روسيا تحاول ضم الولايات المتحدة إلى عملية سياسية في سورية تؤدي إلى إنهاء الحرب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

•إن الإعلان المفاجئ عن الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لواشنطن، يمكن أن يدل على حدوث تطورات جديدة على صعيد الجهود المبذولة من أجل وقف إطلاق النار في سورية. ومن المتوقع أن يلتقي لافروف نظيرة الأميركي ريكس تيلرسون، على خلفية عمليتين متوازيتين تقودهما موسكو: مبادرة الإعلان عن مناطق آمنة (أو "مناطق أقل تصعيداً") في بعض أنحاء سورية، ومحاولة التوصل إلى اتفاق أوسع بشأن تقاسم القوة في الدولة، والذي يمكن أن يؤدي مستقبلاً، بحسب السيناريو الأكثر تفاؤلاً، إلى وقف القتال. 

•وقد سبق زيارة لافروف التي تحدث عنها الروس أول أمس فقط، محادثات هاتفية بينه وبين تيلرسون، وبين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. ومن الصعب الاعتقاد أن يكون لافروف يتكبد مشقة الذهاب إلى واشنطن فقط لمناقشة مسألة تحديد المناطق الآمنة التي سيتعهد سلاحا الجو الروسي والسوري الامتناع من مهاجمتها، فهذه الخطوة يمكن إنجازها على المستوى العسكري، وقد امتنعت إدارة ترامب ظاهرياً من التدخل فيها. والظاهر أن الروس يريدون أن يلتزم الأميركيون، على الأقل بموافقة صامتة، باستئناف العمليات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل.

•في التصريحات الرسمية، وفي الزيارات الأخيرة التي قام بها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، بصورة منفصلة، للولايات المتحدة وروسيا، حددت القيادة الإسرائيلية مجالي اهتمام مركزيين بالنسبة إليها في سورية: مواصلة الجهود لمنع تسلح حزب الله بسلاح نوعي (بواسطة الهجمات الجوية الإسرائيلية في سورية التي يتحدث عنها بصورة خاصة الإعلام العربي)، والمطالبة بمنع اقتراب عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني من الحدود بين سورية وإسرائيل في هضبة الجولان.

•بالنسبة إلى المناطق الآمنة، من المعقول أن يكون لإسرائيل مصلحتان واسعتان: الأولى، أن لا يشملها هذا الاتفاق ولا يفرض عليها عدم القيام بهجمات جوية عندما تبرز حاجة أمنية ملحة إلى ذلك. والثانية، أن تشمل المناطق الآمنة منطقة الحدود في الجولان (وضمن ذلك تُعطى تعهدات بألاّ تُشَن مستقبلاً هجمات جوية سورية بالقرب من الحدود). في الآستانة عاصمة كازخستان، نوقشت مسالة تحديد مناطق آمنة في أنحاء سورية، ولا سيما حول المدينة الجنوبية درعا، المحاذية للحدود مع الأردن والواقعة على بعد نحو 40 كيلومتراً شرقي الجولان السوري.

•خلال الأسبوع الماضي وقع ممثلو روسيا وتركيا وإيران في الآستانة مبادرة المناطق الآمنة، بينما رفض عدد من ممثلي تنظيمات المتمردين السوريين الذين شاركوا في المحادثات التوقيع. أمّا التنظيمات الأكثر تطرفاً مثل جبهة النصر المتماهية مع القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش فلم تشاركا في المفاوضات.

•وبالإضافة إلى المناطق الآمنة يبدو أن لموسكو نوايا أكثر طموحاً، إذ يعتقد الروس أنه إذا حققت مبادرة المناطق الآمنة نجاحاً معيناً، فإنه سيكون في الإمكان استغلال هذا التحرك من أجل الدفع قدماً بحل سياسي يتوقف في إطاره القتال تدريجياً، وتصبح سورية بموجبه فدرالية هشة مكونة من مناطق سيطرة موزعة في أغلبيتها على أساس طائفي. لكن إيران ونظام الأسد يعارضان مثل هذه التسوية، خشية أن تقبل روسيا في مثل هذه الظروف استقالة الأسد من منصبه كرئيس، إذا ما تمت المحفاظة على أمن الطائفة العلوية، وعلى المصالح العسكرية والاقتصادية البارزة لروسيا في سورية.

•لقد احتلت التطورات في سورية مكاناً مركزياً في الزيارة التي قام بها رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال جوزيف دنفورد بالأمس لإسرائيل. وقد التقى دنفورد رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان غادي أيزنكوت وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي. وبالإضافة إلى الخطوات الروسية في سورية، جرى البحث أيضاً في الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش في سورية والعراق. وفي الواقع فإن الجهد الذي تشارك فيه إسرائيل بصورة أساسية في هذا الهجوم هو من خلال نقل معلومات استخباراتية. وهذه هي الزيارة الثالثة لدنفورد منذ توليه منصبه في أيلول/سبتمبر 2015.

•لقد زار دنفورد إسرائيل في الوقت الذي تجري في الأردن مناورات عسكرية واسعة النطاق بمشاركة وحدات أميركية. ويشارك في المناورة السنوية التي تقودها الولايات المتحدة في الأردن 7400 جندي ينتمون إلى 20 دولة، وقد تركزت على الدفاع عن الحدود، وعلى القيادة والتحكم في الوحدات، وعلى كيفية التصرف لمواجهة هجمات سيبرانية. ورد النظام السوري بعصبية على المناورة المشتركة، متهماً الأردن بأنه شريك في "مؤامرة أميركية – إسرائيلية" تهدف إلى الاستيلاء على جزء من أرض سورية في منطقة درعا.

•يشعر الأردن بالقلق منذ فترة طويلة جراء القتال الدائر بين النظام السوري والمتمردين حول درعا القريبة من حدوده. وبعد الانتصار على المتمردين في مدينة حلب في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بدأ النظام السوري يوظف جهوداً أكبر في القتال في جبهات أخرى بينها جنوب سورية، حيث يشارك سلاح الجو الروسي في القصف. وتتحدث تقارير عن وجود مقاتلين تابعين لحزب الله ومدربين إيرانيين في المنطقة. في هذه الأثناء يواصل أحد الفروع المحلية في تنظيم داعش السيطرة على جيب صغير في منطقة المثلث الحدودي بين سورية والأردن وإسرائيل، على الجانب السوري من الحدود جنوبي الجولان. وفي السنوات الأخيرة صرح قادة في الجيش الأردني إلى وسائل إعلام أردنية أن بلدهم سينتهج "دفاعاً عميقاً" ضد التهديد من سورية. ويبدو أنهم قصدوا بذلك ضم العشائر البدوية التي تتنقل بين طرفي الحدود للدفاع ضد هجمات محتملة على الأردن من داخل الأراضي السورية.