لحظة الحقيقة في غزة
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•حلّت رياح الحرب محل 4 سنوات من الهدوء النسبي في قطاع غزة، منذ عملية "الجرف الصامد". وفي الحقيقة، من المحتمل أن ينزلقا [إسرائيل وحماس] إلى حرب بينهما على الرغم من عدم رغبتهما فيها، وعلى الرغم من أنهما يعلمان أنهما سيجدان نفسيهما في المكان عينه في نهاية جولة العنف.

•أحد العوامل الذي يدفع "حماس" إلى التصعيد هو طبعاً الضائقة التي تمر بها، ولمزيد من الدقة الضائقة الاقتصادية التي يعانيها المواطنون في غزة تحت سلطتها. لقد فشلت "حماس" في محاولاتها كسر الحصار السياسي الذي فرضته إسرائيل ومصر ودول عربية إضافية، وخاب أملها بحصول القطاع على مساعدة اقتصادية من دون أن يُطلب منها تقديم مقابل.

•وكانت النتيجة أن الحركة تفضل الجري قدماً إلى المجهول، لأنها تفترض أن أي خطوة، سواء كانت مواجهة أو حرب، هي أفضل من الأفق المسدود التي تواجهه حالياً والذي يمكن أن يثير سكان القطاع ضدها.

•هناك أسباب إضافية وراء قرار "حماس"، المخالف لأي منطق، اللعب بالنار. هذا يعود على ما يبدو إلى شعورها بأنها نجحت في إقناع إسرائيل بأنها مستعدة للمضي حتى النهاية، لأن ليس لديها ما تخسره، ونتيجة ذلك كانت إسرائيل حذرة في استخدام الضغط عليها أو الدخول في مواجهة عسكرية معها.

•في هذا السياق، من المفيد أن نتذكر كلام مؤسس "حماس" الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية. فبحسب كلامه تتفوق "حماس" على إسرائيل لأن أعضاءها، وخصوصاً الانتحاريين، لا يخافون من الموت، بل يتجهون نحوه، بخلاف الإسرائيليين الذين يتعلقون بالحياة.

•ويبدو هنا أن إسرائيل تتصرف كما لو أنها تتخوف من إمكان انهيار "حماس" وتداعي سلطتها أكثر من أعضاء "حماس" أنفسهم. ومن هنا يبرز ضبط النفس والحذر من جهة إسرائيل، في مقابل استعداد "حماس" للذهاب حتى النهاية.

•في ضوء هذا الواقع، أصبحت "حماس" أكثر تصلباً في مواقفها وأرادت أن تفرض على إسرائيل معادلات مماثلة لتلك الموجودة على الحدود مع لبنان في مواجهة حزب الله، أي أن كل هجوم إسرائيلي على مقاتليها يُرد عليه بإطلاق الصواريخ وحتى لو كان الثمن التدهور نحو مواجهة شاملة. وإسرائيل من جهتها لا تستطيع قبول حرمانها  من حرية التحرك في غزة. 

•يبدو أيضاً أن "حماس" توصلت إلى استنتاج أنها تمتلك ورقة رابحة: الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي بواسطتها تشعل النار على حدود القطاع تقريباً من دون إزعاج. ومثل حالات مشابهة في الماضي، فإن تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية منحت "حماس" شعوراً بأنها حققت إنجازاً كبيراً وحتى نصراً، ومن هنا الدافع إلى الاستمرار فيها. في نهاية الأمر ستجد إسرائيل رداً تكنولوجياً وعملانياً على إرهاب إشعال الحرائق. وحتى ذلك الحين تؤدي الحرائق إلى التصعيد.

•طوال الأسابيع الأخيرة ضبطت إسرائيل نفسها وامتنعت من التصعيد. ساعدها في ذلك أن ضرر الحرائق هو ضرر اقتصادي ومعنوي، وحتى الساعة لم يسجَّل وقوع خسائر بشرية نتيجة الحرائق. لكن الأهم من ذلك، أن التحدي الحقيقي والبعيد المدى الذي تواجهه إسرائيل لا ينجم عن القطاع، بل عن إيران ومساعيها للتمركز في سورية.

•لهذا السبب، فإن الاهتمام والتركيز الإسرائيليين موجهان وما يزالان يتوجهان نحو الشمال، ومن الواضح أن كل محاولة لتحويل الاهتمام أو تحويل النظر من الشمال إلى الجنوب، سيسمح لإيران بالدفع قدماً بوجودها العسكري في سورية. 

•إن مهمة إسرائيل هي إيجاد رد على إرهاب الحرائق، والمحافظة على الضغط السياسي والاقتصادي على "حماس" من دون أن يؤدي ذلك إلى انهيار القطاع، وبصورة خاصة التغلب على "حماس" في الصراع النفسي. على أية حال المشكلة في غزة لا تتعلق بإخضاع "حماس" بل بمسألة ماذا نفعل بالقطاع إذا انهارت سلطة "حماس"؟ وإلى حين يجري التوصل إلى رد جيد على هذه المعضلة، من الأفضل التحلي بالصبر والاستمرار في الردود المضبوطة.