حذار أن يُسكرنا الاحتضان الأميركي
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•من السهل أن ننفعل بخطاب مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في الكنيست. فهو خطاب احتضان أظهر أنه توجد في الولايات المتحدة مجموعة كبيرة مؤيدة لإسرائيل. صحيح أن نائب الرئيس أوضح أن الإدارة الحالية تؤيد حل الدولتين، لكن عبر مسار من العمل معاً وليس عبر التصادم معها. هناك شعور بالارتياح لمعرفة أنه يوجد في واشنطن من يؤيدون إسرائيل بالاستناد إلى رؤيتهم إلى العالم، وليس انطلاقاً من مصالح فقط. من الأسهل لإسرائيل أن تتعامل مع طرف لا يتجاهل الرفض الفلسطيني، وينظر بالطريقة نفسها التي تنظر هي بها إلى الخطر الذي تشكله إيران. 

•لكن يجب ألاّ تختلط علينا الأمور، وأن نعتقد أن هذا الخطاب يُنبىء بالتوجه التاريخي للولايات المتحدة أو للعالم كله. حالياً، الولايات المتحدة في خضم مواجهة حادة بشأن أسلوبها ونظرتها. كي نفهم ذلك، من المفيد أن نتذكر أنه قبل يوم واحد من خطاب نائب الرئيس شُلت الولايات المتحدة لأن الرئيس الأميركي لم ينجح في الحصول على موافقة الكونغرس على ما يريده، على الرغم من أن لحزبة أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ. فقد رفض الطرف الثاني، أي الديمقراطيون في الكونغرس التساهل، لأن كثيرين يعتقدون أن هناك فرصة كبيرة لأن يصبح مجلس الشيوخ ديمقراطياً في الانتخابات المقبلة بعد عشرة أشهر. لذا يجب عدم التنازل لرئيس يوشك أن يخسر نصف الكونغرس.

•يكرر الديمقراطيون التذكير بأن انتخاب الرئيس الحالي كان حادثة عرضية في طريق تغيّر دراماتيكي لطابع الولايات المتحدة، وهو بمثابة رد غير إرادي من جانب الذين يخوضون نضالاً خاسراً ضد أميركا مختلفة. وبمصطلحات إسرائيلية، لا علاقة لها بأسلوب الانتخابات الأميركية، فإن هذه حجة قوية، فقد صوّت لمصلحة هيلاري كلينتون مليونا أميركي، أكثر من الذين صوتوا لمصلحة الرئيس.

•يدور الصراع بين وجهتي نظر، محافظة ضد ليبرالية، أساساً، بشأن موضوعات داخلية أميركية، بدءاً بأسلوب العلاج الطبي المناسب، والضرائب، وقضية المحافظة على البيئة، وقضية الإجهاض، والهجرة، ووضع الطائفة المسيحية في الولايات المتحدة. وتوجد أصداء للخلاف أيضاً في مجال السياسة الخارجية، مثل العلاقات مع أوروبا، والاستعداد الأميركي لإقامة علاقات حقيقية مع دول استبدادية لا تحترم قواعد الديمقراطية الغربية، وأيضاً بالنسبة إلى معالجة موضوع الفلسطينيين والعلاقة مع إيران.

•تشكل إسرائيل في هذا الصراع أداة بين أدوات كثيرة، وهي ليست الموضوع الأهم، لكنها تبرز كذلك بسبب علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة، وبسبب مكانة اليهود في المجتمع الأميركي بصورة عامة، وفي السياسة الأميركية بصورة خاصة. في هذا الصراع، لا يوجد تطابق واضح في المصالح بين ما هو مهم بالنسبة إلى جزء كبير من يهود الولايات المتحدة، وبين ما هو مهم بالنسبة إلى إسرائيل، وذلك لأنهم ينطلقون من وجهة نظر أقلية صغيرة في مجتمع لا يستوعب الأقليات بسهولة ، وجهة نظر هي أقل أهمية من ناحية إسرائيل. لذا ليس مضموناً الحصول على تأييد أجزاء مهمة من الجمهور اليهودي لكل نضال إسرائيلي، لأن جزءاً منهم يعطي التحالفات الداخلية مع الجانب الليبرالي في المجتمع الأميركي أهمية كبيرة. هذا من دون أن نأخذ في الاعتبار غضب مجموعات كبيرة في المجتمع اليهودي على سيطرة وجهة النظر الأرثوذكسية في إسرائيل، من خلال المسّ بالمجموعات الإصلاحية والمحافظة التي تمثل أغلبية السكان التي تعتبر نفسها تنتمي إلى الطائفة المنظمة في الولايات المتحدة.

•لهذه الأسباب كلها من الأفضل ألاّ نسكَر من الاحتضان الحار من جانب الفئة المحافظة في المجتمع الأميركي التي تحكم اليوم في واشنطن. ويجب أن نستغل هذا الوضع لتعزيز خطط مشتركة في مجال الاستخبارات والأمن للدفع قُدُماً بمصالح حيوية بالنسبة إلى إسرائيل، وعدم القيام بخطوات ترفضها أطراف أُخرى في الولايات المتحدة وفي العالم، وبصورة خاصة في أوروبا.

 

•إن جزءاً من طبيعة النظرة الاستراتيجية قدرتها على رؤية الاحتمالات، الجيدة والخطرة المتوقعة في المستقبل، وأخذها في الحسبان. وهذا أكثر صعوبة عندما تكون أوضاع الحاضر مغرية ومريحة. إننا نرحب بها، لكن في الوقت عينه يتعين علينا التفكير في المستقبل، الذي لا يبدو مضموناً.