مقابلة مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: "الإيرانيون يحترمون الاتفاق النووي لأسباب تكتيكية، ومن المبكر الحديث عن إخضاع داعش" (الحلقة الثانية)
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني

[بمناسبة رأس السنة اليهودية أجرت صحيفة "ynet" مقابلة حصرية مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت هي الأولى له منذ استلامه منصبه، وقد تحدث فيها عن الاستعدادات التي يقوم بها الجيش لمواجهة حرب جديدة مع حزب الله، وعن الخطر الإيراني. ننقل في ما يلي أهم ما جاء في المقابلة].

•في هذه الأيام طرح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من جديد على جدول الأعمال الدولي المشروع النووي الإيراني، على خلفية تمركز طهران في سورية. وقد بحث الموضوع هذا الأسبوع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نيويورك، لكن ثمة شك في أن سعي نتنياهو إلى إلغاء الاتفاق الدولي سيتحقق. يقول رئيس الأركان: "الاتفاق أصبح أمراً واقعاً. وهو اتفاق فيه ثغرات، وفي رأينا كان يجب أن يكون أكثر لسعاً ودقة ومع رقابة أكثر صرامة. المشروع النووي الإيراني خطر على إسرائيل، وسنواصل متابعتنا لمنع الإيرانيين من تنفيذه من خلال قنوات ملتوية وسرية".

-هل يتقيد الإيرانيون بالاتفاق؟

•"هم يحترمون الاتفاق لأسباب تكتيكية. توجههم الاستراتيجي على المدى الطويل هو تحقيق قدرة نووية. ليس هناك شك في ذلك. التحدي المطروح على الجيش المتمثل في منع إيران من الحصول على قدرة نووية كان على رأس سلم الأولويات خلال السنوات العشر الأخيرة. سنواصل وضع هذه المهمة في رأس أولوياتنا لأننا ندرك أن هذا تحد كبير جداً".

-هل احتمالات مهاجمة إيران قائمة؟

•"عندما يقول المستوى السياسي في دولة إسرائيل إن لدى دولة إسرائيل قدرة، وإن كل القدرات مطروحة على الطاولة، فإن هذا الكلام يستند إلى قدرة عسكرية. أي أن لدى الجيش خططاً أساسية وقدرة، وإذا طُلب من الجيش التحرك فهو يعرف كيف يعمل لتحقيق الأهداف التي يطلبها منه المستوى السياسي".

-إذا نظرنا إلى كوريا الشمالية، كيف يغير هذا الصورة؟

•"ليس من الصواب لنا في دولة إسرائيل أن نقفز ونكون في طليعة كل تهديد يحدث في الكرة الأرضية. التحدي هو أن نمنع ظاهرة كوريا الشمالية في إيران. وهذا تحد مطروح على جميع دول المنطقة، وبخاصة المعسكر السني المعتدل، كما هو تحد مطروح على أوروبا والولايات المتحدة. ويشدد أيزنكوت: "بما يتجاوز الموضوع النووي، تعتبر إيران نفسها دولة عظمى إقليمية. يوجد اليوم 17 ألف مقاتل في سورية بينهم 7000 من حزب الله يعملون بتوجيه إيراني، و9000 عنصر من الميليشيات الشيعية، و1000 إلى 2000 إيراني، مع رغبة إيرانية في زيادة هذه القوات".

-إلى أي حد هم قريبون من الحدود؟

•"قلائل منهم قريبون من حدودنا، لكن أغلبيتهم موجودون في شمال غرب وفي وسط سورية وشرقها. ونحن نستخدم أنماطاً مختلفة من العمليات لمنع أي تمركز إيراني قريب من الحدود في منطقة تتراوح بين 30 الى 40 كيلومتراً، كما نعمل بطرق كثيرة لتقليص قدرة السلاح الدقيق التصويب الذي تملكه إيران وتحاول نقله إلى أعدائنا من حزب الله و"حماس". نحن نريد التوصل إلى وضع لا يكون لإيران فيه نفوذ في سورية، ويجري هذا من خلال جهد مشترك يجمع بين الجهدين العسكري والسياسي."

