•بحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي فإن حركة الجهاد الإسلامي هي التي تقف وراء قذائف الهاون التي استهدفت مستوطنات غلاف غزة في الأيام الأخيرة. والأهمية المترتبة عن ذلك كبيرة.
•منذ 2007، تاريخ سيطرة "حماس" على قطاع غزة، تعتبر إسرائيل أن الحركة هي الحاكم الفعلي هناك. ومباشرة بعد حدوث ذلك، أعلن رئيس الحكومة آنذاك إيهود أولمرت أن قطاع غزة "أرض معادية" تنطلق منها عمليات ضد السكان الإسرائيليين. وأن حركة "حماس" هي المسؤولة عن كل ما يحدث هناك.
•لقد كان بيان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في 3 كانون الثاني/يناير خارجاً عن المألوف. فهو لم يشِر هذه المرة إلى أن إسرائيل تعتبر "حماس" هي المسؤولة عن القصف. قد يكون أحد أسباب ذلك، كما يبدو، هو أن "حماس" تجد صعوبة في السيطرة على ما يجري في القطاع، بسبب التدخل الإيراني الآخذ في الازدياد.
•ومع أنه يبدو أن "حماس" تقوم بمحاولات تهدئة الوضع على الأرض، تواصل حركة الجهاد الإسلامي إطلاق القذائف على إسرائيل. وكانت القذائف التي أُطلقت في الأيام الأخيرة من صنع إيراني، وهو ما يشير بصور رمزية إلى أن تعاظم القوة الإيرانية يجري من خلال حركة الجهاد الإسلامي.
•في شهر أيار/مايو 2016 نشرت صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن أن إيران تدعم حركة الجهاد الإسلامي بمبلغ ثابت قدره 70 مليون دولار سنوياً. كما تحدثت أيضاً عن تعيين خالد منصور، المقرب من الحرس الإيراني، قائداً للكتائب في قطاع غزة.
•تؤيد إيران أيضاً حركة "حماس" (بحسب بيان أصدرته حماس في آب/أغسطس مؤخراً قدمت إيران سلاحاً وأموالاً كثيرة إلى الحركة بعد سنوات من قطع العلاقات بين الطرفين). لكن هناك عناصر تهدئة تؤثر أيضاً في الحركة مثل مصر. وحالياً، بعد "اتفاق المصالحة" مع السلطة الفلسطينية، يمكن الافتراض أن مصر ستحاول إقناع "حماس" بالمحافظة على الوضع القائم حيال إسرائيل وعدم تصعيده، بهدف تحقيق نتائج سياسية.
•يبدو أن الأذرع الإيرانية الطويلة أصبحت تحيط بإسرائيل: من لبنان يتحرك حزب الله، الذي لا يستطيع البقاء من دونها. في سورية تموّل إيران ميليشيات شيعية تقاتل إلى جانب النظام السوري ضد المتمردين وهي تخطط للبقاء في المنطقة أيضاً بعد انتصار نظام الأسد. في قطاع غزة لا يزال نفوذ إيران أقل كثيراً من نفوذها في لبنان وفي سورية، لكن إذا نجح الإيرانيون في توسيع نفوذهم هناك أيضاً فإن ذلك سيشكل تحدياً صعباً جداً بالنسبة إلى دولة إسرائيل. حالياً تتنافس حركة الجهاد الإسلامي التي تأتي في الدرجة الثانية من حيث الحجم مع حركة "حماس". وبواسطة الدعم الإيراني يمكن أن تكبر الحركة وأن تتحول إلى تنظيم أكثر خطراً على إسرائيل، وستكون النتيجة نشوء جبهة إضافية تسيطر عليها إيران سيطرة كاملة.
•بناء على ذلك، ومع الصعوبة الذهنية التي ينطوي عليها الأمر، يتعين على إسرائيل أن تستعد للقيام بتغيير نظري، وأن تحاول أن ترى أن "حماس" يمكن التحادث والتوصل إلى اتفاقات معها. وأن تحاول الدخول في مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية إذا نضجت الشروط لذلك، حتى لو لم يجرِ تنفيذ مطلب الطاقم الوزاري المصغر بشأن نزع سلاح "حماس". وذلك من أجل الحؤول دون تمدد حركة الجهاد الإسلامي التي يمكن أن تتحول إلى وضع دائم يؤدي إلى مزيد من توسع التهديد الإيراني الوجودي لدولة إسرائيل.