الرد على سؤال الرئيس ترامب يجب أن يأتي من الجمهور الإسرائيلي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني

•الوضع غير المستقر والفوضوي للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أصبح أكثر تعقيداً مع مجيء الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة. وإذا كان واضحاً حتى الآن أن الهدف المتفق عليه من الطرفين هو حل الدولتين مع وجود خلافات حادة بشأن تفاصيل الحل والسبل المؤدية إليه، فإن قول الرئيس ترامب إنه يؤيد حل الدولة الواحدة أو الدولتين - أي شيء يتفق عليه الطرفان- زاد درجة جديدة من التعقيد، وأعاد العملية إلى الوراء.

•الائتلاف اليميني بقيادة المستوطنين يحتفل، فهو يعتقد أن الطريق أصبح معبّداً لضم مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، أو على الأقل المنطقة ج، لكن ينسى هؤلاء أن السبب الذي جعل إسرائيل لا تضم المناطق [المحتلة] طوال 50 عاماً لا يعود إلى معارضة إدارة أوباما أو الإدارات التي سبقتها، بل لأن مثل هذا الضم ينطوي على خطر خراب المشروع الصهيوني. في كلامه المحير يسأل ترامب إسرائيل ما إذا كانت معنية بدولة واحدة ينشأ فيها واقع حرب أهلية مثل الحرب في سورية أو واقع الأبرتهايد مثل الذي كان في جنوب أفريقيا في القرن الماضي؟ أم أنها تفضل واقع الدولتين الذي يسمح بوجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية؟

•إن الرد على هذا السؤال يجب أن يأتي من الجمهور الإسرائيلي وليس من السياسيين. 

•عاجلاً أم آجلاً- سواء بسبب عدم موافقة الطرفين على حل الدولة الواحدة أو بسبب عدم سماح المجتمع الدولي بمثل هذا الحل- فإن ترامب نفسه سيوضح أن الإدارة تفضل حل الدولتين، الذي هو الحل الوحيد القابل للحياة، ويعبر عن مصلحة أميركية واضحة كما أشار إلى ذلك سابقاً وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس. وكلام ترامب عن المستوطنات وملاحظة نتنياهو في مركز الليكود المتعلقة بالخلاف مع الإدارة الحالية في موضوع المستوطنات، يعززان هذا التقدير.

•وبهدف الدفع قدماً بحل الدولتين، يجب أن نأمل أن تنجح إدارة ترامب في الامتناع عن ارتكاب أخطاء الإدارات السابقة، وأن تستخدم  تقنية مأخوذة من عالم مفاوضات رجال الأعمال من أجل حث الطرفين على المضي قدماً بصورة جدية، وذلك بخلاف إدارة أوباما التي لم تترك وسيلة لم تستخدمها من أجل تشجيع حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، لكنها فشلت بسبب المقاربة غير المتوازنة التي أظهرت تمسكاً دوغماتياً بمفاوضات ثنائية على الحل الدائم فقط، وامتنعت عن استخدام الضغط الذي كان من الممكن من خلاله زحزحة الطرفين عن مواقفهما المتصلبة.

•إن عدم الثقة المطلقة بين الطرفين يفرض إعادة تحديد العملية [السلمية] بصورة لا تتطلب مستوى عال من الثقة، وتشمل تدخلاً فاعلاً من جانب المجتمع الدولي. وهذه النظرة المحدّثة يجب أن تدمج بين هدف محدد بصورة جيدة- على شاكلة خطة حل الدولتين الذي يقدم جواباً دقيقاً على المشكلات الجوهرية- وطلب غير متهاون من الطرفين بالتقدم تدريجياً وبصورة مستقلة نحو هذا الهدف. والشرط الحتمي للتقدم في المبادرة المشتركة هو تعزيز الشعور بالأمن لدى مواطني إسرائيل.

•ومثل الصفقات المعقدة التي لدى ترامب خبرة فيها، فإن المطلوب هو أفكار مبتكرة وتوازن بين الدبلوماسية والضغط. لهذا، فإن إعادة تحديد عملية السلام يجب أن تتضمن ائتلافاً إقليمياً ودولياً يدفع بالمفاوضات نحو اتفاق دائم، في موازاة التقدم التدريجي نحو واقع حل الدولتين حتى في ظل غياب اتفاق. وهذا التقدم يجب أن يقوم به كل طرف بطريقة مستقلة وغير مشروطة، وعلى الطرفين أن يفهما أنهما سيدفعان ثمناً دولياً إذا أفشلا هذا التقدم.

•عندما يكون للولايات المتحدة مصلحة في الدفع قدماً بحل فهي تعرف جيداً كيف تفعل ذلك من خلال استخدام ضغوط مناسبة. ومن بين الأمثلة الكثيرة الاتفاق الموقت بين إسرائيل ومصر بعد حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] الذي بادر إليه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، واتفاق السلام مع مصر الذي حققه الرئيس كارتر، ومؤتمر مدريد سنة 1991 الذي بادر إليه وزير الخارجية الأميركي جيمس بايكر بدعم من الرئيس بوش الأب، والذي أدى إلى اتفاقات أوسلو واتفاق السلام مع الأردن الذي تحقق بمساعدة الرئيس كلينتون، وخريطة الطريق العائدة إلى سنة 2003 التي ساهمت في اتخاذ قرار الانفصال عن قطاع غزة [سنة 2005].

 

•وعلى الرغم من شكوك المعسكر المعتدل في إسرائيل، تملك إدارة ترامب قدرة خاصة أكثر من الإدارات السابقة للدفع بالحل، فهي قادرة على تشكيل ائتلاف دولي واسع تشارك فيه روسيا ودول أوروبية، ودول عربية معتدلة بما فيها "الرباعية العربية" من أجل نفخ الروح من جديد في الرباعية [اللجنة الرباعية الدولية]. ومع مرور الزمن سيؤدي التقدم التدريجي والمستمر نحو واقع الدولتين بواسطة خطوات موقتة مستقلة وبناءة، إلى استقرار وتطبيع، ويمكن أن يسمح أيضاً بالتوصل إلى اتفاق دائم إقليمي. وسيشكل مثل هذا الاتفاق بقيادة الرئيس ترامب الصفقة النهائية التي تستحق أن تسجل في الجانب الإيجابي من التاريخ. إن مهمة الجمهور الإسرائيلي هي إعطاء جواب واضح على السؤال الذي طرحه ترامب. 

____________

   حركة "مستقبل أزرق أبيض" هي حركة سياسية مستقلة هدفها الدفاع عن حل الدولتين لشعبين، وأن تبقى إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية.