نتنياهو يقف مثل الجرف الصامد في وجه مطلب تقويض سلطة "حماس" وتسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•منذ أن سيطرت حركة "حماس" على السلطة في قطاع غزة سنة 2007 تحاول إسرائيل أن تواجه نشاطاتها "الإرهابية" بكل الوسائل المتاحة. وشملت هذه المواجهة قيام الجيش الإسرائيلي بشن 3 عمليات عسكرية واسعة النطاق في القطاع، "الرصاص المسبوك" [2008- 2009]، و"عمود سحاب" [2012]، و"الجرف الصامد" [2014]، وفرض حصار اقتصادي. كما أن إسرائيل استثمرت أموالاً طائلة في تطوير منظومة "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ القصيرة المدى]، ومنظومة كشف الأنفاق الإرهابية، وتعزيز السياج الأمني الحدودي، وإقامة عائق بحري. 

•ولا بد من القول إن كل ما قامت به إسرائيل حتى الآن لم يفلح في وضع حد لإرهاب "حماس". ولا أساس من الصحة للاعتقاد السائد بأنه يمكن تأهيل قطاع غزة وجعل حياة السكان هناك مزدهرة في ظل استمرار سلطة "حماس". كما تبين أن التصريحات، التي كان رؤساء الحكومة ووزراء الدفاع يطلقونها بعد كل عملية عسكرية ويؤكدون فيها أن الحركة تلقت ضربة قاضية، كانت مضللة. 

•في سنة 2009 وفي أثناء عملية "الرصاص المسبوك" كان هناك إمكانات لتصفية سلطة "حماس"، إذ إننا كنا على بعد كيلومترين من قادة الحركة الذين اختبأوا في مستشفى الشفاء، لكن وزير الدفاع في ذلك الوقت إيهود باراك عارض مثل هذا الإمكان وفرض رأيه على رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت. وفي تلك السنة أيضاً تعهد زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، في سياق تصريحات أدلى بها في مشارف قطاع غزة، بتقويض سلطة "حماس" خلافاً لحكومة أولمرت الانهزامية. ويمكن القول إنه على خلفية هذا الموقف فاز نتنياهو في الانتخابات العامة، التي جرت بعد تلك العملية بعدة أشهر. 

•وتبنى نتنياهو في إثر انتخابه موقف وزير الدفاع السابق باراك وفضّل تكريس سلطة "حماس" والانقسام بينها وبين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. كما أنه فضّل خلال عملية "الجرف الصامد" إجراء مفاوضات مع "حماس" بدلاً من تقويض سلطتها، على الرغم من أن العالم بصورة عامة، والدول العربية المعتدلة بصورة خاصة، وبالذات مصر، طالبوا بوضع حد لسلطة "حماس". وفي الفترة الأخيرة فضّل نتنياهو هذا الخيار، عندما طالبت السلطة الفلسطينية بإعادة سيطرتها العسكرية والمدنية على القطاع.

•ومعروف أن السلطة الفلسطينية أقدمت أخيراً على فرض عقوبات على "حماس". لكن نتنياهو هدّدها بتقليص الأموال التي تمتنع من تحويلها إلى القطاع من أموال الضرائب التي تحولها إسرائيل إلى رام الله. وإن دلّ هذا على شيئ فهو يدل على تمسك نتنياهو باستمرار سلطة "حماس" في القطاع.  

•ويقف نتنياهو مثل الجرف الصامد في وجه مطالبة مصر والسعودية ودول الخليج بتقويض سلطة "حماس" وتسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية. ويبدو أن أكثر ما يخشاه نتنياهو هو أن تؤدي عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع إلى تعزيزها من ناحية سياسية، وهو ما قد يضطره إلى إجراء مفاوضات سياسية مع كيان فلسطيني واحد يمثل الضفة والقطاع. ويفضل كثيرون من زعماء اليمين في إسرائيل استمرار وضع الانقسام القائم بين الضفة والقطاع، ويزعمون أن غزة هي الدولة الفلسطينية، ولذا لا حاجة إلى إقامة دولة فلسطينية أُخرى. أما الحجة التي يلجأ إليها هؤلاء الزعماء اليمينيون وفحواها أن تقويض سلطة "حماس" سيؤدي إلى قيام سلطة أسوأ منها، فهي سخيفة لأن السلطة التي ستخلف "حماس" هي بالتأكيد السلطة الفلسطينية. 

 

•إن الاستنتاج المطلوب من المواجهة التي جرت أمس في منطقة الحدود مع القطاع، والتي خاض الجيش الإسرائيلي خلالها يوم معارك مع منظمة الجهاد الإسلامي التي تعمل تحت إمرة "حماس"، هو أن إسرائيل اختبرت كل الحلول لوضع حد لمشكلة قطاع غزة باستثناء الحل المنطقي الوحيد، وهو القضاء على سلطة "حماس"، التي تؤكد وقائع كثيرة أنها ذراع إيران في المنطقة الجنوبية. في نهاية المطاف لن يكون أمامنا خيار إلاّ تقويض سلطة "حماس"، فلماذا لا نقوم بذلك الآن؟.