نتنياهو لا يريد حرباً لكنه ليس مستعداً للدفع قدماً بتسوية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • مأزق وتهرّب الحكومة من اتخاذ قرار، هذه هي حصيلة جلسة النقاش التي عقدها المجلس الوزاري المصغر التي استمرت خمس ساعات، وجرى خلالها الاستماع إلى تقارير من رئيس الأركان غادي إيزنكوت ومن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية. وبخلاف التوقعات التي ظهرت في نهاية الأسبوع كما لو أن "حماس" وإسرائيل على وشك التوصل إلى تسوية، اتضح أن الجبل تمخض فولد فأراً. لم يُطلب من الوزراء اتخاذ قرار ولم يطالبوا بذلك أيضاً.
  • تجد حكومة إسرائيل صعوبة في تربيع الدائرة. فهي تضع شرطاً مسبقاً لأي تقدُّم في عملية التسوية، هو إعادة جثمانيْ الجنديين والمواطنين اللذين ما يزالان في قيد الحياة المحتفظ بهم في غزة. "حماس" برئاسة يحيى السنوار، الذي قبع 22 عاماً في السجن الإسرائيلي وكان من المسؤولين الكبار الذين أُطلق سراحهم في صفقة شاليط، مستعدة لإجراء تبادل أسرى، لكنها تطالب بثمن مرتفع هو إطلاق مئات المخربين، بينهم أصحاب أيادٍ ملطخة بالدماء.
  • رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي خضع سابقاً لضغط عائلة شاليط والحملة الجماهيرية التي رافقته واعتقد حينها أن هذا سيفيده في الانتخابات، لا يستطيع أن يسمح لنفسه بالقيام بصفقة مشابهة أو بصفقة أقل منها. لقد تحوّل نتنياهو، وبدرجة أقل وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، إلى أسرى اليمين وخصوصاً حزب البيت اليهودي، الذي يحتضن عائلتيْ هدار وغولدين ويؤيدهما.
  • لذا في هذه المرحلة لا يمكن تحريك تسوية كبرى تشمل عدة مراحل، من ضمنها تبادل أسرى، وتسهيل مرور البضائع في معبر كرم أبو سالم، وفتح معبر رفح المصري وتوسيع مناطق الصيد [البحري]، والاستمرار في المصالحة الفلسطينية بين "فتح" و"حماس"، وإقامة حكومة مشتركة، ونقل المسؤولية المدنية عن غزة إلى السلطة الفلسطينية في مقابل استئناف دفع رواتب أكثر من 40 ألف موظف. فيما بعد، وفي إطار خطة التسوية الكبرى ستنفذ مبادرات كبيرة من أجل زيادة إنتاج الكهرباء وإقامة معمل لتحلية المياه، وتحسين البنى التحتية، بقيمة مئات ملايين الدولارات، أكثرها على ما يبدو بتمويل عربي ودولي، كما ستجري نقاشات بشأن تجريد القطاع من السلاح أو تقليص السلاح الثقيل الذي تحوزه "حماس".
  • الوضع معقد أيضاً لأن "فتح" تصعّب الأمر على الوسطاء، مندوب الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، البلغاري نيكولاي ملادينوف والاستخبارات المصرية برئاسة الجنرال كمال عباس، اللذين يحاولان التوصل إلى صفقة. "فتح" ليست مهتمة بتسوية بين "حماس" وإسرائيل تمنح اعترافاً سياسياً لمن يُعتبر في نظر إسرائيل والمجتمع الدولي تنظيماً إرهابياً، ومن شأنها أن تفاقم عملية الانفصال بين غزة والضفة الغربية التي تصب في مصلحة حكومة إسرائيل الحالية.
  • لكن إسرائيل و"حماس" تجدان صعوبة أيضاً في التوصل إلى تسوية صغيرة بشأن وقف إطلاق النار في مقابل المرحلة الأولى من فتح المعابر، وزيادة انتقال البضائع وتوسيع مجال الصيد. وذلك لسببين: مطالبة عائلات المفقودين والمدنيين بشدة الحكومة بعدم تقديم أي مساعدة لعملية إعادة البناء الإنسانية، مهما كانت صغيرة. وعلى الرغم من أن الوزراء، وخصوصاً رئيس الحكومة، يشعرون بالغضب إزاء الضغوط التي تمارسها العائلات، وبصورة خاصة عائلة غولدين، فهم أيضاً ليس لديهم الجرأة على النظر في أعين العائلات، وأن يقولوا لها إن هذه هي الطريقة الوحيدة للتوصل إلى وقف إطلاق النار ولو عدة أشهر.
  • لكن أيضاً لو دخلوا في مواجهة مع العائلات، ثمة شك في أنه من الممكن التوصل إلى وقف إطلاق النار. لقد اكتشفت "حماس" بالصدفة قوة سلاح البالونات الحارقة، وهي لن توافق على التوقف عن استخدامها ما دامت لم تحقق أهدافاً أكثر أهمية من فتح المعابر. وهكذا بعد أربعة أشهر من البالونات والطائرات الورقية الحارقة واحتراق عشرات آلاف الدونمات من الحقول والمحميات الطبيعية والتظاهرات على السياج، لا يوجد خلاص لسكان الجنوب. نحن ما نزال في المكان عينه تماماً، حيث الطرفان ليسا مستعدّين للتنازل، وهما مستعدان لدفع الثمن حتى لو كان مؤلماً.

تدير حكومة نتنياهو الواقع في الجنوب مثل راكب دراجة يراوح مكانه. نتنياهو لا يريد حرباً، وبالتأكيد ليس قبل الانتخابات القريبة، لكنه ليس مستعداً للدفع قدماً بتسوية يضطر فيها إلى إظهار كفاءة قيادية. إنه يفضل الوضع القائم الذي يسمح له بتمرير الصيف بسلام، وربما في الخريف، عندما يتبدد الحر، يقل احتراق الحقول. إن معاناة 100 ألف مواطن مخلص وغير مشاكس في الجنوب، في أغلبيتهم لا يصوتون له، هي في نظر نتنياهو ثمن يمكن دفعه.