•انتهى الآن تجنيد تموز/يوليو، أكبر دورة تجنيد قتالي للجيش الإسرائيلي، ومن خلال المعطيات التي تجمعت سُجل انخفاض في الحافز في التجنّد للخدمة القتالية بالمقارنة مع التجنيد في السنة الماضية: 68,8% من المجندين في تموز/يوليو 2016 طلبوا الخدمة في الوحدات القتالية بالمقارنة مع 67% هذا الصيف. بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي ما حدث هو أكبر انخفاض في العقد الحالي: لقد سُجل مثل هذا الانخفاض مباشرة بعد حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. لكن في 2010 ارتفع الطلب على الخدمة القتالية وبلغ ذروة 80%، ومنذ ذلك الحين انخفض بصورة متواصلة. وتظهر أرقام شعبة القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي أن المشكلة مستمرة منذ ثلاث دورات تجنيد متعاقبة: ففي دورة تجنيد آذار/مارس 2017 طلب 71,5 % فقط الخدمة القتالية مقابل 72,5% في آذار/مارس، وفي تجنيد تشرين الثاني/نوفمبر كانت النسبة 69% مقابل 71% في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
•السؤال المركزي المطروح، ما هو تأثير قضية أليؤر أزرايا، في حال كان هناك تأثير، على الانخفاض في الحافز. وفقاً لمسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي لا توجد علاقة بين هذه القضية والطلب على الخدمة القتالية. وبحسب ادعائهم، فإن الموضوع لم يطرح في الاستمارات أو في الأبحاث، وتحديداً الطلب على الخدمة في لواء كفير الذي خدم فيه أزرايا حطم أرقاماً قياسية. كما ان الطلب على الخدمة في حرس الحدود في ازدياد.
•بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي، يعود الانخفاض في الحافز إلى تغيّرات اجتماعية طرأت على الدولة. التغير الأول: تآكل صورة المقاتل، بينما يظهر في المقابل تفضيل المرشحين، وخاصة أهاليهم، للخدمة والتجنّد في وحدات تكنولوجية مثل الوحدة 8200 [وحدة الاستخبارات العسكرية في التجسس الالكتروني]، وفي وحدات السايبر، ووحدات اخرى في فرع التنصت. وقد سُجل هذا التفضيل بصورة تدريجية منذ خمس سنوات. ويظهر تحليل اتجاهات التجنيد أن الجنود معنيون أكثر فأكثر بالقيام بخدمة مهمة وقريبة من منازلهم ويمكن أن تمنحهم ميزة في حياتهم المقبلة، ومما لا شك فيه أن الخدمة في وحدات تكنولوجية تتجاوب مع هذه المتطلبات.
•ثمة سبب إضافي للانخفاض في الحافز هو انتقال المجندين للخدمة في وحدات مثل الكتائب المختلطة وفي منظومات تعتبر أقل طلباً مثل الدفاع الجوي (مثلاً "القبة الحديدية")، وقيادة الجبهة الداخلية.
•في الجيش يدركون جيداً أهمية المشكلة ويعملون من أجل تغيير الاتجاه: فقد وافق رئيس الأركان غادي أيزنكوت على مبادئ خطة عمل لتعزيز مكانة المقاتل هي الآن قيد الإنجاز. تمنح الخطة أفضلية كبيرة للمقاتلين سواء في الاعتراف بأهميتهم أم في إعطاء أفضلية لهم، بالإضافة إلى عدة خطوات قُدّمت لصالح المقاتلين وجرى تطبيقها في السنوات الأخيرة مثل رفع راتبهم إلى نحو 1620 شيكل شهرياً، ومنحهم بطاقة نقاط، وتمويل شهادة ليسانس لكل مقاتل. ويعتقدون في الجيش أن التجند لهذه المهمة يجب أن يكون على الصعيد الوطني: "فالمقصود هو تحد وطني" وفقاً لكلامهم.
•من المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من الانخفاض في الحافز القتالي، فقد نجح الجيش في ملء الصفوف في دورة التجنيد الأخيرة في الوحدات القتالية الأقل طلباً مثل المدرعات والمدفعية، وذلك بسبب عمل القادة المسبق.
