إسرائيل تتقدم في الكشف عن الأنفاق، وغزة تردّ بزرع العبوات على السياج الحدودي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•لم يعد في الإمكان تجاهل الأمر: الحدود مع قطاع غزة تزداد سخونة، ويدل على ذلك بوضوح تفجير عبوة ناسفة لدى مرور قوة من الجيش الإسرائيلي كانت تتحرك على طول السياج الحدودي في الأمس، والهجمات الجوية الإسرائيلية رداً عليها. ربما يبدو أن خلفية التوتر لها علاقة بوضع "حماس" المعقد، لكن يبدو أيضاً أن لها علاقة بالجهد الإسرائيلي لتدمير الأنفاق الهجومية التابعة لـ"حماس".

•عندما بدأ قبل نحو عام مشروع بناء الجدار ضد الأنفاق على طول القطاع، ظهرت تكهنات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن "حماس" يمكن أن تقوم بتسخين الحدود بهدف عرقلة بناء الجدار، أو استباق ذلك واستخدام الأنفاق الهجومية التي حُفرت قبل أن يجري هدمها. ومنذ ذلك الحين جرت المحافظة بصورة عامة على هدوء أمني في القطاع، وتقدمت الأعمال المكثفة تقريباً من دون إزعاج. لكن في الأسابيع الأخيرة تغير شيء ما، فقد جرى تفجير ما لا يقل عن أربع عبوات ناسفة ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول السياج. وفي إحدى المرات، ونتيجة عطل فني خطير وقع خلال معالجة عبوة مخبأة داخل علم فلسطيني، جُرح أربعة جنود.

•في الجيش الإسرائيلي لا يُقال مباشرة مَن المسؤول عن زرع العبوات في الشهر الأخير، لكن عدة تقديرات طُرحت، بينها أن المسؤول هو منظمات سلفية متطرفة، أو ناشطون "مارقون" من "حماس"، أو عملية مخطط لها ومُعدّة من جانب حركة "حماس" نفسها. وفي جميع الأحوال، فإن من الصعب أن يتكرر ذلك من دون غضّ نظر على الأقل من جانب "حماس".

•إن مواقع المراقبة التابعة لقوة "المدافعون عن الحدود " التي أقامتها "حماس"، تسيطر على أغلبية العمليات على طول الحدود، فالحركة بصورة عامة تحرص على تطبيق التفاهمات التي جرت بلورتها في نهاية عملية عمود سحاب في سنة 2012، والتي تمنع الوجود على مسافة 100 متر من السياج مع إسرائيل. وإذا حدث دخولٌ فلسطيني إلى هذه المنطقة تحت غطاء التظاهرات الأسبوعية التي تحدث كل يوم جمعة أو في مواعيد أُخرى، فإن من المعقول أن هذا إنما يجري بمعرفة من "حماس" أو بموافقتها.

•في هذه الأثناء يتقدم بناء الجدار الذي يجري على طول أغلبية مناطق القطاع، وسينتهي العمل فيه في العام المقبل بتكلفة عامة تبلغ قرابة 3 مليارات شيكل. وفي الوقت عينه، يحسّن الجيش الإسرائيلي أسلوب الكشف عن الأنفاق، وقد جرى منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي اكتشاف أربعة منها على الأقل وتدميرها. ووصف قائد المنطقة الجنوبية إيال زمير الجدار بـ"مقصلة تدمير الأنفاق" لأنه يقصّ الأنفاق ويضعها خارج الخدمة.

•هاجم الجيش هذه الليلة نفقاً يقع داخل أراضي قطاع غزة، وأغلق جزءاً منه بعد محاولة "حماس" استخدامه من جديد بالقرب من معبر كفر سالم جنوبي القطاع. وتحدثت تقارير فلسطينية أيضاً عن قصف إسرائيلي لمنطقة زراعية تقع شرقي حي الزيتون في غزة. وبناء على تجربة الماضي، فإن هذا القصف هو بصورة عامة معلومات تمهيدية لوصف مهاجمة أنفاق.

•في الخلفية تتفاقم الأزمات في غزة. وقد زادت محاولة اغتيال رامي الحمد الله رئيس الحكومة في السلطة بعد دخول موكبه إلى القطاع في الأسبوع الماضي، في حدة التوتر بين المعسكرين الفلسطينيين المتخاصمين. فالسلطة الفلسطينية تتهم "حماس" بالمسؤولية عن المسّ بسلامة الحمد الله ورئيس جهاز الاستخبارات العامة في الضفة ماجد فرج، اللذين أصيب بعض حراسهما بجروح طفيفة جرّاء الانفجار، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يدرس حالياً توقيف انتقال الأموال من رام الله إلى غزة بصورة أكثر صرامة. وقد اتهم أمس وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي يبدي شكوكاً دائمة حيال نيات عباس، في مقابلة أجرتها معه محطة إخبارية، عباس بأنه يقوم عن قصد بتوتير الأجواء في القطاع بهدف جرّ إسرائيل إلى مواجهة عسكرية ضد "حماس".

 

•في الخلاصة، إن التصعيد في القطاع واضح، ويكفي وقوع حادث واحد يتسبب بسقوط عدد كبير من المصابين نتيجة هجوم فلسطيني أو عملية إسرائيلية، حتى يتدهور الطرفان إلى اشتباك عسكري واسع النطاق. وحتى الآن يبدو أن إسرائيل توجه مسار الأمور بحذر نسبي، وهناك حاجة حالياً إلى إظهار مزيد من ضبط النفس ومن التعقل للحؤول دون حدوث مواجهة عسكرية حقيقية.