الهواتف الذكية، من جانب الذين يعارضون تحوُّل دولة إسرائيل إلى طائفة يهود في أرض - إسرائيل.

إن التغيير النموذجي ضروري من أجل إثارة الحماسة المطلوبة لتجنيد المعسكر الصهيوني. ومن دون ذلك، من المحتمل أن تكون هذه المعركة هي الأخيرة قبل تحويل الدولة إلى جالية.