التهديد المباشر فقط هو ما يخيف إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إيران هي المنتصرة في الحرب في سورية. فقد أقامت جسراً برياً إلى البحر الأبيض المتوسط يمر عبر العراق وسورية، والميليشيات الواقعة تحت سيطرتها موجودة بالقرب من الحدود مع إسرائيل وأيضاً من الحدود مع الأردن، ويستطيع الحرس الثوري الإيراني استخدام القواعد البحرية والجوية في سورية في تحركاته. وهكذا نشأ واقع جديد في المنطقة، لا تستطيع حكومة مسؤولة في إسرائيل قبوله. إن جميع التغيرات الاستراتيجية السلبية التي قبِلتها حكومات إسرائيل في الماضي، مثل تعاظم قوة حزب الله العسكرية في لبنان وسلطة "حماس" في غزة، أدت إلى حروب لم تخرج إسرائيل منها منتصرة.

•يمثل انتشار إيران الجديد في سورية تقدماً فعلياً على طريق خلق "الحصار الصاروخي" على إسرائيل، الذي يعتبره الزعيم الإيراني علي خامنئي وصْفة مؤكدة للقضاء عليها. عاجلاً أم آجلاً لن يكون في إمكان إيران مقاومة إغراء استخدام المزايا التي حصلت عليها في سورية، كذلك إسرائيل يمكن أن تعيد النظر في سياستها وتفرض خطوطها الحمراء في سورية بالقوة. 

•في جميع الأحوال، سيؤدي الوضع إلى مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل، سواء كان في أراضي سورية ولبنان. في المعركة البرية إسرائيل ستتغلب. وبعد قتال مستمر سيتعرض حزب الله والميليشيات الشيعية لضربة قاسية. وهم سيخسرون عدداً كبيراً من المقاتلين،  وبصورة موقتة، إلى أن يُفرض الانسحاب على إسرائيل، سيخسرون، سيطرتهم البرية. 

•ومع ذلك، فإن الجبهة الداخلية الإسرائيلية ستتعرض لضربات قاسية، حتى لو أُطلق جزء صغير من الصواريخ التي نشرتها إيران في لبنان - 100 ألف أو أكثر- في اتجاه إسرائيل. من المهم أن نتذكر في هذا  السياق أن جزءاً من الصواريخ المنشورة في لبنان، ومستقبلاً حتى في سورية، هو أكثر دقة وذو قدرة على حمل رأس متفجر أكبر، وأن عدد الصواريخ في لبنان وسورية يفوق كثيراً عدد الصواريخ الاعتراضية التي يملكها الجيش الإسرائيلي. إن قرار تخصيص موارد أكبر للقدرة الهجومية والاستخبارات وليس للمنظومة الدفاعية هو قرار محق، لكن الثمن هو إصابة جزء من الصواريخ الداخل الإسرائيلي ، بما في ذلك أهداف مهمة.

•إن صورة نهاية الحرب، على الرغم من كل الإنجازات البرية، لن تكون صورة انتصار لإسرائيل. والأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية ستخفف من إنجازات القتال. وفي نهاية الحرب لن يتغير ميزان القوى في المنطقة، ولن تتعزز صورة إسرائيل الردعية. والصور التي ستظهر على شاشات التلفزيون في العالم لن تكون صور مقاتلي الجبهة الشمالية وهم يرفعون علمهم فوق معاقل حزب الله، بل صور مقاتلي الجبهة الداخلية وهم ينتشلون الجثث من تحت أنقاض الأبنية العالية في تل أبيب. هذا أمر مؤسف، لكن هذا ما سيحصل، وستكون هذه حرباً لا تبرر نتائجها الاستراتيجية الثمن الدموي. 

•ثمة فرصة للحؤول دون وقوع الحرب المقبلة، ليس من خلال تجاهل الواقع، بل من خلال تغيير جوهري في معادلة الردع. حالياً تقول إسرائيل إنه إذا تعرضت الجبهة الداخلية في إسرائيل للهجوم، فهي ستدمر البنية التحتية المدنية في لبنان. هذا لا يؤثر على أحد في طهران،  هناك تُتخذ القرارات وليس في بيروت. إذا انقطعت الكهرباء والمياه لدى المسيحيين والسنة والشيعة في لبنان، فإن هذا لن يردع الإيرانيين.

•لقد أثبتت حرب سورية أن إيران تعتبر أرواح اللبنانيين عتاداً للاستهلاك. وفي الإمكان منع إيران من إعطاء الأوامر بمهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية فقط إذا كان واضحاً أنها هي نفسها ستدفع الثمن. 

•يتعين على إسرائيل أن توضح أنه إذا تعرضت جبهتها الداخلية للهجوم فإنها ستدمر البنية التحتية لتصدير النفط في إيران. ومثل هذه الضربة من شأنها استئصال قدرة إيران الأساسية وتركيعها. وفي إمكان إسرائيل القيام بذلك.  

•يجب منع وقوع حرب لا تستطيع إسرائيل أن تخرج منها منتصرة، من دون علامات سؤال ومن دون لجان تحقيق. والسبيل الوحيد لذلك هو خلق معادلة ردع جديدة.