من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إعلان البيت الأبيض هذا الصباح (الثلاثاء) معرفة الولايات المتحدة بأن الرئيس الأسد ينوي مرة أخرى شن هجوم بسلاح كيميائي، وتحذيره من أنه سيردّ بعنف إذا نفذ الأسد مخططه، يعكس خطوة استثنائية. لكنها ليست الأولى من نوعها. لقد سبق لإسرائيل أن استخدمت أسلوباً مشابهاً بين السنوات 2000- 2006، عندما كانت تردها معلومات استخباراتية عن نية حزب الله القيام بهجمات على طول الحدود، على الأغلب في منطقة هار دوف [مزراع شبعا]. وفي مرات عدة أبدى حزب الله اهتماماً بهذه التحذيرات المسبقة وأوقف مخططاته.
•في مثل هذه الحالات، فإن المطروح على المحك هو العلاقة بين خطورة العمل المخطط له (وحظوظ منعه من خلال هذا التحذير)، ونوعية المصدر الاستخباراتي الذي نقل المعلومة. ومن الواضح أنه عبر هذا الإعلان يخاطر الأميركيون بـأن يكتشف نظام الأسد مصدر المعلومة ويؤذيه، سواء أكان المصدر هو عميل مخابرات، أو معلومة جرى الحصول عليها بواسطة اختراق سيبراني أو من خلال التنصت على خطوط الاتصالات. ويجب أن نتوقع أن الأميركيين درسوا كل هذه الاعتبارات مسبقاً، وأن ما يجري هنا ليس زلة لسان جديدة مثل زلة لسان الرئيس ترامب [لدى اجتماعه مع الرئيس الروسي في نهاية أيار/مايو الماضي]، التي أضرت بعملية جمع المعلومات الاستخباراتية عن تنظيم داعش (وفقاً لتقارير كثيرة، فإن مصدر المعلومة كان إسرائيل).
•إن قرار الإدارة الأميركية التهديد مجدداً بهجوم عقابي يستحق التقدير، وذلك بعد قرارها في نيسان/أبريل إطلاق صواريخ من البحر على قاعدة جوية تابعة للنظام في حمص، رداً على الهجوم الكيميائي على إدلب. وفي الحالين، يبدو ترامب مستعداً لأن ينتهج خطاً فعالاً أكثر حيال الأسد، بالمقارنة مع التهديدات الجوفاء للرئيس السابق باراك أوباما. وبعد بيان البيت الأبيض وجّهت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي تحذيراً إلى روسيا وإيران، الدولتين الداعمتين للأسد.
•لكن فيما يتعلق بكل ما له علاقة بسياسة الإدارة الجديدة، هناك فجوة بين التهديدات والأفعال، وبين الخطوات التكتيكية والسياسة الاستراتيجية في الشرق الأوسط. صحيح أن ترامب يبدو أكثر حزماً من أوباما، لكن يبدو، ببساطة، أن جزءاً من اهتمامه هو انتهاج سياسة مخالفة للرئيس الذي سبقه كي يثبت الاختلاف بينهما. إنما عملياً، وبعد مرور خمسة أشهر على تنصيب الرئيس، يبدو أنه ليس لدى الأميركيين سياسة متماسكة في الشرق الأوسط.
•باستثناء الحاجة إلى الظهور بمظهر صارم، والأولوية الكبرى التي يعطيها الرئيس لمحاربة تنظيم داعش، فليس من الواضح تماماً ما الذي يريد الأميركيون تحقيقه في سورية وفي المنطقة بصورة عامة. وقد جاء التهديد [الأميركي] للأسد في خضم ذروة أحداث دراماتيكية تحدث في شتى أنحاء سورية: تشديد الحصار على الرقة، عاصمة خلافة داعش؛ الصراع الدائر بين ميليشيات سنية مدعومة من الولايات المتحدة وميليشيات شيعية تتماهى مع نظام الأسد وإيران من أجل تحقيق السيطرة على مناطق واسعة تخلت عنها داعش في محافظة دير الزور؛ والحوادث الجوية التي وقعت بين الولايات المتحدة والنظام السوري وإيران في شرق سورية؛ والجهد الذي يبذله الأسد لاستعادة مناطق واسعة في جنوب سورية بالقرب من الحدود مع الأردن.
•في جميع هذه المجالات، يبدو أن ترامب لم يبلور بعد سياسة أو أهدافاً، لكنه أعطى حرية أكبر لقادة القوات الأميركية الموجودة على الأرض (خاصة سلاح الجو، ومستشارون، ووحدات خاصة). وحتى إسرائيل تجد صعوبة في فهم ماذا تريد الإدارة الأميركية، ويدور داخل المؤسسة الأمنية نقاش بشأن ما هو الأفضل أن يحدث: هل حزم أميركي أكبر في مواجهة إيران وروسيا من شأنه أن يؤدي إلى لجم جهودهما، أم أن هناك خطر نشوب احتكاك مباشر بين الدول العظمى يمكن أن ينعكس على ما يجري هنا؟
•إن المشكلة لا تنحصر فقط في أن الإدارة الأميركية لم تجر بعد تعيينات في عدد كبير من المناصب في الخارجية الأميركية وفي البنتاغون لها علاقة ببلورة سياسة خارجية، بل وأيضاً في الصعوبة التي تلاقيها إسرائيل في تنظيم طرق تواصل لمناقشة مشكلات استراتيجية مع ترامب وموظفيه. فمنصب رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل لم يُعيّن فيه أحد بصورة دائمة منذ عامين، أي منذ استقالة العميد (في الاحتياط) يعقوب عميدرور. ومستوى التنسيق عبر قنوات أخرى ليس جيداً كما كان سابقاً.
•قال رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب اللواء (في الاحتياط) عاموس يادلين لـ"هآرتس"، إن المصالح الأميركية والإسرائيلية في سورية متطابقة تقريباً، لكن المطلوب توثيق الصلة بين الدولتين كي يكون من الممكن الاتفاق على توجّه مشترك حيال الوضع هناك، الآخذ في التعقيد من عدة نواح.
•في ضوء الأحداث التي تجري في مناطق أخرى في سورية، فإن ما جرى في هضبة الجولان في الأيام الأخيرة يوضح أنها ساحة ثانوية، هامشية تقريباً. فمنذ نهاية الأسبوع ازدادت حدة المعارك بين نظام الأسد وتنظيمات المتمردين السنة، ومن بينهم جبهة النصرة التي تتماهى مع القاعدة. وأدى ارتفاع حدة التوتر إلى انزلاق غير مقصود لنيران أطلقتها قوات النظام إلى داخل أراضي سرائيل. وجاء الرد الإسرائيلي قاسياً وترافق بتهديدات واضحة، لكن عملياً لا ترى إسرائيل سبباً لزيادة تدخلها في ما يحدث هناك، أو لاتخاذ خطوات غير القصف العقابي إذا سقطت قذيفة مدفعية سورية داخل أراضي إسرائيل.