الشاباك يمارس الملاحقة السياسية، وهذا خطر جداً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • بيتر باينيرت، صحافي يهودي – أميركي وصل إلى إسرائيل وأُوقف في مطار بن غوريون مدة ساعة، سُئل خلالها عن مواقفه السياسية وعن علاقاته بمنظمات يسارية في إسرائيل. قبل أسبوعين أعاق الشاباك مواطناً إسرائيلياً في مطار بن غوريون وسأله عن علاقته بمنظمة "لنكسر الصمت" ومجموعة تجمّع من يهود الشتات يعارضون الاحتلال تسمى All That’s left. تضاف هذه الحوادث إلى إعاقات أُخرى لناشطين في اليسار لدى دخولهم إسرائيل، وخطوات أُخرى مثل محاولة وزير الشؤون الاستراتيجية غلعاد إردان أن ينشىء في وزارته قاعدة بيانات لمواطنين إسرائيليين يؤيدون حركة مقاطعة إسرائيل (BDS). وكل هذا يثير القلق.
  • هذا التوجه الخطر يمكن وصفه كالتالي: تسخير الهيئات المؤتمنة على الحفاظ على الأمن في الدولة ومحاربة الإرهاب من أجل الملاحقة السياسية لمعارضي سياسة الحكومة الحالية.
  • تُستخدم حجة ضرورة محاربة عملية نزع الشرعية عن إسرائيل للتخفيف من المعارضة المتأصلة في ثقافة أجهزة الأمن وربما أيضاً في ثقافة الجمهور الواسع لاستخدام الأجهزة الأمنية من أجل أغراض سياسية. لذا يجب فحص الأمر بعدسات مكبرة.
  • من المهم أن أوضح أنني لست ضد محاربة حملة نزع الشرعية عن دولة إسرائيل. ومعارضتي تركز على الجمع الخطر بين التعريف الواسع لنزع الشرعية وبين تسخير قوة الأجهزة الأمنية في دولة إسرائيل من أجل هذه الحرب.
  • تواجه دولة إسرائيل منذ 70 عاماً تحديات أمنية معقدة: حروب وهجمات إرهابية، صواريخ وهجمات دهس. لذا أُعطيت المؤسسة الأمنية صلاحيات واسعة تمس بحريات المواطنين، بدءاً من التفتيش في مداخل الأماكن العامة وصولاً إلى جمع معلومات من وسائط الاتصالات. يستند مبرر وجود هذه الصلاحيات إلى الحقوق الأساسية والأكثر أهمية: حق العيش لمواطني الدولة الذي يجب أن ندافع عنه في وجه تهديدات الإرهاب والحرب.
  • طوال سنوات تطورت وجهة نظر صحيحة بحد ذاتها مفادها أن مكونات الأمن القومي لا تشمل فقط القوة العسكرية. أيضاً فإن مكانة إسرائيل في العالم مهمة وتؤثر في قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية المطروحة عليها. بالإضافة إلى ذلك يبرز الجهد الذي يوجهه أعداء إسرائيل للمسّ بالشرعية الدولية لوجودها بالذات. لذا نفهم الحاجة إلى محاربة نزع الشرعية عن دولة إسرائيل. لكن كي لا نمس بالديمقراطية الإسرائيلية، يجب أن نجيب بحذر عن ثلاثة أسئلة: ما هو "نزع الشرعية"، وضد من نناضل، وما هي أساليب النضال الملائمة؟
  • ما هو "نزع الشرعية"؟ إنه رفض حق دولة إسرائيل في الوجود. لا معارضة سياسة الحكومة بصورة عامة وخصوصاً سياستها في المناطق [المحتلة].
  • ضد من نناضل؟ ضد الجهود التي تمولها وتوجهها دول معادية وتنظيمات إرهابية لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل في الخارج.
  • كيف نناضل؟ من خلال عمليات الدعاية الإسرائيلية: كشف المزاعم المغلوطة، وتشويه حقائق وقواعد قانونية، والانتقائية في تطبيق حقوق الفرد وقيم سامية أُخرى. ولهذا الغرض لسنا بحاجة إلى أجهزة الأمن إلاّ في حالة واحدة استثنائية ومحدودة: مساعدة الأجهزة الاستخباراتية في الكشف عن تمويل سري من دول مؤيدة للإرهاب ومن تنظيمات إرهابية لنشاطات نزع الشرعية.
  • ولكن بدلاً من هذا التوجه الحذرالمطلوب جرى انتهاج توجه موسع يُدخل ضمن مصطلح نزع الشرعية أيضاً معارضة سياسة إسرائيل في المناطق، التي هي موضع خلاف سياسي شرعي داخل إسرائيل أيضاً. بالإضافة إلى ذلك تتوجه محاربة نزع الشرعية أيضاً نحو مواطنين إسرائيليين يعارضون سياسة حكومتهم بسبب وجهة نظر خاصة بهم وليس لكونهم عملاء أجانب. في النهاية يسخّرون أجهزة أمنية مثل الشاباك لمحاربة نزع الشرعية مع صلاحيتها الواسعة بحجة أن محاربة نزع الشرعية هو موضوع أمن قومي.
  • يشكل هذا الدمج المخيف خطراً حقيقياً على الديمقراطية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحويل موارد الأجهزة الأمنية من الدفاع عن الدولة في مواجهة أعدائها إلى القمع السياسي يعرّض الأمن أيضاً للخطر. يجب التوقف فوراً عن هذه الممارسة.