•بخلاف الماضي، الأخبار الأخيرة بشأن مصالحة فلسطينية قريبة هي خطوة دراماتيكية بالنسبة إلى إسرائيل والفلسطينيين. ووفقاً لمعلومات جديدة وصلت من أطراف فلسطينية ومصرية، من المتوقع أن ترسل الاستخبارات المصرية إلى القطاع عناصر تابعة لها لمراقبة تطبيق اتفاق المصالحة. والدلالة المباشرة لذلك أن مصر، شريكة إسرائيل الأمنية في السنوات الأخيرة، أخذت عملياً على عاتقها مسؤولية قطاع غزة. وهذه الخطوة يمكن أن تقوي العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين إسرائيل ومصر، وربما أيضاً تقلص من الخطر الذي تمثله "حماس" على إسرائيل.
•لقد انتهج الرئيس السابق، حسني مبارك، ومن بعده محمد مرسي، سياسة الانفصال عن قطاع غزة. ولم يحول مبارك موارد إلى سيناء، وفقط عندما هدم الغزيون السياج الحدودي بين رفح المصرية ورفح الغزاوية، بدأ انتقال السلع والوقود بين البلدتين المتجاورتين، أدخل مبارك قوات عسكرية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه. أما مرسي فقد كان قريباً من "حماس"، لا بل شجع نشاطها. لكن تمركز تنظيم داعش في سيناء ومهاجمته للقوات المصرية، أوجد لدى الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي مصلحة واضحة للفصل بين "حماس" وداعش، وبين غزة وسيناء، من أجل القضاء على قوة داعش في شبه جزيرة سيناء.
•لقد كانت مصر هي التي دفعت نحو المصالحة الفلسطينية. وقد وظف وزير الاستخبارات المصرية خالد فوزي جهوداً كثيرة من أجل بلورة الاتفاق.
•على الصعيد الأمني ثمة مصلحة لإسرائيل في دخول مصر إلى المعركة. إن وجود الاستخبارات المصرية في منطقة غزة هدفه مراقبة تطبيق الاتفاق، لكن من المعقول الافتراض بأن الاستخبارات المصرية المعروفة بأنها جهاز محترف ويعمل بإتقان لن يكتفي بذلك. يستطيع المصريون، الذين يعتبرون المصلحة الأمنية لدولتهم هي المصلحة العليا، العمل على تقليص قوة "حماس" على الصعيد العسكري من أجل تخفيض خطر تفاقم أمني. و يمكن ان تؤدي معارضة "حماس" للإجراءات المصرية إلى انفجار بين مصر وغزة. بالنسبة إلى إسرائيل التي لديها علاقات جيدة مع مصر، فإن أي سيناريو محتمل هو سيناريو إيجابي.
•ووفقاً لتقارير، فقد أعطت إسرائيل الضوء الأخضر للمصالحة الفلسطينية. إن مصلحة إسرائيل الأولى هي منع تفاقم الوضع الإنساني في غزة وتدهوره إلى أزمة حقيقية. وعلى الرغم من أن إسرائيل تسمح يومياً بدخول مئات الشاحنات المحملة بالبضائع، والمواد الغذائية، والأدوية، إلى غزة، فإن الوضع في القطاع إشكالي للغاية. والذي سلط الضوء على هذه النقطة هو رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. ففي إطار الحرب ضد "حماس" من أجل السيطرة، ألحق أبو مازن الأذى بسكان غزة عندما أمر بتقليص ساعات تزويد القطاع بالكهرباء، والغى تمويل انتقال الجرحى للعلاج في إسرائيل والخارج. كما أضر باقتصاد غزة عندما خفّض رواتب موظفين وفصل آخرين.
•لقد كانت إسرائيل هي التي وجهت لها الانتقادات بسبب الوضع في القطاع من جانب جهات دولية، وهي التي تلقت الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة من تنظيمات مارقة احتجت على الخطوات التي اتخذتها رام الله. لقد اشترط أبو مازن رفع العقوبات بحل لجنة الاشراف على غزة التي اقامتها "حماس" والتي في نظره تشكل حكومة ظل. إن المصالحة التي في اطارها ستُحل اللجنة يجب أن ترضي الرئيس الفلسطيني كي يعيد الوضع إلى ما كان عليه.
•يرى الفلسطينيون في المصالحة والربط بين غزة والضفة الغربية وبين "فتح" و"حماس" أمراً ايجابياً يثبت وحدة الشعب الفلسطيني. وهم يؤمنون بأن هذه الوحدة هي التي ستسرع الخطوات نحو الدولة. بالنسبة إلى إسرائيل الجمع بين أبو مازن ويحي السنوار، يمكن أن يساعد في الحرب السياسية، من بين أمور أخرى، بسبب تصنيف أغلبية الدول ومن بينهم الولايات المتحدة "حماس" تنظيماً ارهابياً. الوجه الاخر للعملة هو تأثير مصر في تغيير العلاقة مع التنظيم الفلسطيني من الناحية الدولية، والدفع نحو اعتراف دولي بالمصالحة وبالدولة الفلسطينية.