الجولان – معركة بين الحروب
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•الحدود الشمالية ترفض أن تهدأ. ففي الأسبوع الماضي نظّم حزب الله جولة لعشرات الصحافيين على طول الحدود الإسرائيلية - اللبنانية كي يبين من هو رب البيت الحقيقي في لبنان. ورافق الصحافيين ضباط من الحزب تباهوا بأن إسرائيل مصابة بحمى الدفاع على طول الحدود،  فهي تحفر الخنادق وتحصن مواقعها، خوفاً من هجوم لمقاتلي حزب الله.

•وفي صباح يوم الأحد تحدثت تقارير من القنيطرة السورية عن أن ثلاثة مقاتلين ينتمون إلى ميليشيا في الجولان تعمل مع النظام السوري، لكن مع تدخل عميق من حزب الله وإيران، قُتلوا بهجوم نسبه السوريون إلى إسرائيل (التي أنكرت ذلك). وقبل شهر فقط قُتل أحد قادة هذه الميليشيا بهجوم جوي ترافق مع تلميح مكثف من جانب إسرائيل بأنها هي التي قامت بالعملية، وأن المقصود شخص متورط بمحاولة تشجيع عمليات إرهابية في الجولان.

•وتأتي هذه الحوادث على طول الحدود بعد أسبوعين من الهجوم الأميركي على سورية. لقد كان هذا الهجوم من دون شك مهماً وله أهمية رمزية، لكنه ظل حدثاً محدوداً ومعزولاً ومن دون استمرارية، والأهم من ذلك من دون استراتيجية واضحة يمكن من خلالها أن تترجم  إلى أفعال التصريحات التي أطلقتها واشنطن بأن على بشار الأسد أن يرحل وأنه لا يمكن أن يلعب أي دور في سورية في المستقبل. في مثل هذا الوضع، ليس غريباً أن يرى بشار في الهجوم الأميركي على سورية مجرد ضربة كف خفيفة يستطيع من بعدها أن يواصل بكل قوته، لكن بحذر أكبر من السابق، العمل على تحقيق هدفه الذي هو الصمود على كرسي السلطة وإخضاع معارضيه.

•إن العودة إلى الحياة الطبيعية في سورية بعد الهجوم الأميركي معناها عودة الصراع الذي يخوضه بشار الأسد بدعم روسي وإيراني بصورة خاصة، من أجل استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من سورية وعلى منطقة الجولان. 

•لقد خسر بشار الأسد السيطرة على الجولان في بداية الحرب الأهلية، لكنه حالياً يعمل لاستعادة المنطقة التي لها أهمية استراتيجية بالنسبة إليه، وكذلك أهمية خاصة بالنسبة إلى حلفائه الإيرانيين.

•في الأسبوع الماضي نُقل عن ضابط كبير [إسرائيلي] قوله إن روسيا حلّت محل إيران بصفتها المسيطرة على كل شيء في سورية، وأن كل شيء يجري كما تريد وكما تشتهي. لكن من المبكر نعي الدور الإيراني في سورية ونعي انتشار الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله فيها. في نهاية الأمر يقتصر الوجود الروسي في سورية على بضع عشرات من الطائرات الحربية، في حين لدى إيران وحزب الله عشرات الآلاف من المقاتلين، وجزء منهم من المتطوعين الشيعة استقدمهم الإيرانيون للقتال في سورية. وينتمي بضعة آلاف منهم إلى الميليشيا الشيعية "النجباء"، التي أعلن أعضاؤها في طهران أنهم بعد تحقيق النصر في سورية سيتوجهون إلى الجولان لمحاربة إسرائيل. صحيح أن الروس يسيطرون على بشار، لكنهم يحتاجون إلى الإيرانيين للمحافظة على حكمه ولإعادة سيطرة نظامه على أجزاء أخرى من سورية.

•في مثل هذا الوضع تركز إسرائيل اهتمامها على جبهة هضبة الجولان التي يريد الإيرانيون وحزب الله تحويلها إلى ملعب يستطيعون أن ينشطوا منه ضد إسرائيل بصورة غير مباشرة، ومن خلال استخدام أنصار بشار الأسد الذين جندوهم ودربوهم. في السابق، عندما تحركت إسرائيل ضد عناصر حزب الله مثل جهاد مغنية، رد الحزب بهجوم ضد جنود الجيش الإسرائيلي. لكن عندما يجري الحديث عن عمليات ينسبها الإعلام الأجنبي إلى إسرائيل ضد أنصار الأسد، يترك حزب الله الرد، وغالباً عدم الرد، للرئيس السوري. وهذا الأخير غير معني بفتح جبهة ضد إسرائيل، وهو لا يزال غارقاً في جبهات قتال ضد خصومه في سورية.

•يسعى الأسد إلى العودة إلى الحدود بمساعدة إيران وحزب الله وبدعم روسي، أما موسكو فليست معنية بحدوث مواجهة بين إسرائيل وحزب الله وإيران، لكن ثمة شك في أن تستخدم نفوذها لكبح هؤلاء وأن تفرض عليهم إرادتها.

•ونتيجة لذلك، لم يبق لإسرائيل سوى إدارة "معركة بين الحروب" على أمل أن تمنع هذه المعركة الحرب ولا تسرّع اشتعال الشمال، وعلى أمل أن تساعدها هذه المعركة إذا نشبت الحرب في النهاية.