•خلال هذا الشهر تجري مصر مناورات مشتركة متوازية مع ثلاث دول ذات أهمية استراتيجية من الدرجة الأولى بالنسبة إليها: الولايات المتحدة وروسيا والسعودية. ليس ما يجري مصادفة لأن كل مناورة من هذه المناورات جرى التخطيط لها منذ زمن طويل وبصورة مسبقة، والهدف من توقيتها تمرير رسائل سياسية واستراتيجية تتعلق بمكانة مصر، وعلاقتها مع كل طرف من القوى المشاركة في هذه المناورات.
•إن قدرة مصر على إجراء مناورات في أراضيها وخارجها في آن معاً، وفي الوقت عينه محاربة العناصر الإرهابية في سيناء، وفي الحدود مع ليبيا وفي قلب مصر، هو تعبيرعن قدراتها العسكرية وعن كونها عنصر قوة عسكرية مركزية في الشرق الأوسط. كما تهدف المناورات مع دولتين عظميين ومع السعودية، إلى إرسال رسالة قوة وفخر وطني إلى الشعب المصري، وتقوية مكانة الجيش والرئيس السيسي لدى الجمهور المصري.
•تجري مصر مناورة قيادات مشتركة مع الجيش الأميركي (النجم الساطع 2017) في أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، وهي تحمل اسم محمد نجيب، وقد افتُتحت في أيار/مايو 2017. لقد اعتادت مصر والولايات المتحدة القيام بمناورات مشتركة منذ توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، لكن منذ 2009، ولأسباب مختلفة، توقفت المناورات، والمناورة الحالية هي الأولى بعد توقف طويل. خلال ولاية الرئيس أوباما حدثت أزمة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة على خلفية اتهامات الإدارة الأميركية لمصر بالمس بالديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، كما جمدت الإدارة لفترة من الزمن تزويد مصر بالسلاح. وقد دفعت الأزمة مع الولايات المتحدة مصر نحو بلورة استراتيجية لتنويع مصادرها للسلاح، وتطوير العلاقات مع روسيا، ولذلك تعمل إدارة ترامب على ترميم العلاقات، والمناورة الحالية هي إحدى التعبيرات عن ذلك.
•في مقابل المناورة المشتركة مع الولايات المتحدة، تجري مصر للمرة الأولى مناورة للمظليين ولقوات خاصة على أراضي روسيا. وهذه المناورة هي تعبير آخر عن تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين. لقد كان الرئيس بوتين من بين أوائل الرؤساء الذين وقفوا إلى جانب الرئيس السيسي، ووقعت مصر في السنوات الأخيرة صفقات لشراء السلاح من الروس تشمل طائرات وطوافات حربية ومنظومات دفاع جوي وطائرات من دون طيار. وستتوّج العلاقات بين الطرفين من خلال وضع الحجر الأساس لمفاعل نووي لإنتاج الطاقة تقيمه روسيا لمصر في منطقة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
•كذلك بدأت مصر هذا الأسبوع مناورة مشتركة جوية مع السعودية، ووصلت طائرات حربية سعودية مع طواقمها وتقنييها من أجل هذه الغاية إلى جارتنا الجنوبية. إن مصر شريكة في التحالف الذي ترأسه السعودية التي تحارب المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، وهي تحصل على مساعدة اقتصادية سخية من السعودية ومن جزء من دول الخليج. لقد عرفت العلاقات السعودية - المصرية صعوداً وهبوطاً في السنة الماضية، لكن يوجد اليوم تعاون استراتيجي بينهما والعلاقات بين الدولتين تتجه نحو التحسن.
•إن تسلح الجيش المصري بسلاح متطور من مصادر مختلفة، الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى المناورات المشتركة مع جيوش أجنبية، يحسن بصورة كبيرة من القدرات العسكرية للجيش المصري، ويمنح مصر مكانة قوة عسكرية إقليمية. تشكل مصر ركيزة في الائتلاف العربي السني المدعوم من جانب الولايات المتحدة، الذي يواجه تهديد الإرهاب الجهادي السلفي، وطموح إيران نحو هيمنة إقليمية. ومصر مهتمة بالحصول على مساعدة من جميع هذه الدول، لكنها تحتفظ لنفسها بهامش من المناورة وتمتنع عن أن تكون تابعة تبعية مطلقة لإحدى هذه الدول.
•يشكل اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر رصيداً استراتيجياً بالنسبة إلى الدولتين. وفي ظل حكم السيسي تعززت العلاقات الأمنية بين الطرفين، وتحاول مصر أيضاً الدفع قدماً بعملية السلام مع الفلسطينيين.
•توجد مصلحة استراتيجية مشتركة بين مصر وإسرائيل في محاربة الإرهاب الإسلامي والتهديد الذي تشكله إيران، ويتعين على إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها لتعميق هذه العلاقات وترسيخها.