•لم يسفر الاجتماع الذي عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية [الكابينت] أمس (الأحد)، والذي أعلن أنه سيناقش موضوع المواجهة مع قطاع غزة ومقترحات تتعلق بتخفيف الحصار ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، عن أي قرار.
•ولعل الأمر المثير للدهشة هو أنه في الأحاديث الخاصة يؤيد معظم الوزراء اتخاذ قرارات تتيح إمكان تحسين ظروف حياة مليوني فلسطيني في القطاع يعيشون تحت وطأة أبشع حصار. لكن هؤلاء الوزراء يدلون على الملأ بتصريحات تناقض هذا الموقف كلياً.
•ويدرك هؤلاء الوزراء في قرارة نفوسهم أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتبنى موقفاً فحواه أن تخفيف الحصار من شأنه أن يقلّل حدة التوتر في منطقة الحدود وأن يخفّض حدّة العنف.
•إذا كان موقف الوزراء المتناقض هذا يدل على شيء، فهو يدل على أنهم، وفي مقدمهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، غير قادرين على اتخاذ أي قرار يتعلق بالمستقبل، وذلك في الوقت الذي بات واضحاً لكل منهم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع حركة "حماس" في إثر عملية "الجرف الصامد" العسكرية في القطاع [في صيف 2014] على وشك الانهيار.
•ويمكن القول إن الوزير الوحيد الذي يشذّ عن هذه القاعدة هو وزير المواصلات وشؤون الاستخبارات يسرائيل كاتس [الليكود]، الذي يقترح منذ عدة سنوات إقامة ميناء وجزيرة اصطناعية في غزة. لكن عندما تبين له أن اقتراحه غير مقبول تنازل عنه.
•ولا بد من الإشارة هنا إلى أن موقف وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان [رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"]، الذي يعارض أي تسوية تنطوي على تسهيل حياة سكان القطاع ما دامت "حماس" في السلطة، يتناقض مع توصيات رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الجنرال غادي أيزنكوت، ومنسق أعمال الحكومة في المناطق [المحتلة]، الذي أعدّ خطة شاملة بهذا الخصوص. ومع أن موقف ليبرمان يُعتبر موقف أقلية بين وزراء الكابينت، إلاّ إن جُبن سائر الوزراء، والضغوط التي تُمارَس عليهم من طرف عائلة الجندي الإسرائيلي هدار غولدين [الذي تحتجز "حماس" جثته في القطاع]، تسببت بنجاح ليبرمان في فرض موقفه على الحكومة برمتها. كما أن رئيس الحكومة يجد صعوبة في مواجهة ليبرمان على خلفية التحقيقات التي يخضع لها بشبهات فساد.
•كما أنه لا بد من الإشارة إلى وجود كمّ كبير من الاقتراحات والخطط الدولية المتعلقة بتقديم مساعدات اقتصادية ومالية إلى القطاع بمليارات الدولارات، ولا سيما في كل ما يتعلق بقطاعات المياه والكهرباء والصرف الصحي، من جانب أوروبا وقطر والإمارات العربية واليابان وغيرها، غير أن الحكومة الإسرائيلية تفضل عدم اتخاذ أي قرار بهذا الشأن. وفي هذه الأثناء فإن من سيستمر في دفع الثمن، فضلاً عن سكان القطاع، هم سكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، الذين يعانون الأمرّين جرّاء إحراق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة حقولهم. وليس مبالغة القول إن المساعدات الإنسانية للقطاع مصلحة إسرائيلية، حتى لو كانت "حماس" هي المستفيدة الأساسية منها.