خط أنابيب غاز من إسرائيل إلى تركيا: هل إسرائيل كمن يطلق النار على قدمه؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG

 

•في مطلع شهر تموز/يوليو [2017] اتفقت إسرائيل وتركيا على تسريع المفاوضات للتوصل إلى بلورة اتفاق إطار لبناء خط أنابيب غاز على أمل توقيعه في الفترة القريبة. وتركيا مهتمة بخط أنابيب غاز  في الأساس للأسباب التالية: ارتفاع الطلب الداخلي في تركيا على الغاز الطبيعي من نحو 35 مليار متر مكعب عام 2010 إلى ما يقدر بنحو 50 مليار متر مكعب في العام 2017؛ تطلع لخفض الارتهان لروسيا التي هي مصدر نحو 60% من الغاز الطبيعي المستهلك في تركيا؛ والطموح لدفع خطة تغطية [تركيا] بشبكة خطوط غاز ونفط تقوم بوصل قارتي [آسيا وأوروبا]، الأمر الذي يعود عليها برسوم عبور كبيرة ويعزز نفوذها الإقليمي والعالمي.

•ولكن، هل من مصلحة إسرائيل أن تساهم في خطة التعاظم الجيوسياسية والمتعلقة بالطاقة الخاصة بتركيا؟ وماذا ستكون الانعكاسات على علاقات إسرائيل مع دول أخرى على ضوء هذا الاتفاق الاستراتيجي؟

•ليس جديداً أن طابع تركيا الرئيس اردوغان يتغير من علماني إلى إسلامي وأن نفوذها في المنطقة يتعزز من خلال سياسة مناهضة لإسرائيل ودعم تنظيمات إسلامية مثل حركة "حماس". بل إن أنقرة تقوم بجمع شمل رجال دين وقادة في القطاع العربي في إسرائيل، ومن ضمنهم مسؤولون كبار في الفرع الشمالي للحركة الإسلامية المحظورة، وقد مولت حركة "المرابطين والمرابطات" الصاخبة في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، وهي من الجهات الرئيسية التي أججت قضية الأجهزة المغناطيسية في الحرم القدسي وتحاول إلهاب العالم الإسلامي لمصلحتها. وخط أنابيب الغاز لن يكبح الحلم الإسلامي- العثماني- الامبريالي لأردوغان ولن يقوده إلى تحول جذري وأخذ إسرائيل في الاعتبار. وعليه، يجدر التساؤل هل إن إسرائيل على وشك إعطاء قوة ومكامن ضغط لدولة لديها تطلعات إقليمية إشكالية وتكتسب نفوذاً في أوساط جهات متطرفة في إسرائيل؟

•وعلى صعيد خريطة التحالفات الإقليمية، تنحاز تركيا إلى قطر في مواجهة تحالف دول بقيادة سعودية- مصرية يسعى إلى كبح زعزعة الاستقرار في المنطقة ووقف تمويل تنظيمات إرهابية منها حركة "حماس". وتجلى هذا الانحياز عبر إرسالها قوات الجيش [التركي] إلى قطر. ألن يؤدي اتفاق خط أنابيب الغاز إلى توتير علاقات حساسة مع السعودية ومصر، وإلى أن يشجع بصورة غير مباشرة الطرف غير الصحيح في الخريطة الجيوسياسية الإقليمية؟

•ثم أليست هذه هي تركيا نفسها التي تعارض حركة استقلال الأكراد وتكافحها بعدائية؟ حتى إنها كشفت مؤخراً عن قواعد عسكرية أميركية تساند "قوات سورية الديمقراطية" في شمال سورية بقيادة كردية، والتي هي تنشط ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من جهة، وضد جيش الأسد من جهة ثانية، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة وتركيا أعضاء في حلف "الناتو". ألن يؤدي هذا الارتباط الاقتصادي- الاستراتيجي إلى تعقيد مصلحة مستقبلية لنا في إقامة علاقات دبلوماسية مع الشعب الكردي الذي تربطنا به منظومة علاقات فريدة؟     

•وأيضاً أليست هذه هي تركيا نفسها التي تزعزع استقرار دول الاتحاد الأوروبي بواسطة جاليات مهاجرين أتراك، ولا سيما في ألمانيا؟ إن اتفاق بناء خط أنابيب سيمنحها قوة إضافية ومكامن ضغط بوصفها دولة عبور لشبكة أنابيب تمد بالطاقة دول الاتحاد الأوروبي الساعية هي الأخرى إلى خفض ارتهانها للغاز الطبيعي الروسي. أليس من الأفضل مد خط أنابيب عبر قبرص واليونان؟ وهما دولتان تتوفر لنا فرصة لبناء علاقات مستقرة معهما أعلى بكثير ويسعى الاتحاد الأوروبي لترميم اقتصادهما، ولا خشية من أن تستغلا تمكينهما لتدعيم سياسة إمبريالية ومؤيدة للحركة الإسلامية.

•إسرائيل تسعى للحصول على توقيع تركيا على اتفاق إطار أساساً من أجل تطويق المخاطر الاقتصادية ومنعاً لتدهور في العلاقات بين الدولتين، وهذا احتمال وارد بالتأكيد عندما يتعلق الأمر بنظام أردوغان بالنظر إلى أفعاله وتطلعاته. وحتى لو تضمن الاتفاق بنوداً صارمة تفصل بوضوح بين السياسة ونقل الغاز، وتنص على عدم استغلال خط الأنابيب كرافعة ضغط سياسية ضد إسرائيل، فالتاريخ يشهد على خرق لاتفاقات خطوط أنابيب الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الوزارات المعنية أن تجيب الجمهور على السؤال التالي: هل تركيا شريك مناسب لتصدير ثرواتنا الاستراتيجية والاقتصادية من الغاز الطبيعي إليها؟

 

 

المزيد ضمن العدد 2667