اليمين مقتنع بأن ترامب غيّر موقفه وأوساط نتنياهو تعمل على رزمة بادرات حسن نية حيال الفلسطينيين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن القلق الذي ينتشر في صفوف اليمين السياسي في إسرائيل قبيل وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البلد يعادل الفرح العارم الذي ساد لدى انتخاب "فنّان الصفقات" رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. وما بدا في نظر نفتالي بينت ورفاقه في المعسكر أنه تحقيق لحلم قديم تحول خلال وقت قصير إلى سيناريو كابوس محتمل يطرد النوم من عيونهم.

•خلال هذا الأسبوع، زار عدد لا بأس به من السياسيين، من اليمين ومن اليسار، الولايات المتحدة، بعضهم كان في واشنطن بينما كان آخرون في نيويورك بمناسبة مؤتمر صحيفة "جيروزالم بوست" السنوي. وقد التقوا أعضاء في مجلس الشيوخ في الكونغرس، وموظفين في الإدارة الأميركية، وخرجوا بانطباعات متشابهة مفادها أن ثمة شيئاً كبيراً من المتوقع أن يحدث في المنطقة، وأن الجدّ دونالد ترامب يعدّ لنا طبخة.

•يقول وزراء في الحكومة إن نتنياهو متوتر، وهو يشعر بأن ترامب يحضر له كميناً لا يستطيع أن يكتشف أبعاده إلاّ عندما يتنقل الرئيس الأميركي في المنطقة بين القدس وبيت لحم ومتسادا. وليس معروفاً ما سيجلب الرئيس معه. وخلال الأسبوع الماضي أجرى ثلاث جلسات نقاش في مكتبه ناقش فيها مجموعة من مبادرات اقتصادية مهمة تجاه الفلسطينيين، سيحاول بواسطتها أن يثبت للرئيس الأميركي أنه جدي. لكن ثمة شكاً كبيراً في أن ترامب سيكتفي بذلك.

•كذلك يتخوف نتنياهو كثيراً من الدور الأساسي الذي يقوم به صديق الأمس رونالد لاودر الذي، كما العديد من الأصدقاء الآخرين، تحول إلى خصم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الملياردير النيويوركي الذي أهمله نتنياهو وسارة بعد عدم امتناعه عن نشر التحقيق المتعلق بـ"جولات بيبي السياحية" على القناة التلفزيونية العاشرة التي يملكها، وهو اليوم لاعب مركزي في الشرق الأوسط، كما أنه هو مَن وجّه أبو مازن قبل لقائه الناجح مع الرئيس الأميركي، الأمر الذي أخرج مكتب رئيس الحكومة عن طوره، وهو أيضاً مَنْ قال للأشخاص الذين التقاهم هذا الأسبوع أن الفلسطينيين مستعدون للتنازل والتصالح، وأن نتنياهو هو الهدف، وأنه مسرور لأن الرئيس يصغي إليه.

•يلقي مصدر رفيع المستوى في اليمين اللوم على رئيس الحكومة فيما يتعلق بتغيّر الجو لدى الأميركيين؛ كما يلومه على عدم القيام بشيء، وعلى التصرف السيء، والاعتماد على سفيرنا رون دريمر، الذي كما يبدو لم يؤد ما هو مطلوب منه على الرغم من أنه مقرّب من البيت الأبيض. فبحسب هذا المصدر، هذه هي أسس "التقصير" التي بسببها غيّر ترامب جلده. وبينما كان نتنياهو منشغلاً بهيئة البث العام والمشاجرات في الائتلاف الحكومي، قام الفلسطينيون باختراق أساسي وعميق للإدارة الأميركية و"نجحوا، من خلال هجوم مُدهش، في إقناع ترامب بأنهم معنيون بالسلام ومستعدون لدفع ثمنه وأن الجزء الأكبر من العبء يجب أن تتحمله إسرائيل." وفي رأي المصدر، هذه هي الأجواء التي تسود أروقة الإدارة الأميركية في هذه الأيام، وبهذا الفهم للأمور سيصل ترامب إلى المنطقة في 22 الجاري.