•إن تفحصاً عميقاً يشمل عدة سنوات للأرقام وتحليل الاستمارات في الجيش يشير إلى ظاهرة متشعبة يجب أن تقلق الجيش: هي تفضيل عدد أكثر فأكثر من الشباب للتجنّد في خدمات من نوع جديد، مهم وأيضاً قريب من المنزل. وهذا الاتجاه هو عملياً الذي يدفع العديد من الشباب إلى اختيار الخدمة في وحدات تكنولوجية، وفي الاستخبارات العسكرية مثل الوحدة 8200، وفي السايبر، وفي وحدات التنصت، لأنها توفر لهم خياراً جيداً لتحقيق ذاتهم وأيضاً للقيام بخدمة مهمة.
•في السنوات الأخيرة زاد الجيش من حجم هذه الوحدات بصورة دراماتيكية في ضوء الحاجات الجديدة، ومنحها بالتالي الأفضلية المطلوبة بسبب أهميتها المتزايدة في بيئة القتال المتغيرة. وعلى سبيل المثال، نستطيع أن نجد أن أكثر من 50% في وحدات السايبر هم من المجندين الذين لديهم مؤهلات قتالية. في الاستخبارات العسكرية يدعون أنهم ليسوا واثقين من أن كلهم كانوا مؤهلين للخدمة القتالية. لكن حقيقة أن هؤلاء الجنود الذي صنفوا من طريق الخطأ في الماضي كـ"مقاتلي سايبر" يصلون بحسب المعايير إلى سلاح البر، حيث أدخلت أيضاً وسائل تكنولوجية متقدمة (مثلاً دبابات ميركافا من نوع 4) تتطلب أكثر فأكثر خبراء في التكنولوجيا، وهذا ما أدى إلى صراع على القوة البشرية النوعية في الجيش الإسرائيلي. وهذا يبدأ في مؤسسة الخدمة الإلزامية ويزداد في الخدمة النظامية.
•في الغرف المغلقة يعترف ضباط القوة البشرية في سلاح الطيران بأن الطلب على الوحدات التكنولوجية يلحق الضرر حتى بالتصنيف لدورة طيار المحترمة جداً. وعلى الرغم من أن من هم الأفضل ما يزالون يذهبون إلى الطيران من دون أن يكونوا طيارين قتاليين، لكن بخلاف الماضي فإن العديد منهم، بخلاف الماضي، لا يناضلون من أجل الوصول إلى قمة التصنيفات بل يتنازلون مسبقاً من أجل الخدمة في وحدات تكنولوجية.
•في منظومة المقاتل برز أيضاً اتجاه جديد يفضل فيه الجنود الخدمة في ما يعتبر "قتالي – خفيف" مثل الوحدات المختلطة بين الفتيات والشباب في منظومة الحدود، حيث تضاعف عدد الشباب الراغبين في الخدمة فيها. وأيضاً في منظومة الدفاع الجوي التي تضم القبة الحديدية وحيتس والعصا السحرية، تزايد الطلب ليس سببه فقط العمليات الناجحة والبارزة في عملية الجرف الصامد.
•وراء هذه الظاهرة تزداد الفجوة بين مقاتلي وحدات الميدان والوحدات التكنولوجية، وهي لا تبرز فقط في المعلومات والخبرة التي يتم الحصول عليها في الخدمة العسكرية والتي تمنح عناصر التكنولوجيا ميزة في الحياة المدنية، بل وتبرز أيضاً في الخدمة الاحتياطية: مقاتلو الوحدات الميدانية بعد إتمامهم الخدمة الإلزامية ملزمون بالقيام بخدمة احتياط 20 عاماً، بينما زملاؤهم في الوحدات التكنولوجية يكتفون بخدمة احتياط سنوات قليلة.
•الجيش الإسرائيلي مستعد للتحدي: الخطوة الأولى التي قام بها غادي أيزنكوت هي إعادة تعريف مصطلح المقاتل وإظهار تفضيل بارز تجاهه. لكن هذا هو أيضاً مسؤولية الحكومة، وقد قام وزير المال كحلون برفع راتب المقاتلين 50%، وهذه خطوة مباركة. لكن الـ1620 شيكل شهرياً التي يتقاضاها المقاتل ليست كافية. من هنا لا مفر في نهاية هذه المرحلة من فحص إمكانية أن يكون راتب المجند في الخدمة القتالية موازياً للخدمة النظامية أو على الأقل مثل الحد الأدنى للأجور.