من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•قررت الحكومة الأسبوع الماضي إجراء الاحتفال المركزي بمرور 50 عاماً على حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] في كفار عتسيون تحت شعار "تحرير يهودا، والسامرة، وبنيامين، والجولان ، ووادي الأردن". وبدلاً من التركيز على الموضوعات التي يوجد إجماع عليها تقريباً، مثل إنجازات الجيش الإسرائيلي، والعدد القليل الذي واجه الكثرة، أو الانقلاب الذي حدث بعد الحرب في ثقة إسرائيل بنفسها وفي مكانتها الدولية، تفضل الحكومة أن تجيّر لنفسها ولليمين إرث الحرب وأن تبعد عن احتفالات اليوبيل جزءاً أساسياً من الجمهور اليهودي داخل إسرائيل وخارجها يعتقد أن "التحرير" المقصود له عدة وجوه مختلف عليها، ولا تشكل بمجملها سبباً للاحتفال.
•لقد أشارت وزيرة الثقافة ميري ريغيف التي بادرت إلى تنظيم الحدث مع وزير التعليم نفتالي بينت، إلى ضرورة أن تبقى "الصلة العميقة" بهذه المناطق من أرض إسرائيل "فوق أي خلاف سياسي". بالطبع هي على حق، لكنها أيضاً تتعمد التضليل. عندما طرحت ريغيف اقتراحها للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر الأخير، طلبت دمج الاحتفالات بتحرير المناطق بيوم تحرير القدس. نبهها الوزير زئيف إلكين بأن عليها ألا تفعل ذلك لأن هناك إجماعاً على القدس، مما يعني أنه من الواضح بالنسبة إلى ريغيف والوزراء الآخرين أن قرار الدمج بين الاحتفال بمرور 50 عاماً على الحرب و"تحرير" المناطق، سيثير خلافاً وعدم ارتياح، لكن ليست لديهم مشكلة مع ذلك لأن هذا هو تحديداً ما يريدونه.
•إن احتفالات "التحرير" ستكون مُعقّمة: فهي لن تتطرق إلى الاحتلال وقمع ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي هي في نظرهم غير محررة، وإلى حرمانهم حقوقهم الأساسية. كما أن الاحتفال المذكور أعلاه لن يشمل أيضاً التقدير الذي يتشارك فيه كثيرون بأن التحرير المذكور تحول إلى استعباد لإسرائيل واليهود لا أقل عما هو بالنسبة للفلسطينيين، ولن يتناول الاحتفال بالطبع الثمن الاقتصادي والأخلاقي والدولي الذي دفعته إسرائيل وما تزال تدفعه. هذا من دون الحديث عن كونه ليس سهلاً بالنسبة إلى العرب في إسرائيل الذين تتعامل معهم الحكومة كأنهم غير موجودين.
•إن ما يجري هو مرحلة أخرى في سياسة ثابتة لتطبيع الاحتلال وتحويل الموقف المعارض له إلى موقف انهزامي وخياني، والتي هي سمة مميزة في حكومة نتنياهو - الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. وتجلى ذلك أيضاً من خلال إدخال برامج قومية إلى برامج التعليم، وفي الصراع الشرس ضد منظمات مدنية تناضل ضد الاحتلال وتخوينها، وفي تحويل المطالبة بمقاطعة المستوطنات إلى سبب لمنع الدخول إلى إسرائيل وغير ذلك. هناك أعضاء كثر في المعارضة يشاركون في هذه الخطوة كي يتهربوا من تصنيفهم بأنهم من اليسار، ومعهم أغلبية وسائل الإعلام التي تتجاهل في تقاريرها ما يجري في المناطق [المحتلة] والمضايقات والإهانات التي يعانيها الفلسطينيون منذ 50 عاماً.
•إن نتنياهو ووزراءه ليسوا معنيين بإجراء نقاش أيديولوجي مع خصومهم من اليسار، وما يهمهم هو نزع الشرعية عنهم والتشكيك بولائهم وإبعادهم عن المعسكر. وكل من لا يشاركهم في نظرتهم يوصم بأنه يغرز سكيناً في ظهر الأمة. ويحقق هذا التكتيك نجاحاً: فالعديد من اليساريين في البلد ومن اليهود الليبراليين في الخارج، ينظرون إلى صورة إسرائيل المتغيرة ويقولون لأنفسهم إذا كانت هذه هي الصهيونية فإنهم على ما يبدو ليسوا صهيونيين.
•وبالطبع العكس هو الصحيح: إن محاولة زرع التفرقة والاستفادة من الخلافات، واستبعاد شرائح من الشعب، كما فعلت الحكومة أيضاً في قرارها إحياء ذكرى حرب الأيام الستة بالاحتفال بتحرير يهودا والسامرة والجولان وغور الأردن، هو تجسيد للعداء للصهيونية.