إسرائيل لا يمكنها أن تتحمل الثمن الباهظ لأي حرب مقبلة مع حزب الله
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•شنت إسرائيل يوم الجمعة الفائت حسب ما أفادت مصادر أجنبية، هجوماً آخر على هدف عسكري في محيط مطار دمشق. ويبدو أن مثل هذه الهجمات باتت روتينية ولم تعد تثير اهتمام أحد، كما أنه في الظاهر لم يعد حتى السوريون وإيران وحزب الله يتأثرون بها جداً. فهل يُعدّ هذا تسليماً من جانبهم بنجاح عمليات الإحباط الإسرائيلية؟ وهل لا يردون لكون الردع الإسرائيلي ما يزال ناجعاً جداً؟ وهل الضغط الروسي يمنعهم من الردّ؟ لدي خشية من أن يكون ثمة تفسير آخر.

•فحوى هذا التفسير هو أن أعداءنا مستعدون لأن يضحوا بين الحين والآخر بوسائل أو أهداف تنجح إسرائيل ظاهرياً في تدميرها، لكنهم بموازاة ذلك وجدوا سبلاً أخرى تتيح لهم إمكان نقل السلاح المتطور من إيران إلى لبنان عبر سورية. ولا يدور الحديث بهذا الشأن حول أمر معقد على نحو خاص بسبب الخصائص الثلاث التالية: الأولى، الحدود السورية - اللبنانية وهي بطول 300 كيلومتر ومعظم المنطقة جبلية ومشجرة؛ الثانية، في كل يوم تمر مئات الشاحنات من سورية إلى لبنان؛ الثالثة، لا يوجد بين طهران وبيروت أي جهة معنية أو قادرة على منع مثل هذا النشاط.

•في ضوء ذلك لا مفر من استنتاج أنه بالرغم من عمليات الإحباط الإسرائيلية، فإن تعاظم قوة حزب الله في تصاعد من دون أي عراقيل تقريباً. ووفقاً للتقارير، بات النشاط الإسرائيلي متركزاً في محاولة منع حزب الله من الحصول على صواريخ دقيقة أو إنتاجها. ولا شك في أن "تفضيل الأهداف" صحيح لكون الفارق بين إمكان الضرر بسلاح دقيق مقارنة بضرر سلاح عادي، هائلاً للغاية نظراً إلى أن إسرائيل دولة صغيرة مع عدد صغير من المواقع الحيوية، وفي حال تعرّضت هذه المواقع مثل محطات توليد الطاقة والمطارات والموانئ ومحطات القطارات والمستشفيات، إلى أي مساس، فسيكون الثمن الذي ستدفعه إسرائيل بالإضافة إلى سقوط مئات القتلى باهظًا جداً ولا يمكن تحمله.

•ثمة استنتاجان مهمان عن هذا التقدير لطبيعة التهديد الأحدث الماثل أمام إسرائيل: الأول، من الصحيح مواصلة محاولة إحباط تسلح حزب الله بسلاح دقيق، لكن بما أن قدرتنا على منع ذلك في مدى الزمن المنظور تظلّ موضع شك، فمن المهم التشديد على الاستنتاج الثاني: في حال إطلاق النار من لبنان نحو إسرائيل وجرّنا إلى "حرب لبنان الثالثة"، فلا يجوز أن نسمح لهذه الحرب بأن تستمر 33 يوماً مثلما حدث سنة 2006 [في حرب لبنان الثانية]، لأن أي حرب طويلة ستلحق ضرراً لا يمكن تحمله بالبنى التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية.

•إن الطريق الوحيد لضمان أن تكون الحرب المقبلة قصيرة يلزمنا بأن تكون هذه الحرب ضد دولة لبنان كلها وليس ضد حزب الله فقط. وبإمكان إسرائيل في حرب كهذه أن تدمر البنى التحتية في لبنان وكذلك جيشها في غضون عدة أيام. ونظراً إلى أنه لا أحد في العالم، لا لبنان ولا حزب الله وسورية وإيران، وبالطبع أيضاً لا السعودية وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، يريدون دمار لبنان، فسينشأ ضغط دولي هائل للوصول إلى وقف إطلاق نار في غضون أسبوع أو أقل، وهذا بالضبط هو ما تحتاج إليه إسرائيل.

•لا يكفي أن يتخذ قرار بهذه الروح في الزمن الحقيقي أي حين تنشب المواجهة، وعلى إسرائيل أن تنقل هذه الرسالة منذ الآن لسببين: أولاً، هكذا نحقق الردع وربما نمنع الحرب التالية إذ إنه لا أحد في العالم يريد دمار لبنان؛ ثانياً، إذا ما اندلعت حرب بالرغم من ذلك فمن المهم أن تفهم الدول الغربية والولايات المتحدة على الأقل مسبقاً، أن إسرائيل اختارت هذه الاستراتيجية من جراء انعدام البديل. 

•مع شدة الأسف، فإن الرسائل التي تبثها إسرائيل معاكسة، فقبل نحو أسبوع وفي ختام التمرين العسكري الكبير في المنطقة الشمالية، بث وزير الدفاع وقادة الجيش الإسرائيلي رسالة فحواها أن إسرائيل يمكنها أن تهزم حزب الله. هذا خطأ. وحتى لو كانت إسرائيل تستطيع هزيمة حزب الله، لكن في حال استمرت الحرب نحو 5 أسابيع مثلما حدث سنة 2006، فسيكون من الصعب علينا جميعاً أن نتعايش مع الثمن الباهظ الذي سيترتب عليها.