•أدى الهجوم الذي نفذه عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في سانتا كاترينا (يوم الأربعاء) إلى مقتل ضابط وجرح أربعة جنود. وهذا الثمن، برغم فداحته بالنسبة إلى مصر، يعتبر معقولاً بالمقارنة مع الثمن الذي دفعته الدولة حتى الآن في حربها ضد التنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء. لكن بخلاف الخسائر الكبيرة التي مُني بها الجيش المصري في منطقة رفح والشيخ زويد شمالي سيناء، فإن لما حدث في دير سانتا كاترينا قصة أخرى، وهو ربما يدل على توجه قديم - جديد يعود إليه عناصر تنظيم داعش: التركيز على مواقع أثرية وعلى الأقليات في مصر.
•وعلى الرغم من تصريحات الرئيس المصري، فإن تنظيم داعش ينجح في تحدي القوات العسكرية والشرطة والاستخبارات المصرية، فالهجوم على دير سانتا كاترين هو الهجوم الثالث في غضون 10 أيام ضد الأقلية المسيحية. الهجومان السابقان استهدفا كنيسة في طنطا وأخرى في الإسكندرية، وكانا دمويين وأوقعا 45 قتيلاً. وقد نُفذ الهجوم على الكنيسة الواقعة في جنوبي سيناء قبل 10 أيام من الزيارة التي ينوي البابا فرانسوا القيام بها إلى القاهرة.
•أدت الهجمات ضد الأقلية المسيحية التي تشكل 10% من السكان في مصر، إلى إعلان الرئيس المصري حالة الطوارئ في الدولة، وحظي هذا الإعلان بدعم البرلمان، وبعد صدوره انتشرت قوات أمنية كبيرة في شتى أنحاء مصر للحؤول دون وقوع هجمات إضافية.
•منذ أكثر من 6 سنوات يخوض عبد الفتاح السيسي صراعاً ضد أوكار الإرهاب التي انضمت في وقت لاحق إلى جناح تنظيم داعش. لقد بدأ صراعه الشخصي مع الإرهاب منذ بداية خدمته العسكرية كقائد في منطقة سيناء حتى تعيينه في منصب الرئاسة. أمّا الرئيسان اللذان سبقاه، حسني مبارك ومحمد مرسي، فقد اعتادا أن يتجاهلا كلياً الباحة الخلفية – سيناء، وأعطيا الحرية للبدو للعمل في تجارة المخدرات والسلاح والبشر، وفي وقت لاحق الانضمام إلى تنظيمات إرهابية دولية مثل القاعدة وداعش. وكان يكفي مبارك أن تكون منطقة الجنوب آمنة، حيث المراكز السياحية، وحيث قصره الفاخر الذي كان يستجم فيه خلال الصيف.
•لقد ورث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دولة تعاني أزمة اقتصادية عميقة. فالثورتان اللتان وقعتا في مصر بالإضافة إلى تزعزع الوضع الأمني، كل ذلك فاقم تضاؤل الإيرادات المصرية المتراجعة. أما السياحة المصرية التي كانت تدر على مصر أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً وتشغّل 7 ملايين شخص في دوائرها المختلفة، فقد اختفت تماماً. لقد خاف السياح المجيء إلى أرض النيل وزيارة الأهرامات والفراعنة وفضلوا في البداية سيناء المعزولة، لكن فروع داعش في سيناء بدأت القيام بعمليات إرهابية ضد مواقع أثرية، فأخذت الفنادق تخلو من الزبائن وأغلق عدد منها أبوابه. وكان المسمار الأخير الذي دُق في نعش السياحة المصرية هو إسقاط تنظيم داعش طائرة روسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وبعد ذلك ألغت روسيا ومعظم الدول في أوروبا رحلاتها الجوية إلى مصر معلنة أن الإرهاب انتصر في تلك الدولة.
•يشكل عناصر داعش في سيناء عائقاً كبيراً في طريق عبد الفتاح السيسي من أجل إعادة مصر إلى عظمتها. إن ما يريد السيسي معالجته هو التراجع الاقتصادي والنفوذ الإقليمي وليس هجمات يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية.