معضلة المصالحة الفلسطينية: نهاية معروفة مسبقاً
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•الدينامية الداخلية الفلسطينية موضوع حساس ومعقد بالنسبة إلى إسرائيل. فهي من جهة لا ترغب بالتدخل من دون ضرورة تدفعها لذلك، وهي من ناحية أخرى تتأثر بصورة مباشرة بكل التطورات إيجابية كانت أو سلبية، في الساحة الفلسطينية. في ما يتعلق بما يجري حالياً، إسرائيل ليست جزءاً ولا هي في مركز اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس". ومع ذلك يمكن القول إن اتفاق المصالحة الداخلية – الفلسطينية إشكالي جداً من وجهة نظر إسرائيلية.

•يدل تفحص بنود الاتفاق على أنه لم يعالج مطلقاً مسألة نشاط الذراع العسكرية التابعة لـ"حماس"، ولا قبول التنظيم الإرهابي بشروط اللجنة الرباعية، وفي طليعتها الاعتراف بإسرائيل ووقف الإرهاب. في أساس النقاش يجب الانتباه إلى أنه من دون قبول "حماس" بشروط اللجنة الرباعية ونزع سلاح الذراع العسكرية، فإن الواقع لن يتغير نحو الأفضل. ومعقول جداً أن العكس هو الصحيح. علاوة على ذلك، ومن ناحية تطبيقية، هناك موضوعات جوهرية تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية لم يجر التطرق إليها. على سبيل المثال: لا يتناول الاتفاق انضمام "حماس" إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وطريقة إجراء الانتخابات المستقبلية في السلطة الفلسطينية.

•يتعين على زعامة إسرائيلية واعية أن تدرس الاتفاق من خلال ثلاثة أبعاد أساسية. الأول، البعد الانساني. إن التخفيف من الضائقة الإنسانية في غزة هو مصلحة استراتيجية إسرائيلية، قبل كل شيء بسبب الأهمية الأخلاقية التي ينطوي عليها تخفيف محتمل لضائقة السكان المدنيين في غزة من الذين ليسوا متورطين  في الإرهاب. هذا بالإضافة إلى احتمال أن يؤدي ذلك إلى إبعاد جولة العنف المقبلة في القطاع.  وتجدر الاشارة إلى أن هذه نتيجة إيجابية محتملة لاتفاق المصالحة، بشرط أن تستخدم "حماس" الموارد المخصصة لها من أجل التخفيف عن مواطنيها، وليس من أجل الاستعداد عسكرياً للمواجهة ضد إسرائيل.

•البعد الثاني هو سياسي. هنا الأخبار أقل جودة. إذا لم تقبل "حماس" بشروط اللجنة الرباعية، فإن الأفق السياسي، الضعيف أصلاً، سيتبدد إلى الأبد. في مثل هذا الوضع، فإن وجود هيئة موحدة تضم "حماس" و"فتح" لا تشكل شريكاً في اتفاق دائم. حتى قبل اتفاق المصالحة، كان من المستحيل تقريباً تجسير الفجوات بين إسرائيل والسلطة التي تسيطر عليها "فتح". وانضمام "حماس" إلى المعادلة سيجبر الرئيس ترامب على التخلي عن "الاتفاق النهائي" وتبني وجهة نظر أكثر واقعية تركز على الدفع قدماً باتفاقات انتقالية أو اتفاقات جزئية.

•البعد الثالث عسكري. تحت غطاء المصالحة تستطيع "حماس" تحويل موارد لإنتاج صواريخ وحفر أنفاق، على حساب إعادة بناء القطاع،

•وستنتقل مسألة الحرص على حياة مواطنيها إلى مسؤولية السلطة. إن استمرار وجود ذراع "حماس" العسكرية ينطوي على خطر بعيد المدى، لأنه مما لا شك فيه أنه في المعركة العسكرية المقبلة ضد إسرائيل يمكن أن نواجه عدواً أكثر تسلحاً وتحدياً. كما أن الاتفاق أدى إلى تآكل مبدأ نزع سلاح الدولة الفلسطينية، وهو مبدأ حيوي في أي اتفاق مستقبلي قابل للعيش، كما أنه عملياً يديم وجود الذراع العسكرية التابعة لـ"حماس" كطرف شرعي في الساحة الفلسطينية.

•ثمة فخ آخر يتعلق بخطر الاعتماد على استعداد "حماس" (وهذه مشكلة الاتفاق) لعدم شن هجمات في الضفة الغربية. تدل تجربة الماضي على أن هذا رهان نسبة نجاحه غير مضمونة: من الممكن أن تجد إسرائيل نفسها في وضع لا يجري فيه معالجة البنى التحتية الإرهابية لـ"حماس" مما يسمح للحركة بأن تقرر في أي لحظة تغيير سياستها والعودة إلى شن هجمات فقط متى تشاء. في هذه المرحلة ستحتفظ "حماس" ببنية تحتية خطرة وشرعية راسخة، تحت غطاء اتفاق المصالحة. 

 

•على الرغم من إشكاليات الاتفاق، قررت حكومة إسرائيل، بحكمة تستحق التنويه، عدم العمل بفاعلية ضده. فالمطروح أمام أنظار متخذي القرارات في القدس اعتبارات استراتيجية واسعة بينها علاقات إسرائيل المهمة مع مصر والولايات المتحدة، والرغبة بعدم تسويد وجهيهما. وفي القدس، كما في واشنطن وفي أماكن أخرى في العالم، يعلمون بأن اتفاق المصالحة الحالي، تماماً مثل اتفاقات مشابهة في الماضي، من المتوقع أن يتلاشى طالما أنه لا يعالج مشكلات أساسية بقيت هذه المرة أيضاً من دون جواب حقيقي.