من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•الانفعال الكبير الذي أثاره كلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مفهوم. أخيراً، وبعد مرور 100 عام على تصريح بلفور، جاء ملك سعودي يصوغ عن حقوق اليهود في دولة تقريباً باللغة عينها. لكن من المفيد أن ننتبه إلى أن كلامه الذي قاله باللغة الإنكليزية لم يتضمن بعد اعترافاً بالدولة التي أقيمت منذ 70 عاماً، بل تضمن اعترافاً بحق الإسرائيليين بأن تكون لهم دولة كما أن ذلك من حق الفلسطينيين. وبدقة أكثر، أن الأمير السعودي لم يستخدم ولا مرة واحدة مصطلح "دولة" بل كلمات مثل "بلد" و"أمة".
•من انفعل بأن وليّ العهد السعودي هو أول زعيم عربي يعترف بحقوق الإسرائيليين بدولة قومية عليه العودة إلى المبادرة السعودية التي تحولت إلى مبادرة عربية سنة 2002، والتي جاء فيها، بين أمور أُخرى، أنه مقابل الانسحاب من كل المناطق (بما في ذلك هضبة الجولان) تتعهد الدول العربية بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها. لكن توقيع اتفاق السلام يجري بين دول تعترف ببعضها، أي أن الدول العربية اعترفت آنذاك بوجود إسرائيل، وليس فقط بالحق في وجودها. وتوقيع السلام والاعتراف بدولة ليسا مفهومين متشابهين. فإسرائيل تعترف بوجود دول عديدة، لكن ليس لديها اتفاقات سلام معها كلها.
•في الوقت عينه، لم يُسأل محمد بن سلمان، عن موقفه مما يُعرف بـ "صفقة القرن" التي يجري طبخها وربما تكون قد احترقت في مطبخ الرئيس ترامب، ولذلك لم يرد. هل ما يزال ولي العهد السعودي متمسكاً بانسحاب إسرائيل الكامل من كل المناطق كما تطلب مبادرة السلام العربية؟ وهل ستوافق السعودية على إدخال تعديلات على المبادرة؟ وهل ستكون مستعدة للاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل؟ وهل لدى الزعيم العربي رأي بشأن حدود 1967؟
•من المناسب أن يجري فحص طبيعة التعاون بين إسرائيل والسعودية على خلفية عداء الدولتين المشترك حيال إيران. وفي الوقت الذي تنتشر تقارير عن التعاون الأمني بين الاثنين علناً، والتقى ويلتقي إسرائيليون كبار مع مندوبين سعوديين، وبينما توجد بين الدولتين مصالح مشتركة (بحسب كلام ولي العهد نفسه)، يبدو أنه ليس للسعودية أي مشكلة في التعاون مع إسرائيل حتى من دون اتفاق سلام معها.
•طبعاً، تستطيع إسرائيل أن تشعر بالرضى عن مقارنة ولي العهد السعودي المرشد الأعلى الإيراني بهتلر، كما فعل بن سلمان، ويبدو أن إسرائيل مستعدة لمسامحة الأمير السعودي على "نسيان" ذكر المحرقة في هذه المقارنة. ومع ذلك ليس من غير الضروري أن نتساءل عن قيمة المصلحة الإسرائيلية – السعودية في كل ما يتعلق بإيران. هل هذه المصلحة ستدفع إسرائيل إلى الموافقة على تطوير السعودية مشروعها النووي، وهل ستشجع الكونغرس الأميركي على الموافقة على بيع السعودية تكنولوجيا نووية لأهداف سلمية، أم أنها ستواصل العمل على عرقلة صفقة المفاعلات التي جرى التوصل إليها بين واشنطن والرياض؟
•إن الجزء المثير للقلق في المقابلة مع بن سلمان يتعلق تحديداً بالطريقة التي يبلور فيها صورة الواقع في السعودية. وبالتحديد ممن سيكون أصغر ملك في الشرق الأوسط، والمعجب بالأعمال الفنية (أو على الأقل القادر على شرائها)، والذي يتكلم بالإنكليزية، ويعرف التصرّف وفق الأصول، كان من الممكن توقع ألا يبيعنا كلاماً فارغاً. لا وجود للوهابية في السعودية؟ الأقلية الشيعية في السعودية تعيش بأمان وسلام في مملكة تقمعها بشدة؟ لا يوجد سبب لمطالبة السعودية بانتهاج قيم غربية ، لأنه حتى كاليفورنيا وتكساس ليس لديهما قيم مشتركة، الممالك المطلقة هي في النهاية أمر جيد، لأن الملكية الفرنسية المطلقة هي التي ساعدت على قيام الولايات المتحدة؟ يبدو أنه عندما تكون ملكاً أو ابن ملك لست بحاجة إلى دروس أساسية، يكفي أن توقّع اتفاق شراء بقيمة 35 مليار دولار مع الولايات المتحدة وتسمح للنساء بالقيادة كي تُعتبر ليبرالياً.
•مع ذلك، فإن اختبار ولي العهد السعودي ليس في مدى معرفته بالتاريخ وإنجازاته في مجال حقوق الإنسان. إن قدراته السياسية والاستراتيجية والتطوير الاقتصادي لبلده هو الذي سيحدد مستقبل المملكة. حتى الآن من الصعب أن نسجل له إنجازاً سياسياً حقيقياً، لا في الحرب الفاشلة في اليمن التي لا يريد التحدث عنها، ولا في محاولاته تكوين نظام جديد في لبنان . لقد انسحب من سورية وأوضح أن الأسد سوف يبقى رئيساً للدولة بخلاف المواقف التقليدية للمملكة، وحتى النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني خالٍ اليوم من أي تدخل سعودي.
•إن رؤية ولي العهد السعودي بشأن تنويع مصادر دخل المملكة وتقليص اعتمادها على النفط كما عبّر في خطته "السعودية 2030" تنتظر البرهان عليها. وفي هذه الأثناء، عليه أن يواجه العجز في الميزانية الناجم سواء عن انخفاض أسعار النفط أو عن الإنفاق الضخم على الحرب في اليمن. يجب أن نتمنى له التوفيق لأنه ما يزال للسعودية دور مهم في بلورة سياسة مؤيدة للغرب في الشرق الأوسط، وهي ما تزال اليوم قادرة على التأثير في كثير من الأطراف الغربية والعربية. لكن من يرى في كلام بن سلمان إشارة إلى أن علم إسرائيل سيُرفع قريباً في الرياض، يجب عليه أن يفحص ما إذا كان هناك شريك للسعودية في إسرائيل.