•يصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إسرائيل بعد أقل من أسبوعين، وقد بدأ التوتر يظهر منذ الآن في المستوطنات. فالرئيس ترامب الذي يصل إلى إسرائيل في زيارة خاطفة تستمر 24 ساعة يُبدي تدخلاً متزايداً في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وسيحاول على ما يبدو خلال زيارته إعادة تحريك العملية السياسية بين الطرفين. ومنذ أسبوع فقط التقى الرئيس الأميركي رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، الذي أعلن استعداده لعقد اجتماع قمة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومع ترامب، خلال زيارة الأخير المتوقعة لإسرائيل.
•بالأمس نشر أريئيل كهانا على هذا الموقع (nrg) خبراً مفاده أن ترامب قرر استخدام حق النقض (الفيتو) الذي يمنحه له "قانون القدس" الأميركي، وعدم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وهذا الخبر، الذي يدل على تغير في توجه رئيس الولايات المتحدة، يشير إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى تغير أوسع في نظرته. وإذا كان في الإمكان حتى وقت قريب تفسير موقفه من المستوطنات بأساليب متعددة ("البناء في المستوطنات يمكن أن يضر بعملية السلام" في مقابل "لا نعتقد أن جوهر وجود المستوطنات هو عائق في وجه السلام")، إلاّ إن ترامب يمكن أن يصل إلى إسرائيل حاملاً رسائل أكثر تشدداً وأن يعرقل نمو المستوطنات.
•بناء على ذلك، وعلى الرغم من عدم وضوح المطالب التي سيحملها ترامب معه أو ماذا سيكون في جعبته، فإن مَنْ هم في المستوطنات يتوقعون الأسوأ، ولا حاجة إلى التكهن لتأكيد مخاوف زعماء المستوطنات. فمنذ عدة أسابيع تؤجل الإدارة المدنية النقاشات التي يُفترض أن تجري من أجل الموافقة على خطط البناء في المستوطنات، وكان قد حُدِّد قبل عدة أشهر موعد اجتماع اللجنة العليا للتخطيط في الإدارة المدنية مطلع هذا الشهر من أجل الموافقة على هذه الخطط، لكن تم تأجيل الموعد بعد أن علموا برغبة الرئيس الأميركي في زيارة إسرائيل. ومؤخراً، ترك بنيامين نتنياهو انطباعاً لدى مَنْ تحدث معهم أنه قلق من الزيارة. ففي مكتب رئيس الحكومة لا يعرفون ما هي خطة ترامب السياسية، ووجود خطة هو بحد ذاته مصدر قلق.
•منذ عدة سنوات يتدخل رئيس الحكومة شخصياً، لا بل هو الذي يحدد جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط، ولا تُطرح أي خطة للمناقشة إلاّ بعد أن تحظى بموافقته. وينتظر رؤساء مجلس يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بفارغ الصبر جلسة هذا المجلس من أجل الدفع قدماً بخطط البناء في أراضي المستوطنات الواقعة ضمن نطاقهم. وتعدُّ الموافقة على خطط البناء بمثابة الهواء الذي يتنفسه رؤساء المجلس الذين يعانون جراء أزمة سكن حادة. ومن المرجح أن يوافق رئيس الحكومة بعد زيارة ترامب على مناقشة بناء بضعة وحدات سكنية، وسيحدد موعد اجتماع اللجنة، شرط ألاّ يتعهد خلال الزيارة بتجميد البناء في مقابل استئناف العملية السياسية.
•لكن رؤساء مجلس يهودا والسامرة الذين خبروا خيبة الأمل لم يفاجأوا، ففور انتهاء الاحتفالات بفوز ترامب شدد هؤلاء مراراً وتكرراً على أن الموافقة على البناء تعود إلى نتنياهو لا إلى رئيس الولايات المتحدة. ويقولون بإحباط: "ترامب يتأثر بنتنياهو، وهو ليس أكثر يمينية منه. لكن في هذه الأثناء يعمل رئيس الحكومة على زرع الآمال والأحلام لدى ترامب بشأن اتفاق سلام وجائزة نوبل للسلام، بدلاً من أن يشرح له الواقع."
•إن الدخول مجدداً في العملية السياسية سيعطي الجانب الفلسطيني أملاً كاذباً، لأن مطالبهم الدنيا لا تلتقي مع الاستعدادات القصوى لرئيس الحكومة. لذا، وبعد أن "تتفجر" مفاوضات السلام، ويشعر جيراننا "بالإحباط" سيكون الطريق نحو الانتفاضة قصيراً.