ولي العهد السعودي الجديد بشرى جيدة بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية كان فقط مسألة وقت. فـ"الولد" الذي سيحتفل في آب/أغسطس المقبل بعيد ميلاده الـ32 هو أصلاً الحاكم الفعلي للمملكة، وهو الحاكم الآمر في كل ما له علاقة بالسياسة الخارجية، والتقدير أنه خلال وقت لن يطول سيستقيل الملك سلمان المريض من منصبه وسيسلمه إلى ابنه.

•خلال عامين ونصف العام، ومنذ تنصيب الملك سلمان ملكاً، جرت تهيئة ابنه لوراثة مهماته الرفيعة، سواء كمبعوث في مهمات سياسية قام بها نيابة عن والده، أو عندما بادر وخطط ونفذ (بطريقة لم تكن ناجحة بصورة خاصة) حرب اليمن، بصفته وزيراً للدفاع.

•وإذا كان في بداية مسيرته الرسمية من أشرف على العلاقات مع الإدارة الأميركية وخاصة مع الـ سي. آي. إي هو، ابن عمه محمد بن نايف ابن وزير الداخلية السابق، فإن بن نايف نُحي جانباً، وخلال زمن قضير فهمت الإدارة الأميركية بدقة من هو الرجل القوي في المملكة. وتحول محمد بن سلمان إلى رجل الاتصال ليس فقط مع الإدارة الأميركية بل أيضاً مع روسيا بوتين، الذي التقى ولي العهد الجديد عدة مرات كي ينسق معه السياسة إزاء سورية وإيران.

•حتى الآن، كان محمد بن سلمان بشرى جيدة لإسرائيل والولايات المتحدة، ومواقفه الحازمة ضد إيران تجعله شريكاً استراتيجياً مهماً، ليس في الصراع ضد إيران فحسب، بل وأيضاً لأن بن سلمان يتفق مع الإدارة الأميركية على ضرورة كبح النفوذ الروسي في المنطقة، وإسقاط نظام الأسد، والعمل بحزم ضد داعش وتنظيمات راديكالية أخرى من الإخوان المسلمين إلى حزب الله.

•في العامين الماضيين، تحدثت تقارير في مواقع عربية عن لقاءات جرت بين مسؤولين سعوديين ومسؤولين إسرائيليين. ووفقاً لهذه التقارير، ففي سنة 2015 جرى مثل هذه اللقاءات في إيلات، كما جرى لقاء آخر على هامش القمة العربية التي انعقدت في الأردن في آذار/مارس، كما تجري اجتماعات منتظمة بين ضباط سعوديين وإسرائيليين في إطار غرفة الحرب المشتركة بين الأردن والسعودية والولايات المتحدة، من أجل تنسيق عمل الميليشيات.

•مثل هذه الاجتماعات تتطلب موافقة بن سلمان بصفته وزيراً للدفاع. والشيء الذي ما يزال غير معروف حتى الآن هو: إلى أي حد يستطيع ويرغب بن سلمان في الدفع قدماً بعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين كجزء من خطة الرئيس ترامب؟ وهل سيكون قادراً على إحداث انعطافة في شبكة العلاقات بين إسرائيل والسعودية؟

•هذا الأسبوع نشر صاحب المدونة السعودي المعروف باسم "مجتهد" سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، كشف فيها "مؤامرة" مشتركة بين الأمير بن سلمان وولي العهد في أبو ظبي محمد بن زايد، لإحداث انقلاب في قطر. وكتب مجتهد الذي اتضح أن أكثر تغريداته صحيحة وتستند على ما يبدو إلى مصادر من داخل بلاط المملكة السعودية، أن وليا العهد كانا ينويان إرسال مرتزقة من شركة "بلاك ووتر" المشهورة بعملياتها في العراق، مع قوات من دول اتحاد الإمارات، إلى قطر، من أجل السيطرة على الحكم وتعيين شخص موال للسعودية من عائلة آل ثاني، العائلة الحاكمة في قطر. وبحسب "مجتهد"، فإن الرجلين أملا بهذه الطريقة إنهاء الأزمة مع قطر وإخضاعها لمشيئة السعودية. ووفقاً لصاحب المدونة، فإن الولايات المتحدة هي التي ضغطت بصورة غير مباشرة لوقف المؤامرة.

•حتى الآن ليس هناك ما يدعم صحة هذه المعلومات، ولا يوجد دليل على أن هذه التغريدات استندت إلى وقائع حقيقية. لكن الأمر الذي لا شك فيه هو عمق العلاقة التي تربط بين ولي العهد السعودي وولي العهد الإمارتي، علاقة تكرّس بينهما تحالف شباب يؤمن بالرسالة العالمية، أو على الأقل العربية، الملقاة على أكتافهم، وأنه ليس هناك أحد غيرهم يستطيع إدارة الشرق الأوسط. وهؤلاء هم جيل جديد، ينتمي إليه أيضاً حاكم قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الذي عمره 37 عاماً، إنه جيل وصل متأخراً إلى الحكم في دول الخليج، بعد أن سبقه زعماء شباب في المغرب والأردن وسورية.

•الأسلوب الحاد في إدارة السياسة الخارجية السعودية شعر به جيداً زعماء عرب مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعبد الله ملك الأردن، اللذين تلقيا انتقادات سعودية على "سلوكهما" وحتى عوقبا عليه. فقد توقف تزويد مصر بالنفط قبل نصف سنة بسبب تأييدها القرار الروسي المقدم بشأن سورية، وبسبب ما اعتبرته السعودية تراجعاً مصرياً عن قرار نقل جزيرتي صنافير وتيران في البحر الأحمر إليها. كما جرى تجميد المساعدة السعودية للأردن بسبب رفضه السماح لقوات من الخليج بالتحرك داخل أراضيه ضد قوات سورية. لكن الضربة الأقسى تلقتها بالتأكيد قطر، التي اعتبرت "دولة غير مرغوب فيها" بين دول الخليج ومصر واليمن والأردن. والحصار البري والجوي اللذان فُرضا عليها تحولا إلى حصار اقتصادي. وفي جميع هذه القرارات كان ولي العهد السعودي هو القوة الدافعة، وكل ما هو مطلوب حصوله على الموافقة الشكلية لوالده.

 

•ليس من المتوقع أن يثير التعيين الجديد الذي حظي بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشورى ومن صلاحياته بحسب القانون الموافقة على تعيين أولياء العهد، اضطرابات جديدة في المملكة. وقد استُدعي معارضون محتملون إلى "محادثة" في قصر الملك. أما وزير الداخلية الجديد عبد العزيز بن سعود، فهو أيضاً شاب في الـ34 من عمره ومقرب جداً من بن سلمان، وهو سيكون المسؤول من الآن عن إدارة الصراع ضد الإرهاب الداخلي وسيكون مساعداً لولي العهد في كل ما يتعلق بقمع التخريب. وبهدف إشاعة الارتياح بين مواطني المملكة بمناسبة التغيير، أعلن الملك سلمان تمديد عطلة عيد الفطر أسبوعاً إضافياً، وكذلك إعادة دفع المكافآت المالية التي توقفت في الفترة الأخيرة إلى موظفي الدولة وعناصر الجيش. إن تقديم زيادات مالية كان وما يزال أداة ثابتة ومضمونة للمحافظة على الهدوء في المملكة.