هناك تفسير واحد فقط للهوس المستحوذ على وزير الدفاع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•الهوس الذي استحوذ على وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، في الأسابيع الأخيرة له تفسير محتمل واحد: الانتخابات. رائحة الانتخابات القوية تخيم على الساحة السياسية، وهذه الرائحة تُفقِد الجميع صوابهم، خصوصاً ليبرمان، الذي حاول طوال فترة طويلة أن يروج لنفسه، من دون نجاح، صورة  العاقل المسؤول والهادىء. لقد تبددت هذه المحاولة نهائياً مع بداية هجماته الهمجية ضد الجمهور العربي ونوابه.

•ربما يجب أن نرى في هجومه الأخير نوعاً من الاعتدال؟ أو يجب أن نستعد للأسوأ الذي سيأتي؟ لأن هذا هو ليبرمان نفسه الذي دعا في فترة الانتخابات إلى قطع رؤوسنا بالسواطير. متأثراً على ما يبدو بالأجواء الداعشية، وأيضاً بالجو العام في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية،  ومع الأسف بالجو العام المؤيد، أو على الأقل الذي يجعل من الممكن نشر مثل هذه الأفكار.

•لقد تحولت خطة الترحيل والطرد إلى جزء لا يتجزأ من حملة حزب أفيغدور ليبرمان الانتخابية. لكن كل انسان عاقل يعلم أن طرد سكان وادي عارة ونقل البلدات والقرى في هذه المنطقة إلى حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية هو، أقل ما يقال عنه، فكرة وهمية، ليس فقط لأننا كمواطنين عرب نعارض الفكرة، ولأن تحقيقها مرتبط بالحرمان القسري لمئات الآلاف من مواطنيتهم، بل لأن ما يجري الحديث عنه هو خطة لن تطبَّق، إذ لا يمكن في أي ظرف من الظروف أن توافق دولة إسرائيل على مرور حدودها بالقرب من الخضيرة، ومن أجل الوصول إلى عفولة يجب المرور بأراضي دولة فلسطين. فإذا كان هذا هو واقع الحال، لماذا يكرر ليبرمان هذه الخطة مراراً وتكراراً ؟ 

•إن خطة الطرد، كمقاله بالأمس في "هآرتس" [هاجم فيه النواب العرب في الكنيست ودعا اليهود إلى مقاطعة أم الفحم وسكان وادي عاره اقتصادياً]، هما جزء من خطة استراتيجية واسعة النطاق. يريد ليبرمان من خلالها تأجيج العنف بين اليهود والعرب في إسرائيل، وهو يفعل ذلك من خلال نزع الشرعية وشيطنة مواطني الدولة العرب، ومن خلال إظهارنا كجبناء، وخطرين وحتى قتلة. 

•بالنسبة إليه، بناء الهوية الإسرائيلية يكون من خلال حرمان المواطن العربي من مواطنيته، وأن العربي يعيش موقتاً في الدولة، وجوهر وجوده فيها ليس أمراً منتهياً. والهدف هو حرمان الجمهور العربي من شرعيته السياسية، والتشكيك في جوهر مواطنيته. ما هو الفارق بين عربي من سكان حيفا وبين الساكن في الناصرة أو رهط، وبين سكان وادي عارة؟

•يحاول ليبرمان أن يقول لنا جميعاً إن مواطنيتنا نفسها موضع شك ويمكن أن تؤخَذ منا في أي لحظة، من دون علاقة بما نفعله، بل ببساطة لأننا عرب. فإذا كان هذا هو الوضع، من المفروغ منه ألاّ يكون لنا حق التأثير في من يتخذ القرارات في الدولة، لأننا مواطنون موقتون في وطننا.

•في الواقع، إن هجمات ليبرمان، وكلامه التحريضي لا يمكن إلاّ أن يذكرنا بالأنظمة الظلامية  في القرن العشرين. لقد كتب دانيال بلتمان كلاماً هنا الأسبوع الماضي، بودّي أن يتردد في قلب كل مواطن يهودي: "إن دعاية الكراهية التي تحمل رسائل تدميرية لا بد من أن تؤدي إلى العنف في زمن الأزمات... يستخدم ليبرمان الأسلوب عينه. فهو على الدوام يبث دعاية معادية للعرب ويؤجج العداء والشكوك الموجودة وسط أجزاء واسعة من الجمهور اليهودي ضد السكان العرب. إن نهاية مثل هذا المسار مكتوبة على حائط التاريخ بحروف من دم وعنف". يجب ألاّ نترك ليبرمان وشركاءه في الحكومة يقودوننا إلى هناك.

•من المهم أن ننظر إلى كلام ليبرمان من منظور أوسع. يطرح وزير الدفاع مواقف معادية للديمقراطية، وهذه مواقف فاشية تقليدية تعتبر أن لا أهمية لنظام ديمقراطي في دولة القانون، حيث يُعاقب فقط من يعتدي على القانون. وبحسب ليبرمان إن جمهوراً بأسره يُتهَّم ويُعاقَب بسبب هويته القومية فقط. 

•ينجح الجمهور العربي- الفلسطيني في الدولة في تحقيق نجاحات وإنجازات مهمة على الرغم من التمييز في المؤسسات، وعلى الرغم من وجود حواجز وعقبات لا تنتهي، وتبلغ هذه السنة، لأول مرة، نسبة الطلاب العرب الذين بدأوا سنتهم الأكاديمية 18% من مجموع الطلاب.

•يكافح شبابنا لتحقيق النجاح، وهم يحتلون مناصب عالية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة،  الهاي- تك، وفي العلوم والطب. وحتى في مجالات الفن والثقافة يشق شبابنا طرقاً مميزة ومثيرة للإعجاب، تمثل هويتنا المعقدة التي نتفاخر بها وعيشنا في دولة تحتل النصف الثاني من شعبنا. 

•يستطيع ليبرمان مواصلة التهديد، لكن هذا وطننا، وليس لدينا وطن آخر. ونحن سنبقى هنا إلى الأبد مثل بقاء أرضنا المحبوبة، وسنواصل البحث عن مواطنين يهود يرغبون في أن يبنوا معنا حياة مشتركة، تقوم على المساواة والاحترام المتبادل.

 

 

 

المزيد ضمن العدد 2757