من الضروري استغلال الرياح الطيبة التي تهب من الهند
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•في السنوات الأخيرة اعتادت إسرائيل على الزيارات المتواصلة التي تقوم بها شخصيات رفيعة، إذ لا يمر أسبوع لا يصل فيه إلى القدس رؤساء دول وزعماء أجانب. لكن أيضاً على خلفية ذلك، فإن للزيارة التي سيقوم بها الأسبوع المقبل رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، أهمية خاصة. 

•كلمة انقلاب هي الكلمة الملائمة لوصف وضع العلاقات بين إسرائيل والهند حالياً. طوال عشرات السنين انتهجت الهند عندما كان يحكمها حزب ذو توجهات اشتراكية، خطاً واضحاً معادياً لإسرائيل، ودعمت كل مبادرة ضد الدولة اليهودية. في البداية استند هذا الموقف إلى أساس نظري، فقد تجاهل مؤسسو  دولة الهند المستقلة الحقيقة، وأصروا على أن ينظروا إلى الحركة الصهيونية كفرع من فروع الاستعمار الغربي. وهذه الرؤية العامة المشوهة هي التي دفعتهم إلى دعم العرب الذين اعتبرهم الهنود ضحايا للاستعمار و"إخوة في المصيبة". ثانياً، في تلك الفترة اعتقد زعماء الهند أن قرار دعم العرب سيحقق لدولتهم إنجازات عملية، وأملت الدولة العملاقة الاستفادة من القدرة الاقتصادية للدول الإسلامية، وأن تحظى من خلال تأييدها لهذه الدول باحترام دولي، وبإسكات الأقلية المسلمة الكبيرة التي تعيش في الهند. 

•لكن سنوات العداء انتهت. فقد صعدت قوى جديدة إلى الحكم ليست مصابة بالعمى الأيديولوجي. وبالنسبة إلى هذه القوى، الصهيونية ليست ذراعاً للإمبريالية، بل هي حركة قومية إيجابية لشعب يعيش في وطنه. ولا يخفي رئيس الحكومة الهندية مودي إعجابه بإنجازات الدولة اليهودية. وبدلاً من البحث عن أوجه تشابه مصطنعة بين الهند والدول العربية، هو يجد تحديداً في رواية الانبعاث اليهودي شبهاً بالتحديات التي تواجهها دولته. ولم يغب عن نظره أيضاً أن الدولتين تواجهان تهديداً مشتركاً هو الإرهاب الإسلامي، لكن يتقدم ذلك الاعتراف بصدقية الطريق الذي سلكه الشعب اليهودي.

•وعلى ما يبدو، فإن ما يجري هو منعطف دراماتيكي لا عودة عنه. فقد تغلغل توطيد العلاقات بين إسرائيل والهند في جميع المجالات ووصل إلى نقطة اللاعودة. وتجلى ذلك من خلال تغير نمط تصويت الهند في الأمم المتحدة. فقبل أكثر من عام توقفت الهند عن تأييد القرارات المعادية لإسرائيل أمام دهشة ممثلي الدول العربية الذين لم يستوعبوا رياح التغيير. في مقابل ذلك، عرف الجانب الإسرائيلي كيف يعمل على تنمية الصداقة الجديدة. فوضع نتنياهو تحسين العلاقات مع الهند هدفاً مركزياً في سياسته الخارجية، وتسير إسرائيل على هذا المسار بنجاح. ويشمل التعاون الناجح بين الدولتين مجالات مختلفة بدءاً من التعاون الزراعي والتكنولوجيا المتقدمة للمياه، وصولاً إلى تصدير منظومات سلاح من صنع إسرائيلي إلى الهند.

 

•إن الزيارة التاريخية لرئيس وزراء الهند تثبت وتؤكد ما سبق أن تحقق. ونحن الآن بحاجة إلى ترجمة هذه الرياح الطيبة التي تهب من شبه القارة الهندية إلى أفعال. وستشكل عشرات الاتفاقات التي وُقعت، أو ستُوقع خلال الزيارة، حافزاً لزيادة حجم التجارة إلى ثلاثة أضعاف، وستقدم مساعدة مهمة للاقتصاد الإسرائيلي، والأهم من ذلك، فهي ستدفع قدماً بالعلاقات الإسرائيلية – الهندية نحو مرحلة إضافية على طريق الشراكة الاستراتيجية.