من المتوقع أن يتحول لبنان إلى التحدي المركزي للاستخبارات العسكرية في السنوات المقبلة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•سينهي رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي في الشهر المقبل مهماته، بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة، جرى خلالها تغييرات هائلة في الشرق الأوسط. هليفي الذي تولى مهماته في ذروة مواجهات غير محسومة في المنطقة بصورة عامة وفي سورية بصورة خاصة يتركها بينما تأخذ الاتجاهات في الاستقرار، على الرغم من كونها بعيدة عن أن تضمن لإسرائيل سنوات من الهدوء.

•المحور الشيعي- الإيراني الذي عرف أياماً صعبة للغاية حتى لحظة تدخّل بوتين في سورية، تتعاظم قوته، ونهاية مهمات رئيس الاستخبارات العسكرية تحدث في ظل مؤشرات على "عودة حزب الله إلى لبنان". بعد مرور أكثر من 11 عاماً من الهدوء على الحدود  مع لبنان، يدل الشهر الأخير إلى تغيّر في الوجهة. صحيح أن حرب لبنان الثالثة ليست على الأبواب، لكن يعتقد العديد من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية بأن الفترة القادمة ستشكل تحدياً للهدوء الطويل الذي تحقق في سنة 2006.

•إن الانتصار الواضح للمحور الشيعي، والشهية الإيرانية للتأثير في المنطقة، بالإضافة إلى مشروع الصواريخ الدقيقة الذي كشفت عنه إسرائيل هذا الأسبوع، كل ذلك يشير مرة أُخرى إلى أن لبنان وحزب الله يشكلان التهديد المركزي الذي يمكن أن يأتي منه الشر. هناك أسباب عديدة تجعل حقاً إسرائيل ولبنان غير معنيين بحرب. ومن المفترض أن تجري في الصيف انتخابات في بلاد الأرز، وفي إسرائيل يتوقعون ازدياد القوة السياسية الشيعية نتيجتها. لماذا المخاطرة بحرب بعد سنوات من الانتقادات الداخلية الموجهة إلى حزب الله بسبب دخوله إلى المعركة في سورية، التي كبدته ثمناً باهظاً؟ يوجد حزب الله حالياً في الطرف المنتصر، لكن لا يمكنه إخفاء جروحه العميقة. نصر الله زعيم براغماتي، ولبنان مهم بالنسبه إليه، وهو ينتبه إلى اصوات الداخل، ولن يسارع إلى خوض حرب من أجل مصنع صواريخ يُقصف في ظروف غامضة.

•لكن على الرغم من ذلك، وفي الصراع على الخطوط الحمراء، فإن قوانين المنطق الأساسية لا تنجح دائماً. خلال فترة تولّي هليفي مهماته نجحت الاستخبارات العسكرية في فهم حدود القدرة على تقويم نتائج مواجهات وعمليات تجري في دول مجاورة. وقد جرى تنسيق التوقعات بشأن قدرة الاستخبارات على التنبؤ بتغييرات في واقع معقد مع المستوى السياسي، إذ تتداخل في النظام الإقليمي مصالح تنظيمات ارهابية، وميليشيات ودول عظمى. وحالياً، ليس هناك في شعبة الاستخبارات من يغامر بالتباهي بقدرته على التنبؤ كل أسبوع بما سيجري في منطقتنا في السنة المقبلة، وهذا إلى حد بعيد أفضل من التباهي بمعرفة كل شيء والوقوع في الخطأ في كل شيء من جديد. ومن دواعي السخرية أنه في زمن المنظومات الذكية، وBig Data، وكاميرات في كل زاوية، وتكنولوجيا مستقبلية قادرة على تبيان المعلومات الاستخباراتية المهمة من وفرة معلومات لا تنتهي، فإن مجال التوقع أصبح أكثر تعقيداً.

•من الصعب القول أن الإيرانيين وحزب الله لم يتعلموا الدرس. فالعمليات الغامضة المنسوبة إلى إسرائيل (ضمن سياق معركة بين حروب) أصبحت معقدة أكثر فأكثر. العدو يتعلم، الخطوط الحمراء رُسمت، وأحد أكبر التحديات المطروحة على رئيس الاستخبارات العسكرية هو معرفة كيفية تلبية ما يتطلبه القطاع: فعالية عملانية، لكن من خلال المحافظة على هوامش واسعة بما فيه الكفاية بعيداً عن تصعيد محتمل.

•لقد كان التحدي المركزي بالنسبة إلى هليفي هو سورية.  أمّا بالنسبة إلى مَن سيحل محله، تامير هايمن، فيبدو أن لبنان سيكون القطاع الأكثر أهمية  في معالجة المخاطر المركزية، بالإضافة إلى الساحة الفلسطينية القابلة للانفجار.

•من هذه الزاوية، فإن الاستعداد الإسرائيلي لمواجهة شاملة في الجنوب وفي الشمال، ستأخذ أيضاً في الاعتبار مرونة العملية. ويمكننا التقدير بحذر أنه كلما تقدمت إسرائيل في معركتها ضد الأنفاق في الجنوب، وفي بناء العائق تحت الأرض، فإنها ستسمح لنفسها التجرؤ أكثر في الشمال. إن المواجهة مع الأنفاق الهجومية في الجنوب، وفي المقابل الدخول في مواجهة في الشمال لا يُعدّان سيناريو مرغوباً فيه.

•حالياً، تبرز في الأفق نهاية تهديد الأنفاق التي تتسلل في الجنوب. في تقدير المؤسسة الأمنية أن "حماس" ستشارك في إطلاق الصواريخ في حال نشوب مواجهة في الشمال، لكن في المقابل، فإن حزب الله لن يسارع إلى فعل ذلك إذا نشبت معركة في الجنوب، ولا حتى تحت ضغط إيراني. 

•إن مقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منليس، الذي نُشر في عدد من المواقع الإعلامية العربية، وحذّر من التدخل الإيراني في لبنان، يجب ألاّ يجري التعامل معه كتحليل صحافي. فهو إلى حد بعيد أداة في هذه المعركة بين حروب. ومثل عمليات أُخرى هجومية أكثر، أيضاً في هذه الحالة المستهدف أساساً هو الوعي. وبدلاً من الهجوم أُطلقت كلمات. ويتضح على الأقل بناءً على الردود من لبنان ومن حزب الله، أن الكلمات تشعل أحياناً ناراً أكبر. هل الكشف عن مصنع صواريخ والتهديدات سيوقفان المشروع؟ سنعرف الجواب بعد بضعة أشهر. وفي جميع الأحوال تبدو زيارة رئيس الحكومة نتنياهو إلى روسيا والرسائل التي أُرسلت من هناك ، بمثابة استمرار مباشر للأمور، والجهد السياسي لكبح الإيرانيين من المنتظر أن يزداد أيضاً من جانب دول أخرى في العالم.

 

 

المزيد ضمن العدد 2785