•وقال مسؤول يميني، يتحدث من وقت إلى آخر مع موفد الرئيس إلى الشرق الأوسط المحامي جايسون غرينبلات، أنه فوجىء هذا الأسبوع لدى سماعه من يهودي متدين أرثوذوكسي، خريج يشيفات هار تسيون وصاحب رؤية يمينية، مواقف هي تكرار للآراء السياسية لعضو الكنيست تسيبي ليفني. وأضاف: "في الحديث مع غرينبلات ردد أكثر من مرة: ليفني تقول وليفني تعتقد، وفي رأي ليفني، كما لو أنها تحولت إلى معلمته. وانطباعي أنه يقدرها كثيراً ويصغي إلى مواقفها."

•هذه الصلة لم تغب عن اهتمام مكتب رئيس الحكومة، كما أنها لا تساهم في التخفيف من حدة القلق. ففي نهاية آذار/مارس الماضي، وبمناسبة مؤتمر إيباك، كتب غرينبلات على حسابه في تويتر أنه استضاف ليفني على العشاء في منزله. وقد استقبلت أوساط نتنياهو هذا الخبر باستياء.

•ووفقاً لمصدر سياسي، فإن ليفني لا تُطلع غرينبلات على الاتصالات التي أجرتها مع الفلسطينيين فحسب، بل تحرص على دحض حجة نتنياهو الدائمة بعدم قدرته السياسية على إقرار اتفاق. وقد أوضحت لغرينبلات أن رئيس الحكومة يمكنه أن يضمن أصوات المعارضة في الكنيست (أو كما قالت سابقاً: إذا قال نتنياهو أنه لا يقدر، سيكون واضحاً للجميع أنه لا يريد).

•اتصلتُ بواشنطن كي أسأل ليفني عن صحة هذا الكلام، لكنها رفضت الحديث عما يبدو بداية صداقة مدهشة بينها وبين غرينبلات. وكان مهماً بالنسبة إليها الإشارة إلى أن لقاءاتها معه، بما فيها التي جرت هذا الأسبوع، لا تتم في الخفاء بل بمعرفة سفارة إسرائيل. 

•تقول ليفني: "نحن أمام فرصة هائلة، فالرئيس الأميركي يتحدث عن إصراره على التوصل إلى صفقة أي إنهاء النزاع. لدينا رئيس يفكر على مستوى كبير، ويعالج جوهر المسألة ولا يدور حول الموضوع. وأعتقد أن من الممكن حدوث شيء دراماتيكي."

•ليست ليفني إنسانة خيالية، وقدماها مغروزتان جيداً في الأرض. هي إنسانة واقعية ورصينة وخبيرة بالموضوع، وتعرف جيداً مع من تتعامل. قلتُ لها أنني لم ألحظ مثل هذا التفاؤل من جهتها منذ ذروة المفاوضات التي أجرتها مع الفلسطينيين خلال الفترة 2013-2014 كموفدة من قبل نتنياهو. فاعترفت قائلة "هذا صحيح، هذه المرة يبدو الموضوع مختلفاً. فقد انخفض مستوى مطالب الفلسطينيين، وهم مستعدون لتقديم تنازلات. ولدى الرئيس ترامب القدرة على تحقيق النجاح معهم ومع الإسرائيليين أيضاً."

•وبحسب كلامها، ترامب مقابل نتنياهو، هو مثل "الليكود وحده يقدر" في مواجهة اليسار الإسرائيلي. وتضيف: "لا يمكن القول عن ترامب أنه لا يحب إسرائيل، أو أن أمن إسرائيل لا يهمه، أو أن لديه شيئاً ما ضد بيبي. فإسرائيل مهمة بالنسبة إليه، وهو معني بأمنها، وعلاقاته مع نتنياهو معروفة."

 

•وتتابع ليفني قائلة "ترامب رجل جدي، وهو يقصد ما يقوله. كما أن العالم العربي نضج، وثمة فرصة مذهلة  لمبادرة إقليمية. كل شيء يتعلق بالرئيس وبنتنياهو وبـ"أبو مازن."