معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
•في الفترة الأخيرة أعلنت الإدارة الأميركية أنه بناء على توجيهات الرئيس دونالد ترامب يعمل مجلس الأمن القومي على وضع تقويم عام للسياسة الأميركية حيال إيران، ومرة أخرى سيجري تقويم ما إذا كان رفع العقوبات عن إيران نتيجة الاتفاق النووي يخدم فعلاً المصلحة القومية الأميركية. في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الأميركية للكونغرس (في 18 نيسان/أبريل) كما هي ملزمة بموجب القانون الأميركي، أن إيران ملتزمة الاتفاق النووي. وهذا الإعلان هو شرط لتمديد فترة القرار بتجميد العقوبات المفروضة على إيران، والذي اتُخذ بعد توقيع الاتفاق النووي.
•في المقابل، رفعت الإدارة الأميركية من حدة انتقاداتها العلنية لإيران. أكد الرئيس الأميركي (من دون يشرح) أن إيران "لا تلتزم بروحية الاتفاق". وفي 19 نيسان/أبريل خصص وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون عرضاً صحافياً خاصاً وشاملاً للحديث عن السلوك الإيراني "الاستفزازي"، وذلك من خلال وصف شامل لخطوات قامت بها إيران في السنوات الأخيرة، ومساهمتها في تصدير الإرهاب والعنف وزعزعة الاستقرار في عدد من دول الشرق الأوسط.
•يبدو أن التوجيه [الرئاسي] في الوقت الحالي هو لزيادة الضغط على إيران من أجل ردعها، من خلال خطاب علني يوضح جدية نوايا الإدارة الأميركية. ويعتبر هذا بالدرجة الأولى رسالة موجهة إلى إيران، وأيضاً إلى حلفاء الإدارة الأميركية الذين يطالبونها بخطوات تهدف إلى تقييد خطوات طهران. والافتراض هو أن الإدارة ستكون مستعدة، ضمن التقدير الذي تجريه وبقيادة شخصيات ذات خلفية عسكرية تعرف جيداً الشرق الأوسط، لبلورة خطوات تستطيع بواسطتها الولايات المتحدة، مباشرة أو بواسطة حلفائها، العمل على تغيير التوازن الإقليمي وتقييد نفوذ إيران في مناطق التوتر الرئيسية. وفي هذا السياق يمكن توسيع العقوبات ضد الحرس الثوري، وتخفيض مستوى الحذر خلال المواجهات مع السفن الإيرانية في مياه الخليج، وتعزيز المساعدة الاستخباراتية العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للسعودية ودول أخرى في مواجهة إيران. ومن المحتمل أيضاً زيادة الضغوط على حزب الله، كما لمّحت إلى ذلك في الفترة الأخيرة سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
•وعلى الرغم من هذا كله، فإنه من المعقول الافتراض أن الإدارة الأميركية ستأخذ في الحسبان قدرة إيران الكبيرة على المس بالمصالح الأميركية/أو بمصالح حلفاء أميركا في المنطقة، نتيجة مكانة إيران الإقليمية وقدراتها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الافتراض أنه في حال شعرت إيران بأن الخطاب الأميركي الحاد يُترجم إلى خطوات ملموسة، فإنه من مصلحتها أن تُثبت، قولاً وفعلاً، عدم نيتها التنازل عن المكانة والنفوذ اللذين حققتهما في المنطقة، وأن أي تدهور ستدفع ثمنه بالدرجة الأولى الولايات المتحدة وحلفاؤها. كما أن الإدارة الأميركية ستضطر إلى تقدير مدى انسجام سياسة متشددة حيال إيران مع الهدف الأساسي الذي وضعته - القضاء على داعش. ففي العراق تخوض الولايات المتحدة وإيران حرباً ضد داعش، ومع أنه لا يوجد حوار مباشر بينهما، فمن المعقول أنه يوجد تنسيق على مستوى ما (عملياً لم يُسجل حتى الآن أي اشتباك بينهما). ويمكن أيضاً أن تؤثر زيادة التوتر مع الولايات المتحدة في ساحة العمل في العراق، وأن تعرقل استمرار التركيز على داعش. كذلك سيجد الأميركيون أنفسهم مضطرين إلى أن يأخذوا في الحسبان أيضاً الانعكاسات المحتملة على علاقاتهم بروسيا، التي تتعاون بصورة وثيقة مع إيران في سورية وفي أفغانستان أيضاً، وتطور العلاقات مع حركة طالبان التي تنشط ضد مصالح أميركية هناك.
•بالنسبة إلى إسرائيل، فإن الأشهر المقبلة التي ستجري خلالها الولايات المتحدة إعادة تقويم لسياستها حيال إيران، من شأنها توفير أرضية مريحة لحوار- له تأثير محتمل- مع متخذي القرار الأميركيين على عدة مستويات. إن مصلحة إسرائيل الأساسية هي التأكد من أن الجهود الأميركية لاحتواء إيران في الشرق الأوسط لن تتركز في الخليج فحسب، بل ستتجلى أيضاً في السياسة المتبعة حيال سورية، وحيال حزب الله. أمّا بالنسبة إلى الاتفاق النووي، فمن المهم تركيز الحديث على الأدوات المطلوبة من أجل تشديد الرقابة على الالتزام بمختلف بنود الاتفاق، ومنع الخروقات، وكذلك الاستعداد لليوم الذي سيلي انتهاء مفعول الاتفاق.