الليكوديون الجدد: لماذا يندفع مؤيدو المعسكر الصيهوني إلى أحضان نتنياهو؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

•لماذا بخلاف كل ما تنبأ به "العارفون بالأمر" والمعلقون والخبراء، لم يجرِ تقديم موعد الانتخابات؟ ولماذا قرر بنيامين نتنياهو بخلاف أي منطق سياسي، وأزعم أن هذا قراره الشخصي، التنازل عن الفرصة الذهبية لإجراء انتخابات مبكرة من أجل تحقيق صعوده البارز في استطلاعات الرأي؟ ظاهرياً يبدو أن مصلحة نتنياهو المباشرة هي خوض الانتخابات وزيادة قوة حزبه، الليكود. ومَن يتجول في الشوارع يتكون لديه انطباع بأن الاستطلاعات لا تعكس حجم الضجة التي تثيرها تحقيقات الشرطة وانتقادات وسائل الإعلام وسط الجمهور، فمثل هذا التأييد الضخم لم نره منذ سنة 1981.

•لكن هذه المرة ينضم، بشكل مثير للدهشة، إلى دائرة المؤيدين التقليديين لنتنياهو مشاركون جدد. فالليكوديون الجدد الذين ألتقيهم ليسوا بالضرورة المجموعة التي انضمت إلى الحزب، هم من ناخبي هيرتسوغ [زعيم المعسكر الصهيوني المعارض] في سنة 2015، وهم يصرّحون بتحدّ واضح أنهم هذه المرة سيصوتون إلى جانب الليكود ونتنياهو.

•ما الذي حدث لهؤلاء الأشخاص الذين أعرفهم منذ أعوام كناخبين للوسط واليسار كي ينتقلوا إلى الطرف الآخر؟ وكيف يمكن ألاّ تشكل التحقيقات والشكوك وزناً مضاداً في مواجهة الأعذار التي برزت دفاعاً عن رئيس الحكومة؟ إليكم ما أسمعه من الذين تخطوا الخطوط: أولاً الاقتصاد؛ ثانياً الاحترام الذي يحظى به نتنياهو لدى زعماء العالم؛ والعذر الأكثر غرابة هو مصلحة الدولة.

•في رأيهم، ما دام دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فإن نتنياهو هو رصيد استراتيجي لا يمكن التخلي عنه. فلديه في هذه الأيام منصّة طبيعية، وليس هناك مثله للحديث عن الوحدة والأساطير المشتركة بيننا جميعاً. هذا ما حدث يوم ذكرى المحرقة والبطولة، وفي ذكرى شهداء الجيش، وما سيجري في الاحتفال بالاستقلال، علاوة على حفل تدشين السفارة الأميركية في القدس. ستكون هذه لحظته التاريخية. ومن الصعب رؤية حملة انتخابية تستطيع أن تتنافس مع هذه الصورة.

•في مثل هذا الوضع، فإن إجراء الانتخابات في حزيران/يونيو المقبل كان من الممكن أن يمثل قمة أحلام نتنياهو. كما أن ترجمة التأييد الشعبي الجارف إلى بطاقات انتخاب ومقاعد في الكنسيت كان من شأنه أن يبعث برسالة إلى متخذي القرارات في شارع صلاح الدين في القدس، فحواها أن هيئة المحلفين الكبرى الممتدة من المطلة حتى إيلات قالت كلمتها. وكل ما كان نتنياهو بحاجة إليه كي يفوز في هذه الانتخابات في هذا الموعد هو استخدام امتيازاته كرئيس لحزب الليكود، وتعيين مرشحين اثنين في قائمة الكنيست من أجل ضمان مكان لأفيغدور ليبرمان وصوفا لاندفر وهي عضو في حزب إسرائيل بيتنا، وضمان وضعهما في الحكومة الجديدة التي ستؤلف.

•لكن نتنياهو لم يكن يريد انتخابات، فهو، بخلاف المعارضة التي تظاهرت بأنها تريدها، قال الحقيقة، وهي أنه يريد إجراء الانتخابات في موعدها. هذا ما قاله وما خطط له، لكنه بذكاء كبير لم يعارض الذين لم يصدقوه. وما حدث هو أن نفتالي بينت وأييلت شاكيد مع أطراف أُخرى من المعارضة لم تكن واثقة بما يريده نتنياهو، بذلوا جهدهم كله لمنع حل الحكومة.

•لم يكن نتنياهو يريد انتخابات لسبيين. الأول سخيف: لقد أصبح ناضجاً، ولم يعد مأخوذاً بالنتائج المشجعة لاستقصاءات الرأي العام. أنت تعرف كيف تدخل إلى المعركة الانتخابية لكنك لا تعرف كيف تخرج منها. غير أن السبب الثاني هو الأكثر أهمية، لكنه ليس ظاهراً أمام أعين المعلقين. نتنياهو لاعب شطرنج سياسي يفكر في عمليات كثيرة مسبقاً، ورأى خطراً لم يره الآخرون. فقد رأى الخطر الذي يكمن في الفرق بين إقالة رئيس حكومة من منصبه على خلفية شكوك وربما كتاب اتهام ضده، وبين تكليف نائب منتخب بتشكيل الحكومة، وهو يعاني جرّاء هذا الوضع الحساس.

•لا تبرز في المادة التي نُشرت حتى الآن بشأن جميع الملفات، حجة تبرر تقديم لائحة اتهام، وعلى ما يبدو فإن القرار في هذا الشأن لن يُتخذ قبل حزيران/يونيو. وفي مثل هذا الوضع، فإن الهجوم الإعلامي على نتنياهو اليوم كان سيقلل من احتمال أن يكلف رئيس الدولة بتشكيل الحكومة شخصاً توصي الشرطة بإحالته على المحاكمة بتهمة حصوله على رشى في أثناء قيامه بمهمته.

•من المدهش كيف أن وزراء وزعماء أحزاب ومعلقين سياسيين رصينين فكروا في أن نتنياهو سيجازف طوعاً بأن يرشحه جميع شركائه الائتلافيين والمحتملين لدى رئيس الدولة في مواجهة مثل هذا الضغط. وكيف خطر في بالهم أن نتنياهو بعد كل الخلافات بينه وبين الرئيس رؤوفين ريفلين، لن يأخذ في حسابه احتمال ألاّ يطلب منه رئيس الدولة تشكيل الحكومة؟

 

•نتنياهو ليس بحاجة إلى انتخابات كي يثبت التأييد الشعبي المتزايد لاستمرار ولايته، ودولة إسرائيل ليست بحاجة إلى معركة انتخابية لا ضرورة لها ومكلفة. على أي حال هناك أمر واضح: الجمهور ليس ساذجاً، وهو ليس مستعداً، ولا ضرورة لأن يدفع تكلفة معركة انتخابات سنحصل في نهايتها على المرشح الأكثر ملاءمة لمنصب رئاسة الحكومة، أي بنيامين نتنياهو.