محمد دحلان يعود إلى الساحة السياسية الفلسطينية
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

•أكد مسؤول كبير في "حماس" د. أحمد يوسف أن المسؤول الكبير في حركة "فتح" محمد دحلان التقى في نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة وفداً من "حماس" برئاسة يحيى السنوار، الذي جاء إليها بدعوة من مصر لإجراء نقاشات مع مسؤولي الاستخبارات المصرية حول المشكلات التي تعانيها الحركة في قطاع غزة.

•في 11 حزيران/يونيو كتب يوسف على صفحته في الفايسبوك الكلام الآتي: "محمد دحلان عاد إلى الساحة الفلسطينية. دحلان ومحمود عباس لاعبان أساسيان في هذه الساحة ولا يمكن التخلي عنهما". وذكرت مصادر مقربة من محمد دحلان أنه أجرى جلستي عمل مع وفد "حماس" ورؤساء الاستخبارات المصرية، وأن اللقاءين كانا إيجابيين، ودرست خلالهما أفكار مبتكرة لحل مشكلات قطاع غزة.

•وكما هو معروف، هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها محمد دحلان في جزء من اجتماعات رسمية تجريها الاستخبارات المصرية مع وفد "حماس"، الأمر الذي يشكل اعترافاً من الطرفين بمكانة دحلان وقوته السياسية في قطاع غزة، على الرغم من طرده على يد محمود عباس من مؤسسات "فتح" وتجريده من عضوية الحركة.

•ما حدث في هذه الاجتماعات تحدث عنه د. فايز أبو شمالة المقرب من دحلان إلى وكالة الأنباء "أمد" في 11 حزيران /يونيو، وأثار الكلام المنشور تعليقات حماسية على وسائل الاتصال الاجتماعي في قطاع غزة. ووفقاً لكلام أبو شمالة، جرى خلال الاجتماعات بلورة مذكرة تفاهم ستوقع في وقت قريب من قبل الأطراف الثلاثة، مصر و"حماس" ومحمد دحلان، المدعوم عربياً وأجنبياً.

•عالجت المذكرة كيفية ترتيب الوضع في غزة وهذه أهم بنودها:

أ. لن يجري حل لجنة إدارة شؤون القطاع التي أقامتها حركة "حماس"، وسيبقى موضوعا الأمن ووزارة الداخلية بكاملهما في عهدة "حماس"، أما محمد دحلان فسيعالج موضوع السياسة الخارجية وتأمين الأموال والتأييد السياسي للوضع الجديد في قطاع غزة.

ب. تُشكّل لجنة مشتركة بين "حماس" ومحمد دحلان تدير الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتُشكّل هيئة خاصة تابعة لدحلان للإشراف على المعابر الحدودية مع إسرائيل، وسيكون هو المسؤول تجاهها في كل ما له علاقة بإدارة الحياة اليومية لسكان القطاع.

ج. تعهدت مصر بفتح معبر رفح بصورة متواصلة أمام حركة الناس والبضائع بما ينسجم مع الاتفاق العائد إلى العام 2005.

د. تدفع رواتب موظفي قطاع غزة من الضرائب التي تجبيها "حماس" شهرياً والبالغة نحو 20 مليون دولار، كي لا تكون مرتبطة بالسلطة الفلسطينية.

هـ. تربط مصر قطاع غزة بشبكة الكهرباء التابعة لها، ويجري إدخال السولار إلى القطاع لتشغيل محطة إنتاج الكهرباء من دون فرض مكوس عليه.

و. سيجري في وقت قريب عقد جلسة للمجلس التشريعي في قطاع غزة بمشاركة دحلان وأعضاء المجلس من حركة "فتح" الموالين لدحلان، وخلال الجلسة سيجري التصويت على نزع الشرعية عن محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية.

ز. يخصص مبلغ 50 مليون دولار من أجل تحقيق مصالحة اجتماعية في القطاع، ويشرف على العملية محمد دحلان، وستبدأ اللجنة المكلفة بالموضوع عملها فور عودة وفد "حماس" من القاهرة.

•لم يستبعد د. أبو شمّالة إمكانية أن تكون مذكرة التفاهم خطوة نحو فصل القطاع عن الضفة وأن تشكل تحضيراً لتسوية إقليمية يكون قطاع غزة جزءاً منها. كما استبعد أن يكون محمود عباس قادراً على عرقلة التفاهمات لأن مصر ودولاً عربية أخرى تؤيدها. ووفقاً لكلامه، فإن مذكرة التفاهم التي جرى التوصل إليها تستبعد كل سيناريو لانفجار الوضع ونشوب حرب جديدة في القطاع.

•كذبت حركة "حماس" توقيع اتفاق تفاهمات في القاهرة ومشاركة طرف ثالث في النقاشات، لكن كما ذكرنا أكد مسؤولون كبار في الحركة مشاركة دحلان في النقاشات. 

•يبدو أن صورة الوضع لن تتضح قبل انتهاء النقاشات في القاهرة وعودة وفد "حماس" إلى القطاع. ثمة أمر واحد واضح هو أن محمد دحلان ما يزال يحظى بدعم مصري كامل كوريث مستقبلي لمحمود عباس، وهو يحظى بهذا الدعم لأن مصر ترى فيه الشخص القادر على المحافظة على مصالحها في قطاع غزة.

•تقوّي هذه الخطوة محمد دحلان كثيراً في المعركة الدائرة على وراثة السلطة الفلسطينية. وهي تتيح له العودة إلى مؤسسة اتخاذ القرارات، وإلى الساحة السياسية الفلسطينية عن طريق قطاع غزة و"حماس" وعلى رغم أنف محمود عباس. وإذا تحققت هذه الخطوة، سيكون رئيس السلطة الفلسطينية الخاسر الأكبر، ويبدو أنه سيكون من الصعب عليه كبحها وسيضطر إلى التسليم بأن نفوذه في القطاع جرى تحييده إلى حد كبير، وسيتحول محمد دحلان إلى ممثل بحكم الأمر الواقع لحركة "فتح" في القطاع يتحمل مع "حماس" جزءاً من إدارة شؤون القطاع.

•تقول مصادر رفيعة في "فتح" إن الخطوة المصرية ستكبح عودة "حماس" إلى حضن إيران بعد الأزمة مع قطر. وزعيم "حماس" الجديد إسماعيل هنية الذي ينوي زيارة إيران قريباً مرتبط عملياً بموافقة مصر على الذهاب إلى هناك من خلال معبر رفح. وفي الواقع يربط اتفاق التفاهمات الجديد مصير القطاع بمصر، وإذا تحقق فإن تبعية القطاع وقيادة "حماس" لمصر ستزداد وتكبر.