من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•صحيح أن هجوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من خلال عبارات مثل "لتذهب إلى الجحيم" و"يخرب بيتك" يعيد إلى الأذهان مقولة [وزير الخارجية الإسرائيلية السابق] آبا إيبان إن "الفلسطينيين لم يفوتوا أي فرصة لتفويت الفرص"، لكن صحيح أيضاً أنه منذ سنوات لا تنطبق هذه المقولة على الفلسطينيين فقط كون إسرائيل أيضاً هي ممن يفوتون الفرص.
•كانت البداية في صيف 1970 عندما قالت [رئيسة الحكومة السابقة] غولدا مائير نعم التي تعني لا لمبادرة [وزير الدفاع السابق] موشيه دايان للانسحاب من قناة السويس بموافقة [الرئيس المصري السابق] أنور السادات، وتحملت المسؤولية عن حرب "يوم الغفران" [حرب تشرين/ أكتوبر 1973]. ومنذ ذلك الحين زادت الدلائل على أن إسرائيل أيضاً تصد كل مبادرة سياسية جدية.
•لكن الفلسطينيين هم شركاء كاملون في هذا الوضع. فهذا ما كان عندما عادوا في تسعينيات القرن الفائت إلى الإرهاب الذي أنهى اتفاقات أوسلو ورفع بنيامين نتنياهو إلى سدّة الحكم. وهذا ما كان عندما رفض ياسر عرفات استعداد [رئيس الحكومة السابق] إيهود براك للبحث بصورة متساهلة بشأن مستقبل القدس [2000]، وعندما لم يرد محمود عباس مطلقاً على الخريطة النهائية للحدود التي عرضها عليه [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت [2008].
•إن استعراض المفترقات التي خيبت الآمال منذ ذلك الحين يثبت أن ثمة سلوكاً واحداً لإسرائيل، فطالما أن العالم سلّم بادّعائها أن الفلسطينيين هم المسؤولون عن الجمود السياسي وتوجد على ذلك براهين كثيرة، ظلت إسرائيل تراوح مكانها ولم تطلب أكثر. وتمثل كل ما أرادته في أن يصادق الأميركيون على أنها تتصرف بصورة سليمة، ولم يكن لها أي شأن في التقدم نحو أي اتفاق جدي.
•إن هذا السلوك يتكرّر الآن. فنتنياهو يبدو كما لو أنه وصل إلى الهدف الذي يسعى نحوه من خلال خطاب عباس. وهذا الخطاب هو أبلغ دليل حاسم على أن الفلسطينيين لا ينوون صنع السلام مع إسرائيل. وبحسب قناة التلفزة "حداشوت" [قناة التلفزة الثانية] فإن عباس حصل على معلومات تفيد بأن اقتراح الحل الأميركي فارغ من أي مضمون بالنسبة إلى الفلسطينيين، وبدل المساومة قام بإلقاء زجاجة حارقة في قلب الصراع، وحكومة إسرائيل سعيدة، فكل شيء سيبقى متجمداً في مكانه.
•في نفس تلك النشرة في قناة التلفزة كُشف النقاب أيضاً عن أن نائب وزير الدفاع إيلي بن دهان يعمل على شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، الأمر الذي يثبت أن إسرائيل، في ظل حكم نتنياهو، فقدت كل الكوابح، وأنها فرحة برفض الفلسطينيين إجراء مفاوضات بدلاً من علاج الطريق المسدود والنتائج الخطرة على المدى البعيد التي ستترتب على انعدام الاتصالات السياسية.
•إن ترامب هو بمثابة "شرك عسل" لإسرائيل، وإدارته التي ستتبنى بالكامل موقف نتنياهو ستحبط أي مفاوضات. وعلى الرغم من أن الحكومة راضية، من الحيوي وجود شخص مسؤول يوقف هذا الأمر ويقول بإنكليزية سليمة: It is too good to be true. وذات يوم سواء بوجود ترامب أو عدمه، سينفجر الواقع العنيف في وجه إسرائيل إذا لم تحسن التصرف بصورة معتدلة وإذا لم تعرض على الأميركيين العمل من أجلها بصورة حذرة أكثر.
•إن نتنياهو يقوم باستغلال الخطاب البائس الذي ألقاه عباس لأغراض سياسية، ومن أجل تبرير الفشل الذي يقوده هو نفسه. وعلينا تذكر أن هذه الطريقة لم يخترعها نتنياهو، فغولدا مائير كانت هناك قبله. وهي أيضاً كانت راضية عن فشلها الذي أوصلنا جميعاً إلى حرب "يوم الغفران".