هدف العائق عند منطقة الحدود مع القطاع: إحاطة غزة بجدار اسمنتيّ تحت الأرض يُضاف إلى الجدار فوق الأرض
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•عكف فريق دولي خلال الأشهر الأخيرة على بناء عائق عند منطقة الحدود بين إسرائيل وغزة. مواد الإغلاق المُحكم من أوروبا، آليات الحفر من ألمانيا، العمال من مولدافيا، المهندسون والتقنيون من إسبانيا وإيطاليا. هذا هو الانطباع من جولة عند الحدود مع قطاع غزة حيث تقوم إسرائيل ببناء "جدار اسمنتي" على طول هذه الحدود. إنه أحد المشروعات الأكبر والأكثر تحدياً التي تخوضها إسرائيل من الناحية التكنولوجية، بكلفة تصل إلى ثلاثة مليارات شيكل. 

•إنه مشروع مدني عسكري يشمل مركّبات وعناصر عملانية تكنولوجية وهندسية غير مسبوقة ولا حتى بمقاييس دولية. ومع الانتهاء من العمل به وإتمامه بعد نحو عامين على الأكثر، سيكون قطاع غزة محاطاً بجدار اسمنتي تحت الأرض وبجدار فوق الأرض أيضاً، يجعلان من الصعب على "حماس" حفر أنفاق توصل إلى داخل الأراضي الإسرائيلية. وقد تبينتُ خلال جولة قمتُ بها على طول الحدود، أن هذا العائق لن يكون في اليابسة فقط إذ يعتزم الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع المسؤولان عن المشروع بناء عائق في البحر أيضاً.  

•يجري الحديث هنا حول بناء رصيف عند الحدود مع قطاع غزة يُقام عليه جدار بارتفاع ستة أمتار، تثبَّت عليه مجسات ووسائل إنذار استخباراتية متعدّدة تجعل من الصعب على وحدات الكوماندوس البحرية التابعة لحركة "حماس" اختراق حدود إسرائيل والدخول إلى أراضيها مثلما حاولت أن تفعل في إبان عملية "الجرف الصامد" قبل ثلاث سنوات. ويشار إلى أن العائق البري كما العائق البحري أيضاً، يُقامان في داخل الأراضي الإسرائيلية على بعد 200 متر من الحدود مع قطاع غزة، وذلك لقطع الطريق على تنظيم "حماس" الإسلاميّ أمام ادعاء أن إسرائيل تنتهك سيادة قطاع غزة. 

•يجري بناء هذا العائق تحت قيادة رئيس مديرية الحدود والتماسّ في وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، العميد عيران أوفير، بالتعاون مع قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية. وسيشمل العائق ثلاثة مكوّنات: جدار من الاسمنت المسلح والحديد بعمق عشرات الأمتار في باطن الأرض، توصَل به مجسّات ووسائل استشعار أخرى تكون وظيفتها رصد وكشف أي صوت قد يصدر عن أعمال حفر لأنفاق تحت الأرض. وإضافة إلى ذلك، سيقام جدار فوق الأرض بارتفاع ستة أمتار تُبنى على طوله أبراج للمراقبة مزودة بآلات تصوير ومراكز رصد وقيادة. وسيتم ربط هذه كلها بمركز تحكّم مركزي يتم إنشاؤه في قاعدة خاصة في جولس [قرية عربية درزية في الجليل]. 

•تبلغ كلفة الكيلومتر الواحد من هذا العائق بجميع مكوّناته نحو 42 مليون شيكل. بدأت الأعمال في إنشائه منذ بضعة أشهر وجرى تقسيمها إلى مقاطع ومراحل بعد أن فازت أربع شركات بالمناقصات لتنفيذ المشروع هي: "دانيا سيبوس" و"سوليل بونيه" و"أوليتسكي" و"إخوان غباي". بعض هذه الشركات الفائزة تعاقدت مع مقاولين أجانب في مجالات البنى التحتية والمعدات الثقيلة من دول مختلفة بينها إيطاليا وإسبانيا. وحين تدخل الأعمال مرحلة مكثفة، وهو المخطط لحصوله بعد ثلاثة أشهر، سيبلغ عدد العمال الذين سيشاركون في هذه الأعمال على طول الحدود مع قطاع غزة ـ نحو 65 كيلومتراً ـ ما يزيد عن 1,000 عامل سيتولى الجيش الإسرائيلي بواسطة وزارة الدفاع توفير الحراسة والحماية لهم. جميع هؤلاء العمال سواء من إسرائيل أو من الخارج، يخضعون لفحوص أمنية مشددة يشرف عليها جهاز الأمن العام ["الشاباك"]. 

•تقوم طريقة تنفيذ العمل على الحفر في الأرض عمودياً بواسطة آلات حفر ومعدات خاصة، ثم يتم إدخال مجسمات حديدية إلى باطن الأرض، علماً بأن التربة رملية هناك في الغالب، ثم يتم ضخ مادة معدنية تدعى "بيتونيت" (عبارة عن طين غير نقي) مستورَدة من بعض الدول الأوروبية من بينها هنغاريا وبلغاريا، وتشكل مادة للإغلاق المحكم. بعد ذلك يتم سكب الباطون المسلح إلى الحفرة ليشكل العائق الماديّ، ثم تُوصل به المجسات ووسائل الاستشعار الأخرى الذكية من إنتاج شركة "إلبيت". ونشير إلى أن كميات التراب الهائلة جداً التي ستُستخرج من باطن الأرض في عمليات الحفر هذه، سيتم استخدامها لإقامة تلة كبيرة وشاهقة على طول الحدود مع قطاع غزة.    

•تم إخضاع جميع مكوّنات العائقين تحت الأرضي وفوق الأرضي، إلى سلسلة طويلة من الفحوص المشددة من جانب الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، ثبت في نهايتها أن التقنيات التي سيتم استخدامها قابلة للتطبيق وعلى درجة عالية من الكفاءة. لكن حتى لو أخفقت هذه التقنيات في كشف جميع عمليات الحفر التي تقوم بها "حماس" بنسبة مئة في المئة، سيحول الجدار الاسمنتي دون محاولات "حماس" اختراق الأراضي الإسرائيلية عبر الأنفاق.  

•يضع تسريع بناء هذا العائق حركة "حماس" أمام معضلة قاسية، ذلك أن قيادة هذه الحركة تدرك أنه مع إنجاز العمل وإتمام بناء هذا العائق ستفقد إحدى أدواتها الاستراتيجية الأكثر أهمية ـ الأنفاق. من جهة أخرى، إذا حاولت "حماس" التشويش على أعمال بناء هذا العائق ستصطدم برد إسرائيلي قاس جداً، ربما يصل إلى حد الحرب الشاملة التي قد تؤدي إلى تدمير سُلطتها في قطاع غزة وإنهائها.