انسحاب كارثي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إعلان الرئيس دونالد ترامب الحاد بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وعودة العقوبات الاقتصادية التي رُفعت عنها بموجب الاتفاق، يزيدان خطر نشوب مواجهة في المنطقة. 

•لكن من المبكر معرفة هل المجتمع الدولي سيوافق على التخلي عن التهدئة النسبية التي يمنحها له الاتفاق. من المهم الانتظار لرؤية كيف ستتصرف دول أوروبا وروسيا والصين، التي وقّعت هذا الاتفاق: هل ستنسحب من الاتفاق بعد الولايات المتحدة، وتنضم إلى فرض العقوبات على إيران؟ ومن هي الدول التي ستفعل ذلك؟  وما لا يقل أهمية، ماذا سيكون رد إيران. 

•ونظراً إلى أنه ليس مؤكداً أن دول أوروبا وروسيا والصين ستحذو حذو الولايات المتحدة، هناك سيناريوهات متعددة، بينها احتمال بقاء الاتفاق على حاله حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، والذي يمكن أن يلحق الضرر بمكانة الولايات المتحدة الدولية وبصلاحية الاتفاقات الدولية. ونظراً إلى أنه، بحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة النووية، وحتى بحسب كلام رئيس الأركان غادي أيزنكوت، إيران تحترم شروط الاتفاق بدقة ومن دون أي خرق،  فإن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق يمكن أن يُفسره العالم كانسحاب من تعهدات التزمت بها أميركا خلال ولاية باراك أوباما. بالأمس أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن خيبة أملهم من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وحتى الاتحاد الأوروبي عبّر عن استيائه. 

•لقد اعترف ترامب في خطابه أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نجح من خلال"عرض الملفات" الذي قام به في الأسبوع الماضي في تقديم دليل أكيد على أكاذيب السلطة الإيرانية؛  وأن هذا شكّل ذريعة كافية وضرورية لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وعودة العقوبات. لكن ليس من المؤكد بتاتاً أن دولاً أُخرى اقتنعت بأن إيران خرقت فعلاً الاتفاق. وليس من الواضح أنه، باستثناء الولايات المتحدة ، هناك من اقتنع بأن نتنياهو كشف شيئاً أكثر من الماضي بشأن أكاذيب إيران التي دفعت المجتمع الدولي منذ البداية إلى إجبار إيران على توقيع الاتفاق النووي.

•إن حقيقة تحرك نتنياهو ضد الاتفاق بصورة علنية واضحة يمكن أن يصوّر إسرائيل كأنها تدفع العالم نحو حرب. انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بسبب "الإثباتات" التي قدمها نتنياهو يمكن أن تؤدي إلى تصدع الائتلاف الطبيعي المؤيد لإسرائيل. يعتقد نتنياهو أن الإسرائيليين يجب أن يشعروا بالامتنان لترامب، لكن في هذه المرحلة  يشكل الانسحاب الأميركي من الاتفاق خطراً على العالم ويهدد إسرائيل.

 

•بوم أمس، سارع نتنياهو إلى تهنئة ترامب، مواصلاً خطابه الهجومي ضد إيران. بدلاً من تهدئة التوترات الصعبة بين  إسرائيل وإيران، التي تجلت من خلال فتح الملاجىء في الشمال وبرفع مستوى التأهب استعداداً لمواجهة هجوم إيراني، يُفضل رئيس الحكومة ووزير الدفاع تسخين المنطقة وإظهار عضلاتهما. وهذا سلوك يمكن أن يكون ثمنه غالياً.