كيف سترد إيران على الضغط الأميركي؟
تاريخ المقال
المصدر
مر حوالي ثلاثة أشهر على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، والصورة ليست واضحة. لا تخفي إدارة ترامب أهدافها؛ فهي تسعى لاستبدال الاتفاق السيء باتفاق يزيد القيود المفروضة على المشروع النووي الإيراني بشكل كبير، ويغلق أمامها بصورة مطلقة الطريق للوصول إلى سلاح نووي.
- تفرض الإدارة الأميركية 12 مطلباً إضافياً على إيران، بينها وقف تدخّلها في الدول الأُخرى واستخدام الإرهاب، وتقييد مشروع الصواريخ الباليستية. يدّعي الأميركيون أن هدف العقوبات ليس إثارة غليان داخلي في إيران يؤدي إلى إسقاط النظام، ربما لأنهم لا يريدون أن يظهروا كأنهم يتدخلون في دول أُخرى، لكن يمكن الافتراض أن قلائل في واشنطن سيحزنون إذا حدث ذلك، ومن الواضح أن النظام في طهران يعتقد أن هذا هو الهدف.
- هناك ثلاث طرق للرد أمام إيران. الأولى، هي السياسة الحالية، عدم الانسحاب من الاتفاق النووي أو انتهاكه. فالاتفاق مهم في نظرها لعدة أسباب: من أجل أن تُلقى تهمة إفشال الاتفاق على الولايات المتحدة؛ ومن أجل منع انضمام الحكومات الخمس الأُخرى التي وقّعت الاتفاق إلى استئناف العقوبات؛ ومن أجل المحافظة على إمكان رفع أغلبية القيود عن المشروع النووي بعد بضع سنوات كما ينص الاتفاق.
- في هذه الأثناء، تعتبر إيران والحكومات الخمس الاتفاق قائماً وملزماً. لكن من الصعب الافتراض أن الوضع سيستمر من دون مشاركة الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تطالب إيران الحكومات الأوروبية بتعويضها عن أضرار العقوبات، ومنع البدء بمفاوضات تتعلق بمشروعها للصواريخ ونشاطها التآمري في المنطقة، وأن تواصل هذه الحكومات شراء نفطها.
- من المحتمل أن تبحث الدول الأوروبية عن وسائل لتقديم مساعدة اقتصادية لإيران، لكن من الصعب الافتراض أنها قادرة على توسيع المساعدة. والأصعب توقُّع استجابتها لمطلب إيران بعدم مناقشة موضوع الصواريخ وموضوع تدخُّلها في دول أُخرى، في الوقت الذي تهتم هذه الدول تحديداً بمثل هذه المفاوضات من أجل إعادة الأميركيين إلى الاتفاق.
- الطريقة الثانية للرد هي أن تقرر إيران إعادة نشاطها النووي إلى المستوى الذي كان عليه قبل توقيع الاتفاق النووي، وربما أكثر من ذلك. من أجل هذا أمر المرشد الأعلى خامنئي باتخاذ خطوات استعداداً لتوسيع النشاطات في المستقبل، وخصوصاً في مجال تخصيب اليوارنيوم، مع التشديد على أن هذه التحضيرات لا تشكل خروجاً عن الاتفاق.
- وحذرت أطراف إيرانية من أن إيران يمكن أن تلغي توقيعها اتفاقية منع انتشار السلاح النووي، وهذه خطوة متطرفة يمكن تفسيرها بأنها في اتجاه الحصول على سلاح نووي.
- لا يمكن استبعاد احتمال أن تفعل إيران ذلك. لكن هذه الطريقة تنطوي على مخاطر. حتى إذا عادت إيران إلى مستوى تخصيب اليورانيوم الذي سبق الاتفاق فإن هذا يُعتبر انتهاكاً للاتفاق ويمكن أن يؤدي إلى انسحاب الأوروبيين، وإلى انهيار الاتفاق نهائياً. ويمكن أن تجرّ خطوات إيرانية في اتجاه مستوى تخصيب اليوارنيوم أعلى من تلك التي كانت سابقاً إلى عملية عسكرية إسرائيلية أو أميركية ضد المنشآت النووية في إيران.
- الطريقة الثالثة، هي الموافقة على مفاوضات بشأن اتفاق جديد بمشاركة الولايات المتحدة. لقد أعلنت إيران عدم استعدادها لذلك، لكن إذا تفاقم الوضع الاقتصادي وشعر النظام بغليان داخلي يمكن أن يقوض استقراره، من المحتمل أن يضطر إلى قبول ذلك.
- من الواضح في مثل هذه الحالة أن إدارة ترامب ستطالب بتغييرات مهمة للاتفاق، وإيران قد توافق على ذلك فقط إذا فهمت أن الحكومات الأُخرى ستحرص على أن تكون التنازلات المطلوبه منها محتملة بالنسبة إليها.
- هذه الطرق الثلاث إشكالية وصعبة بالنسبة إلى النظام الإيراني. ومن المعقول الافتراض أنه سيكون لقوة الضغط الاقتصادي، وردة فعل الجمهور الإيراني على الضائقة الاقتصادية، ولمخاوف النظام من غليان لا يمكن السيطرة عليه، وزن كبير على القرار الإيراني.