•على الرغم من اشتداد قوة المحور الشيعي الذي أحيا من جديد الأسد بمساعدة روسية، لا يسارع أيزنكوت إلى دفن "الدولة الإسلامية"، وللمرة الأولى يؤكد علناً دور الجيش الإسرائيلي في القضاء عليه، فهو يقول: "من المبكر نعي داعش، لأنه ظاهرة وفكرة تتخطيان التنظيم، والمواجهة مع داعش ستستمر سنوات عديدة. ونظراً إلى أن قدرات إسرائيل الاستخباراتية هي الأفضل في المنطقة وبالتأكيد ضمن الدائرة الأولى المحيطة بدولة إسرائيل، فنحن نساهم في الجهد الرامي إلى إخضاع داعش وجبهة النصرة. ونحن نفعل ذلك مع حلفائنا ونتبادل المعلومات الاستخباراتية من أجل هذا الغرض. كما ننقل معلومات إلى دول عندما نعلم أن شيئاً ما سيحدث. وللأجهزة الاستخباراتية [الإسرائيلية] دور واسع جداً في الشرق الأوسط، وأيضاً في أماكن أخرى من العالم في إحباط هجمات".

-لننتقل إلى الجنوب، تشهد غزة تغيرات على الأقل حيال الخارج، فهل ترى تغيراً بشأن كل ما يتعلق بـ"حماس"؟

•"الواقع الأمني الناشئ في قطاع غزة منذ عملية الجرف الصامد معقد. فمن جهة يوجد هدوء لم يسبق له مثيل منذ العام 1967، ثلاث سنوات لم يخدش فيها مواطن إسرائيلي واحد، للأسف أُصيب جندي واحد بجروح، وأطلقت عشرات الصواريخ، خاصة بالقرب من الحدود. نحن ناجحون في ردع حماس وجعل قيام واقع أمني جيد في جانبنا وجانبهم أيضاً ممكناً. من جهة أخرى هناك مساع من قبل حماس لتعظيم قوتها وبناء قدرات تحت الأرض، دفاعية بالأساس، وهناك أيضاً محاولة للتزود بقدرة صاروخية منحنية المسار وتجديد جزء من القدرات التي كانت لدى الحركة."

•"إن الواقع في قطاع غزة مثير للقلق الشديد لأن الواقع الاقتصادي –  المدني والإنساني في القطاع منخفض المستوى. فالتزود بالكهرباء يتم لمدة 4 ساعات يومياً مع انقطاع الكهرباء لمدة تتراوح بين 12 و16 ساعة يومياً. نوعية المياه متدنية. البطالة بلغت 47%. مصلحتنا هي أن يكون هناك واقع أفضل للحياة وأن يكون هناك أمل، من دون أن ننسى أنهم يحتفظون برفات جنديين إسرائيليين، ومدنيين إسرائيليين اجتازا الحدود، ويجب أن تعود الرفات إلى دولة إسرائيل كي تدفن فيها، وأيضاً من أجل عائلات الجميع".

-ما هو موقفك كرئيس أركان من الموضوع؟

•"هذا حديث ليس من الصواب أن يكون علنياً. هذا يعطي ميزة لحركة حماس. إنهم يستغلون انفتاحنا وحساسيتنا تجاه حياة الإنسان، كما يستغلون الواقع ومحنة الأهالي، لذا نتخذ خطوات تصعّب جداً على الحركة وقيادتها الأمر، كما نتخذ مجموعة خطوات ستتصاعد، جنباً إلى جنب مع الرغبة في السماح للسكان بممارسة حياتهم وعدم معاناة الجوع بسبب قيادة غير مسؤولة."

•"حالياً سلطة حماس في غزة هي سلطة قوية ومهيمنة مع عدد لا بأس به من المصاعب، وتجلى ذلك هذا الأسبوع من خلال اتفاق حل اللجنة الإدارية والبدء ظاهرياً بخطوات مصالحة، لأنهم في الحقيقة لا يريدون مصالحة كاملة. الضائقة التي يعانون منها منذ الجرف الصامد دفعتهم إلى سلسلة تنازلات من أجل الخروج من الضائقة ومن الضغط الذي عانوه في الأشهر الأخيرة، إنهم يعانون من ضغط كبير. من مصلحتنا ألا يكون في قطاع غزة سلطة حماس بل سلطة معتدلة. لا أرى سلطة معتدلة مثل السلطة الفلسطينية مع كل عيوبها".

