•رياح الحرب من الشمال ليست واضحة، لكن يمكن أن تشتد على خلفية التهديد بنشر صواريخ S-300 من صنع روسي في أراضي سورية. لقد جرى تطوير هذه المنظومة الصاروخية للمرة الأولى في أواخر السبعينيات. لماذا تهدد هذه المنظومة طائراتنا وتطرد النوم من أعين مسؤولي المؤسسة الأمنية؟
•في البداية يجب التذكير بأن الحروب لا تُحسم بواسطة صواريخ، سواء كانت صواريخ أرض - أرض، أو أرض – جو، واستخدام الصواريخ قديم جداً. في سنة 1379، استخدم الإيطاليون صواريخ، وسبقهم الصينيون بعشرات السنين. وفي حزيران/يونيو 1815، استخدم الجيش البريطاني صواريخ في معركة واترلو. وفي الحرب العالمية الثانية أقنع سلاح المدفعية الألماني هتلر بفتح معركة صواريخ تجعل الكفة تميل لمصلحتهم. وكان الاستثمار ضخماً ويعادل الجهد الأميركي الذي بُذل في تلك السنوات من أجل تطوير سلاح نووي. لقد أُطلق 1190 صاروخاً على لندن، وكان تأثيرها أقل من هجوم جوي واحد قام به الحلفاء. لقد قُتل ما لا يقل عن 3000 مواطن بريطاني، وهذا ثمن مخيف، لكن بريطانيا كما هو معروف لم تستسلم.
•إن منظومة صواريخ أرض - جو هي جزء من منظومة دفاعية ضد الطائرات والصواريخ البحرية. صحيح أن الجزء الأكبر من الطائرات الحربية أُسقط بمساعدة المدافع المضادة للطائرات خلال الحروب، لكن دخول صواريخ أرض – جو إلى ساحة القتال أدى إلى ارتفاع قيمتها النوعية. ففي حرب الاستنزاف (1967-1970) تضررت طائراتنا، وخصوصاً في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، لكن الحسم الحربي لم ينجم عن وجود هذه الصواريخ.
•إن حرية تحليق طائرات الجيش الإسرائيلي هو مصطلح مطاط. وأي هجوم تشنه طائراتنا، حتى الطائرات من دون طيار، يحظى بدعم من منظومة القتال الإلكتروني، بالطريقة عينها التي جرى فيها الهجوم بصواريخ كروز الذي قامت به الولايات المتحدة، بمشاركة فرنسا وبريطانيا [الهجوم الذي وقع في مطلع هذا الشهر ضد أهداف في سورية بذريعة الرد على استخدام نظام الأسد السلاح الكيميائي]. ومع ذلك، فإن منظومة S-300 هي منظومة أوتوماتيكية ولديها القدرة على إشغال عشرات الأهداف في آن معاً، ويمكنها بصورة خاصة الوصول إلى مدى يتراوح بين 150-200 كيلومتر، لذا لا حرية طيران من دون قيود.
•وبشأن مسألة الثمن. في السنوات الأخيرة، تسلل إلى الوعي طلب "غير مكتوب" بخوض حرب أو عملية من دون دفع أي ثمن. وقد وصل هذا التفكير الخطر إلى ذروته في سلسلة البرامج والتعليقات الكئيبة، كأننا نعيش هزيمة بعد سقوط طائرة حربية تابعة لسلاح الجو في أثناء الهجوم في سورية. ومع أن هذا التفكير ممزوج بالتعالي على العدو كما لو أنه هدف من كرتون، فإن المطالبة بصفر إصابات تضعف قدرتنا الدفاعية. وهي ناجمة عن المعارضة الجارفة لأجزاء منا للهجوم على إيران، وطبعاً، عن التأييد الحماسي للاتفاق النووي لإدارة أوباما.
•بكلمات أُخرى، صيحات الخوف والهزيمة بعد إسقاط الطائرة هي أداة لتقييد يدي الحكومة بالدفاع عن مواطنيها بذريعة "الثمن الباهظ". للحرب ثمن، لكن تضخيمه وجعله بحجم كارثة وطنية لا يؤدي إلاّ إلى تقوية إرادة العدو في الحرب.