•منذ نحو أسبوع فارق تنظيم داعش الحياة تقريباً بصمت. عملياً لم يشكل هذا التنظيم تهديداً للولايات المتحدة ولا للغرب، ولا لإسرائيل أيضاً. لكنه استخدم كبش محرقة من جانب الجميع. فقد أقيم ضده ائتلاف عالمي برئاسة الولايات المتحدة (خلال حكم أوباما ومن بعده ترامب). وعندما ألقيت آلاف الأطنان من المتفجرات على أهداف تابعة للتنظيم، قتل في سورية ليس بيد داعش، نصف مليون شخص، وأصبح نصف سكان سورية لاجئين، وتحولت أغلبية المدن والبلدات إلى أنقاض.
•في نهاية الأمر، جرى القضاء على تنظيم داعش بواسطة ثلاثة عناصر مركزية: حقيقة أنه حارب الجميع والجميع حاربه، حقيقة أن سلاحي الجو الأميركي والروسي تخليا عن الأخذ في الاعتبار الأبرياء، و"القوة الضاربة على الأرض" مثل القوة العسكرية الكردية في سورية، والجيش العراقي، (الشيعي فعلياً) وميليشيات شيعية لا ترحم.
•ما هي انعكاسات ذلك؟ أولاً، لم يعد هناك وجود لدولة إسلامية، لكن هناك تنظيماً ما يزال متشدداً. ولقد دخلنا الآن المرحلة الثالثة من تاريخ هذا التنظيم: المرحلة الأولى كانت تنظيماً إرهابياً لحرب عصابات نشأ سنة 2006 في العراق وانتشر من هناك إلى سورية. في المرحلة الثانية حاول إقامة دولة (تحرص على سكانها وتدافع عن أرضها) لكنه فشل. حالياً عاد ليكون تنظيماً إرهابياً وحرب عصابات، ومجال تحركه هو الصحراء السورية، ولم يعد ملزماً بالدفاع عن أرضه أو بتأمين الغذاء والتعليم للسكان المدنيين.
•ثانياً، ما تزال لديه أرصدة الأكثر أهمية بينها هو القدرة العملياتية التي لديه في أماكن مختلفة في العراق وفي سورية. وهو أظهر ذلك قبل شهر في العراق من خلال هجمات إرهابية متلاحقة، وفي سورية عندما سيطر على مطار دير الزور، ودمر طائرات وقتل نحو 15 جندياً سورياً. وماذا بشأن قدرته العملياتية على توجيه هجمات في الغرب؟ يبدو أنها ستتراجع، لكن في الوقت عينه سيعود إلى الغرب وإلى الدول الأم خصوصاً آلاف من مقاتلي التنظيم. وهذا سبب أكيد لتصديع رأس أجهزة الاستخبارات، عندما سيعود هؤلاء المقاتلون مع توجهات ردايكالية دينية متشددة ويعيشون حالة إحباط. ثالثاً، ما يزال لدى التنظيم مناطق جغرافية صغيرة خاضعة لسيطرته في جنوب هضبة الجولان السورية، وفي مخيم اللاجئين في اليرموك بالقرب من دمشق. ولديه ولايات جغرافية في دول مختلفة مثل ولاية إقليم سيناء.
•رابعاً، بالمقارنة مع فزاعة تهديد داعش، يوجد اليوم في الهلال الخصيب، تهديد استراتيجي حقيقي نال رخصة أميركية بالحصول على السلاح النووي بعد أقل من 10 سنوات، وإنتاج صواريخ بعيدة المدى، ولديه منطقة نفوذ سياسي وعسكري تمتد من بحر قزوين حتى البحر المتوسط، إنه إيران - آيات الله. وليس من المستغرب أنهم يرتعدون خوفاً في الرياض.