-هناك تخوف من أن يدفع مواصلة بناء العائق ضد الأنفاق "حماس" إلى استخدام نفق ممتد إلى إسرائيل؟

•نحن نأخذ هذا الاحتمال في الحسبان لأن الجيش بصورة طبيعية ينظر دائماً إلى منظور المخاطر وليس الفرص. لذا نعتبر هذا خطراً. لكننا نفعل ذلك من موقع قوة. إذا عثرنا على أنفاق هجومية تمتد إلى أراضينا، فإننا سنتعامل معها بخطورة كبيرة مثلما فعلنا في السنوات الأخيرة. قمنا بهجمات في عدد كبير من المرات. وأيضاً عندما اعتقدنا أن هذا سيمسّ أعضاء حماس، قمنا بمئات الهجمات منذ الجرف الصامد، وذلك من دون أن يأتي رد واحد. تخاطر حماس مخاطرة كبيرة جداً إذا هي تحركت نتيجة العثور على نفق هجومي في أراضينا."

•خلال الانتفاضة الثانية كان أيزنكوت قائداً لفرقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وكان أحد مهندسي الانتصار على إرهاب الانتحاريين الذي جرى القضاء عليه، ومنذ ذلك الحين لم يرفع رأسه. في نهاية السنة الأولى لتوليه منصب رئاسة الأركان وجد أيزنكوت نفسه مجدداً، مع القادة وكبار المسؤولين في قيادة المنطقة الوسطى من الذين خدموا كقادة ألوية وكتائب في يهودا والسامرة آنذاك، في مواجهة موجة إرهاب كانت على عتبة انتفاضة ثالثة. وخلال أشهر معدودة جرى قمع الهجمات التي دفع ثمنها عشرات الجنود والمواطنين في شتى أنحاء إسرائيل. "نحن نعتبر السلطة الفلسطينية هي عنواناً. والأجهزة [التابعة للسلطة الفلسطينية] تبذل جهدها لإحباط وقوع هجمات لاعتبارات فلسطينية داخلية".

•في الشهر ونصف الشهر الأخيرين، منذ أحداث الحرم القدسي الشريف، "التعاون مع السلطة الفلسطينية جزئي ولكنه مفيد للطرفين. تدير السلطة حياة أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في يهودا والسامرة في المنطقة أ وب. هناك تخاطب بيننا، فموجة الإرهاب أدت إلى ظاهرة تصادفنا للمرة الأولى، فهي ليست إرهاباً منظماً مع سلاح متقن بل إرهاب بالمحاكاة. نجحنا في إعادة الأمن لأن لدينا خبرة كبيرة في مواجهة الإرهاب، وعملنا بصورة حازمة ومركزة من خلال التفريق بين الإرهاب والسكان، وإيجاد حوافز إيجابية لأغلبية السكان الفلسطينيين. صباح كل يوم يتوجه أكثر من 900 ألف شاب فلسطيني إلى الدراسة، ونصف مليون يذهبون للعمل في إسرائيل وفي الضفة. هذه دينامية إيجابية، ولدينا مصلحة واضحة في المحافظة على التالي: من جهة محاربة الإرهاب بصورة حازمة، ومن جهة أخرى إتاحة نمط حياة أفضل للسكان."

-هل هناك تفكير بتطبيق جزء من هذا النموذج في القطاع، ومنح أذونات عمل لفلسطيني غزة للعمل في مستوطنات غلاف غزة؟

•"لا أرى في هذه المرحلة أذونات عمل، لكن هناك مساعي لتحسين الواقع المدني- الاقتصادي من خلال مشاريع للكهرباء والمياه وإدخال السلع إلى القطاع ومراكمة عراقيل كثيرة على زعامة حماس. لو لم تستخدم قيادة حماس بصورة سيئة المواطنين اللذين اجتازا الحدود ورفات الجنديين، لكان الوضع في غزة، كما أفترض" أكثر سهولة".

-هل تؤيد قيام مرفأ بحري في قطاع غزة؟ 

•"أؤيد مبدئياً مرفأ، لكن من أجل أن يكون هناك مرفأ ومشاريع كبيرة أخرى مثل مناطق صناعية، يجب أن تتوفر شروط تسمح بتحقيق ذلك".