على الرغم من التصريحات: إسرائيل لا تسعى إلى "حسم" في مواجهة "حماس" وحزب الله
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG
المؤلف

•هل سيُخضع الجيش الإسرائيلي فعلاً حزب الله و"حماس"؟ هذا غير أكيد البتة. خلال مناورة الفيلق في القيادة الشمالية سُمع في الأسبوع ونصف الأسبوع الأخيرين أكثر من مرة مصطلح الحسم. قبل المناورة قال ضابط كبير قي القيادة الشمالية: "لن تكون هذه مرة أُخرى معركة مع فكرة رادعة، أي توجيه ضربة سريعة قوية بما فيه الكفاية لضمان سنوات طويلة من الهدوء في انتظار الحسم".

•وهذا الأسبوع قال أحد قادة الفرق التي شاركت في المناورة: "مهمتنا هي إخضاع حزب الله جزءاً وراء جزء، وتدمير بنيته التحتية، وقتل قادة". ووفقاً لكلامه، فإن التعليمات التي تلقاها في المناورة هي إخضاع حزب الله. وأوضح قائلاً "إذا لم أضطر في نهاية القتال إلى تقديم توضيحات، فإن هذا حسم". وعملياً، إذا حاولنا أن نفهم ما هو الحسم، فالجواب لن يكون قاطعاً، ويمكن الاعتقاد أنهم عندما يتحدثون عن حسم عسكري، فالمقصود هو أن الطرف الثاني تلقى ضربة قاصمة إلى حد انهيار تنظيم حزب الله أو "حماس".

•يوم الثلاثاء الماضي بدأت المناورة الواسعة في القيادة الشمالية وهي تنتهي اليوم. وهذا هو أول تدريب للفيلق منذ 19 عاماً، وشاركت فيه قوات كبيرة نظامية بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الاحتياطيين، لمحاكاة حرب ضد حزب الله. هدف المناورة كما أعلن الجيش في بدايتها، التحرك بصورة تشبه ما يجري في أيام مواجهة، وقد اختبر في المناورة، من بين أمور أخرى، سيناريوهات إخلاء مستوطنات، مع جنود تشبهوا بمدنيين، وكذلك تغيير مكان قيادات عسكرية تتعرض إلى هجمات بالمدفعية وبالصواريخ. 

•بالإضافة إلى ذلك تضمنت المناورة محاكاة عملية تسلل إلى مستوطنة، تأتي من بعدها تعليمات من المجلس الوزاري المصغر لشن حرب وإخضاع التنظيم الإرهابي اللبناني حزب الله. لكن الوضع في الواقع سيكون مختلفاً. وعلى ما يبدو، فإن الحسم العسكري في المعركة المقبلة لن يصل إلى حد التقويض. إن التصريحات في وسائل الإعلام في الأسبوع ونصف الأسبوع الأخيرين هي أساساً شعارات قوية، لكن المواجهة العسكرية المقبلة التي ستدخل فيها إسرائيل لن تؤدي إلى تقويض حزب الله و"حماس"، ولن تحقق في نهايتها حسماً مطلقاً، بل ربما تحقق فقط صورة نصر جيدة.

•بعد مرور عقد على حرب لبنان الثانية يسود الهدوء على الحدود الشمالية، وبعد 3 سنوات على عملية "الجرف الصامد" يسود الهدوء في جنوب البلد، والأشهر الأخيرة كانت من أهدأ الشهور منذ سنوات. وإسرائيل لم تحقق الحسم في هاتين المعركتين، بل وجهت فيهما ضربة قاسية، لكنها توصلت إلى آلية منظمة لإنهاء القتال أدت إلى وقف إطلاق النار. 

•وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي التي نشرت قبل عامين تعرض ما هو الحسم الذي جرى الحديث عنه في الأسبوع ونصف الأسبوع الأخيرين. لا تقويض حزب الله ولا حركة "حماس" يظهران في الخطط العسكرية، والحسم لن يكون مطلقاً وقاطعاً.

•وفقاً لوثيقة الاستراتيجية الرسمية للجيش الإسرائيلي التي يمكن مراجعتها على شبكة الإنترنت، فإن "مبادئ العقيدة الأمنية الوطنية " هي: الإنذار والردع والدفاع والحسم. يتجلى النصر والحسم من خلال نجاح التفوق العسكري في تحقيق أهداف المستوى السياسي، وعلى المستوى التكتيكي من خلال إلحاق الهزيمة بالعدو في كل مواجهة. إن أحد الفصول الرئيسية في الوثيقة هو معركة من أجل تحقيق الحسم، وجاء فيه: "على المستوى الاستراتيجي وفي منطق عملية من هذا النوع، يجب السعي إلى تحقيق انتصار من خلال وضع يسمح بفرض وقف إطلاق نار على العدو، أو تسوية سياسية انطلاقاً من موقف قوة يستند إلى حسم عسكري، أو إلى عدم قدرة العدو أو عدم رغبته في مواصلة القتال. ويساهم النصر الذي يستند إلى الحسم مساهمة مهمة في إيجاد الردع أو تجديده".

•إن الحسم المطلوب تكتيكي، واستخدام قوة تؤدي إلى شل إرادة العدو وقدرته على مواصلة القتال والتحرك، وجاء في الوثيقة: "ستكون الإنجازات الأساسية في الحسم في مواجهة عدو مثل حزب الله و"حماس": شل القدرة من خلال تدمير قوات العدو، وتقليص فعلي لقدرته على المس بالجبهة الداخلية الإسرائيلية والوصول إلى أهداف تعتبر في نظر العدو ذات أهمية، وضرب إرادة العدو في استمرار القتال".

•وتشير الوثيقة إلى أن تقويض حزب الله أو احتلال قطاع غزة ليسا جزءاً من الحسم، وأنه عندما تُضرب قدرات الطرف الثاني أو تدمر قوات العدو وتقلص القدرة على إلحاق الأذى بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإنه يمكن حينها إعلان حسم إسرائيلي، لكن ليس من المؤكد أن هذا حسم بالفعل.

 

•في الواقع، فإن الجيش سيرغب في تحقيق المهمة التي فرضها عليه المستوى السياسي، وفي الوصول إلى طرف السهم الذي رُسم له في الخرائط، والتقيد بالأهداف التي وضعت له. في نظر الجيش هكذا يكون الحسم. لا يبدو أن هناك من هو مستعد عملياً للمضي حتى النهاية وسحق حزب الله في لبنان حتى آخر صاروخ لديه. يجري في الجيش والمستوى السياسي حوار واسع بشأن العقيدة والخطط العملانية للجيش عندما تصل الأوامر. المجلس الوزاري المصغر هو الذي يوجه قادة الجيش بشأن ما يفعلونه، وإنهاء القتال مع "إنجازات جيدة" سيرضي على ما يبدو رؤساء المؤسستين الأمنية والسياسية في الجولة المقبلة أيضاً. وسيكون الحسم من خلال تحقيق الخطط التكتيكية التي وضعها المستوى السياسي للجيش، لا أكثر من ذلك. ويمكن القول بحذر إنه ليس هناك من يرغب في الدخول في مغامرة تتطلب احتلال مناطق في لبنان أو في قطاع غزة.