من حزب الله إلى إيران: نرجسية غونين سيغف وقدرته على الإيذاء
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•يمتاز د. غونين سيغف بصفتين تميزان إسرائيليين كثر. الأولى أنه يريد دائماً أن يربح "بضربة" واحدة مبلغاً كبيراً من دون أن يبذل جهداً. الصفة الثانية تكمل الأولى: اقتناعه بأنه قادر على التلاعب بالعالم كله طوال الوقت، بفضل قدراته الفكرية وجاذبيته الاستثنائية. 

•غونين سيغف شخص نرجسي يعتقد أنه يتمتع بتفوق عقلي أو مواهب أخرى وأن الآخرين ببساطة غير قادرين على الافلات من سحرها، لذا يقعون في شباكه.  ومن المعقول الافتراض أنه عندما عمل، على ما يبدو، مع شبكة الاستخبارات الإيرانية اعتقد أنه يضلّلهم وليسوا هم الذين يورطونه.

•لكن يمتاز غونين سيغف بصفة ثالثة يسميها علماء النفس" عدم وجود حدود للأنا": ليس لديه الآلية الذهنية التي تعمل لدى كثيرين وتقول لهم متى يجب ألاّ يتخطوا الخط الأخلاقي أو القانوني، ومتى يجب إلاّ يتخلوا عن القواعد الاجتماعية المتعارف عليها. ونتيجة عدم وجود حدود للأنا تورط سيغف أكثر من مرة في جنايات. لقد رأى في تجارة المخدرات وفي الاحتيال، وأيضاً في التجسس ضد بلاده، وسائل مشروعة لتحقيق حلمه في "الضربة" الكبرى.

•الفجوة بين قدراته الذهنية الحقيقية وبين ما يعتقده عن ذاته يمكن أن نتعرف إليها فوراً في الطريقة غير الاحترافية والحمقاء التي تصرف بها في القضايا الجنائية التي تورط فيها، والتي بسببها ألقت الشرطة والشاباك القبض عليه مرة تلو الأُخرى وبسهولة. ينطبق هذا على قوات الأمن في الخارج مثل الشرطة الهولندية وأجهزة الأمن في نيجيريا وغيرهما.

•يخطىء من يعتقد أن قصة الحب بين غونين والإيرانيين بدأت فقط في سنة 2012. ففي التسعينيات انتبه إليه قيس عبيد، وهو عربي إسرائيلي من سكان الطيبة عمل في خدمة حزب الله.  وقد رأى في وزير البنى التحتية السابق فريسة محتملة. حدث هذا قبل أن يزوّر سغيف جواز سفر دبلوماسياً،  وقبل أن يتورط في صفقات مخدرات ويحتال في بطاقات الاعتماد. لقد انتبه عملاء حزب الله قبل الجميع إلى قدرة سيغف على تجاوز الخطوط.

•لقد كشفت "Ynet" لأول مرة أن قيس عبيد كان هو الذي رتب له صفقات مربحة مع جهات في الخليج الفارسي، وأن عبيد كان يعمل لمصلحة حزب الله وإيران. وكان الهدف خطف سيغف ومبادلته  بعناصر من حزب الله. في نهاية الأمر لم تنفَّذ الخطة لأن حزب الله عثر على إسرائيلي آخر كان أقل حذراً،  اسمه ألحنان تننباوم، الذي خُطف ونُقل من الخليج الفارسي إلى بيروت خلال صفقة مخدرات.

•لكن الإيرانيين الذين كانوا يعرفون غونين سيغف، ظهر مجدداً في مجال اهتمامهم في أثناء إقامته في نيجيريا، وسارعوا إلى استغلاله.

•إلى أي حد ساعد غونين الإيرانيين؟ يمكن التقدير أنه لم يساعدهم كثيراً. لكن على الرغم من مرور أكثر من 20 عاماً على توليه وزارة الطاقة والبنى التحتية، فقد عرف جيداً منشآت حساسة في إسرائيل، ليس فقط في مجال الطاقة، بل أيضاً في الجيش، وفي منظومات أُخرى بعيدة عن أنظار المواطن العادي.

•لقد كان قادراً على جعل خريطة الأهداف الاستراتيجية الإيرانية التي أعدوا من أجلها صواريخهم أكثر دقة. كما كان قادراً على الإشارة إلى المراكز السكانية وإلى العادات الإسرائيلية التي يمكن أن تحسن بصورة جوهرية بنك الأهداف الإيراني، والتأثير في أساليب الهجوم وفي توقيته. من وجهة نظر إسرائيلية الجمع بين "Google Maps" وبين غونين سيغف سلبي للغاية.

•الفائدة الثانية التي كان يمكن للإيرانيين الحصول عليها من سيغف هي شبكة علاقاته الغنية. فقد كان يعرف أشخاصاً كانوا في الماضي وفي الحاضر في مجال الطاقة والبنى التحتية في إسرائيل، كما يعرف ضباطاً سابقين في الجيش، مثل أورين شاحور الذي كان مسؤولاً كبيراً في الاستخبارات وصديقاً له. وكان في استطاعته أن يفتح أمام الإيرانيين أبواباً غير قليلة، وخصوصاً وسط الذين مروا في الخدمة العامة وفي الجيش وفي الأجهزة الأمنية الأُخرى. في استطاعة عملاء إيرانيين أو أشخاص عملوا لمصلحة إيران، من خلال مساعدته، الدخول من هذا الباب وإقامة علاقة بإسرائيليين وبواسطتهم إقامة علاقة بإسرائيليين آخرين، وهكذا دواليك، من دون أن يعرف هؤلاء الأشخاص أنهم يعملون لدى إيران أو أنهم مرتبطون بصورة غير مباشرة بالاستخبارات الإيرانية.

•يمكن التقدير أن الضرر الفعلي الذي تسبب به سيغف لأمن دولة إسرائيل ليس كبيراً، لكنه يثير كثيراً من الحيرة والتساؤلات بشأن حقيقة أن هذا الإنسان الذي ينطبق عليه بكل معيار إسرائيلي وصف "ملح الأرض" قد أغوته الخيانة. طبعاً هو ليس الأول، لكنه الأعلى مرتبة في المؤسسة الحاكمة في إسرائيل الذي ساعد أكثر أعداء إسرائيل شراسة. فهل يوجد أيضاً مثله؟  

 

 

المزيد ضمن العدد 2871